أخبار

“ميدل إيست آي” البريطاني: فرنسا تعرقل جهود السلام في ليبيا من أجل مصالحها الاقتصادية والأمنية

(مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث – ترجمات)

بعد الفشل الذي مني به هجوم اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر على العاصمة طرابلس، وسيطرة حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا على الأوضاع بمساعدة تركيا، بات المشهد مهيأ لمحادثات سلام جديدة من زوايا مختلفة.

ورغم ذلك، تصر فرنسا على اتباع نهج أحادي يلغي منافسيها ويجعل منها القوة الوسيطة المهيمنة في ليبيا، كما تسعى الآن لتقويض دور تركيا، متجاهلة بذلك الحاجة الملحة لتوحيد صف مختلف الفرقاء الدوليين لحل الصراع الليبي.

بهذه المقدمة استهل الكاتب الصحفي جوناثان فنتون هارفي مقالا له بموقع ميدل إيست آي البريطاني (Middle East Eye) تحت عنوان “أزمة ليبيا.. كيف تحبط فرنسا السلام؟”، سلط فيه الضوء على التناقض الذي يطبع موقف باريس من القضية الليبية، وسعيها لخدمة مصالحها الاقتصادية والأمنية الضيقة، وإن كان ذلك على حساب تحقيق السلام في البلد الذي مزقته الحرب.

تناقض صارخ

وأشار المقال إلى أن انسحاب فرنسا من فريق حلف شمال الأطلسي (ناتو) المشارك في عمليات التفتيش البحري بمنطقة شرق المتوسط تطبيقا لحظر السلاح الدولي المفروض على ليبيا مطلع الشهر الجاري، سلّط الضوء على عدائها الواضح لتركيا التي أحبطت مصالحها الجيوسياسية في المنطقة.

وفي الوقت ذاته تحرص فرنسا على تقديم نفسها بصفتها لاعبا دبلوماسيا محايدا في ليبيا، وقد جددت دعوتها حديثا لمختلف الفرقاء في ليبيا للعودة إلى طاولة المفاوضات في بيان مشترك أصدرته مع كل من إيطاليا وألمانيا.

ويقول الكاتب إنه وخلال قمة باريس التي انعقدت عام 2018 بهدف التوصل إلى حل سياسي للأزمة الليبية، عبّرت أطراف ليبية وأخرى دولية عن خشيتها من أن فرنسا تسعى لأن تحل محل جهود الأمم المتحدة لتوجيه محادثات السلام بما يخدم مصالحها الخاصة، وأشارت مجموعة الأزمات الدولية في بيان إلى أن “عددًا من الأطراف الليبيين تمت دعوتهم للحضور على الهامش ولكن لم يُطلب منهم التوقيع على الاتفاقية”، مشيرة إلى أن باريس تحاول اختيار اللاعبين المفضلين لديها في المشهد الليبي واستبعاد الأطراف الأخرى.

مطامح باريس

وأشار الكاتب إلى أن رغبة فرنسا في تنصيب نفسها قوة مؤثرة في السياسة الخارجية ليست جديدة، حيث يرى المحللون السياسيون أن أحد دوافع الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي لدعم ثورة 2011 ضد معمر القذافي كان مساعيه لاستعادة دور فرنسا كقوة عسكرية أوروبية مهيمنة.

وبعد انزلاق ليبيا للحرب الأهلية وعدم الاستقرار، استمرت فرنسا في التركيز على حلول تخدم مصالحها الاقتصادية والأمنية الخاصة، وبدأت في مغازلة حفتر، الذي رأت فيه شريكا مهما يمكنه تقديم ضمانات ضد سيطرة التطرف وتأمين مصالحها الاقتصادية التي من ضمنها عمليات استكشاف وإنتاج النفط من قبل شركة توتال الفرنسية، وفقا للمقال.

وقد زودت باريس قوات أمير الحرب حفتر بالمعدات العسكرية والتدريب، وشوهدت مليشياته وهي تستخدم الصواريخ الفرنسية خلال هجومه العسكري على طرابلس الذي انطلق في أبريل/نيسان 2019.

تقويض جهود السلام

ويرى الكاتب أن موقف فرنسا يشوبه الكثير من التناقض، حيث أعلنت دعمها لمسار السلام وتعاطت مع حكومة الوفاق الوطني ورئيس وزرائها فايز السراج، عكس بعض الدول الأخرى المؤيدة للجنرال المنشق كمصر والإمارات، ولكن علاقاتها الخفية مع حفتر تتعارض مع دعمها المعلن لمبادرات السلام، بما في ذلك مؤتمر برلين الرامي إلى التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وفرض حظر على الأسلحة، وكلها مبادرات يرفضها حفتر الذي يسعى للسيطرة على ليبيا بالقوة.

ورغم المناورة الفرنسية، يقول الكاتب، كان من الواضح أن هجوم حفتر لن يكلل بالنجاح، وقد أدخل البلاد في مأزق طويل.

وقد حطم التدخل التركي لدعم حكومة الوفاق رؤية باريس لمستقبل ليبيا، حيث وقعت أنقرة والوفاق المعترف بها دوليا صفقة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تعطي تركيا الضوء الأخضر للتنقيب عن النفط في الشواطئ الليبية، الأمر الذي يهدد مصالح فرنسا في شرق البحر الأبيض المتوسط.

بيد أن دور فرنسا في ليبيا لا يقتصر فقط على إقصاء تركيا، فقد منعت باريس الاتحاد الأوروبي من إدانة حفتر، وقد أدت تلك الجهود في نهاية المطاف إلى إضعاف دور الاتحاد في ليبيا حتى قبل هجوم حفتر الأخير ودخول تركيا طرفا في الحرب الليبية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق