تقارير

السعودية تعطي الأذن الطرشاء إلى انتقادات مجلس حقوق الأنسان

خاص – مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث

لم يعُد مستغربًا أن تتصدر المملكة السعودية عناوين الأخبار بسجلها الحقوقي السيئ، ولا هو شيء عجيبٌ أن تكون المملكة محور النقاشات التي تدور حول حقوق الأنسان في المحافل الدولية، فسجل المملكة الحقوقي وانتهاكاتها في هذا المجال لم تعد خافية على أحد، بل وصل الأمر إلى أن السلطات السعودية، لم تعد تهتم إلى هذا الأمر ولا تلقي بالًا إلى الانتقادات الدولية الموجهة إليها بسبب انتهاكها لحقوق المواطن السعودي، وكأن المثل العربي القديم ينطبق عليها تمامًا حينما يقول: “المُبلل لا يخشى المطر”. فالسعودية بعد أن أوغلت في انتهاكاتها لحقوق مواطنيها وغير مواطنيها، ولم تعُد تتأثر بتلك الانتقادات، وتمضي قدمًا في أساليبها الوحشية، دون النظر إلى الحق الإنساني في وجوب احترام الحكومات لشعوبها وصونِ كرامتهم.

مؤخرًا عُقدت الدورة الـ 47 لمجلس حقوق الانسان في جنيف، لتتصدر الانتهاكات الجسيمة التي تحدث في المملكة السعودية جدول اعمال هذه الدورة الجديدة، وفي الوقت الذي أستعرض المجلس خلال دورته، تقارير حول مجموعة واسعة من قضايا حقوق الإنسان، وشارك فيها أكثر من 30 حوارًا تفاعليًا مع خبراء ومنظمات حقوق الإنسان، واستمعوا الأعضاء إلى حوالي 70 تقريرًا حول مجموعة واسعة من القضايا، كانت قضايا انتهاك حقوق الانسان في السعودية، واحدة من أبرز التقارير التي نوقشت في هذه الدورة.

وقدمت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الأنسان، ميشيل باشليت، تقريرها السنوي عن أنشطة مكتبها وتقرير حالة حقوق الإنسان في العالم، لتذكر فيه، أن السعودية كانت من بين الدول التي أثارت المخاوف من حجم تصاعد الانتهاكات فيها خلال الدورة الماضية للمجلس. وأكدت باشليت، أن السعودية ما زالت تمارس الاعتقال التعسفي ولا تحمي حرية الرأي والتعبير، وأعربت عن أسفها لذلك، لأنه يأتي في ظل انتكاسات شديدة لحقوق الإنسان في ظل تآكل الحيز الديمقراطي والمدني في المملكة.

يُذكر أن السعودية واجهت سلسلة من الانتقادات خلال الدورات السابقة للمجلس، ورغم أن السلطات السعودية، كما هي العادة قامت بتجديد وعودها بتنفيذ الالتزامات الواردة في ملفات حقوق الإنسان، إلا أنها وفي كل مرة تفشل في تنفيذ تلك الوعود، وتبقى الحالة الحقوقية والإنسانية للمواطن السعودي في المملكة، في أسفل سلم أوليات السلطات الحاكمة هناك.

انتهاكات حقوق الأنسان في المملكة مستمرة رغم الادانات الدولية

ورغم الإدانات الدولية المستمرة للممارسات التعسفية التي تقوم بها السلطات السعودية بحق المواطنين السعوديين، وحرمانهم من أبسط حقوقهم السياسية والثقافية، إلا أنها تستمر في ذلك، غير عابئةٍ بتلك الادانات. وقبل أقل من أسبوعين، قامت السلطات السعودية بإعدام القاصر مصطفى آل دريش، في انتهاك لوعودها أمام مجلس حقوق الإنسان بشأن إعدام القاصرين. وأقدمت السلطات السعودية على قطع رأس المعتقل الشاب وهو مقيد اليدين، ثم التخلص من جثمانه في مكان مجهول بتهمة “الخروج على ولي الأمر”. يذكر أن المعدوم كان قاصرًا أثناء اعتقاله عام 2015.

وإلى جانب ملف الإعدامات، استمرت الانتهاكات في العديد من ملفات حقوق الإنسان، بما في ذلك استمرار الاعتقالات التعسفية والتعذيب ومحاكمة النشطاء والمدافعين عن حقوق الانسان، دون أي أمل في إجراء إصلاحات جذرية.

السعودية تفشل في الحصول على عضوية مجلس حقوق الانسان بالمنظمة الدولية

يُذكر أن المملكة السعودية، قد فشلت في أكتوبر 2020، بإقناع الجمعية العامة للأمم المتحدة لانتخابها كعضو في مجلس حقوق الأنسان، رغم نجاح الصين وروسيا لعضوية المجلس، اللّتان معروفتان بانتهاكاتها لحقوق الانسان في بلديهما. وتُظهر نتيجة فرز الأصوات النهائية لمقاعد أسيا والمحيط الهادي، تقدم الباكستان وأوزبكستان ونيبال والصين، خالية من أسم السعودية، الأمر الذي يُظهر دون شك على مدى الشكوك الدولية في ملف الانتهاكات السعودية لحقوق الانسان داخل المملكة. وكانت السعودية في عام 2016 قد حصلت على 152 صوتًا لصالحها، لكنها فشلت في عام 2020 في الحصول سوى على 90 صوت فقط بانخفاض 40%. الأمر الذي رحَّبت فيه أوساط سياسية وحقوقية أوروبية حينها، بإخفاق المملكة العربية السعودية في شغل مقعد في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

وكانت الرياض، قد تعرضت لانتقادات شديدة من منظمات أوروبية بسبب سجلها الحقوقي، ودفعت تلك المنظمات إلى إطلاق حملة لمنع المملكة السعودية من شغل مقعد في مجلس الأمم المتحدة. الأمر الذي اعتبرته صحيفة “الجارديان” البريطانية، بأنه يمثل ضربة قاسية لجهود المملكة الساعية لتحسين صورتها في أعقاب اعترافها بقتل مسؤولين تابعين لها للصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده، واحتجازها لنشطاء وحقوقيين ومؤيدين للديمقراطية.

فيما انتقدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” عدم إدراج التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن على قائمة الدول المنتهكة لحقوق الأطفال، والمعروفة بـ”قائمة العار”، والتي يصدرها سنويا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش. وأعربت منظمة إنقاذ الطفولة، عن خيبة أملها من قرار عدم إدراج التحالف، ما يعني أن العديد من الجرائم ضد الأطفال في هذه البلدان ستظل غير موثَّقة، وستظل المحاسبة بعيدة المنال. وحثت المنظمة الأمين العام بقوة، على إعادة النظر في قراره وجعل أطراف الصراع في جميع أنحاء العالم على نفس المستوى.

وفي دراسة قامتا بها منظمة “Brut de Welt” ومنظمة (Terre des Hommes) أطلقت عليها “الأسلحة الصغيرة في الأيدي الصغيرة” أشارتا فيها إلى أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللَّتان تقودان تحالفًا عسكريًا في حرب اليمن منذ عام 2015. تسببتا في قتل أو تشويه ثمانية آلاف طفل على الأقل في هذا الصراع، نصف الضحايا على يد التحالف العسكري الذي تقوده السعودية.

وسلَّطت وسائل الأعلام العالمية، على أن السلطات السعودية تعتقل 40 قاصرًا في سجونها وينتظرون عقوبة الإعدام على خلفيا قضايا تتعلق باحتجاجات القطيف عام 2011. وذكرت مصادر حقوقية أنه رغم تقديم السلطات السعودية التزامًا بإيقاف عقوبة الإعدام ضد القصَّر، إلا أن العشرات يواجهون الإعدام بتهم تعسفية. وطالبت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية السلطات السعودية، عدم تنفيذ أحكام الإعدام الجائرة بحق القاصرين والحدث، والانضمام إلى الغالبية العظمى من الدول في حظر عقوبة الإعدام للأطفال في جميع الحالات دون استثناء. يذكر أن منظمة حقوقية وثَّقت 844 حالة إعدام لسعوديين وأجانب في المملكة منذ بداية حكم الملك سلمان بن عبد العزيز ونجله (2015- 2021).

أما منظمة غرانت ليبرتي لحقوق الإنسان، فقد وصفت حملة القمع المتجددة للنظام السعودي ضد السجناء السياسيين، بأنها نتيجة لفشل إدارة بايدن في فرض عقوبات على ولي العهد، وبالتالي أدى إفلات السلطات السعودية من العقاب إلى إطلاق يدها في معاقبة منتقديها من القابعين في سجونها.

فيما أشارت منظمات المجتمع المدني على نية شركة جوجل لتقديم الخدمة السحابية في المملكة، إلى سجل المملكة في قمع كافة المعارضة العلنية، وأكدت على أن السعودية بلد غير آمن لاستضافة خدمات جوجل السحابية، وأشارت تلك المنظمات الحقوقية، إلى سجل المملكة في “الاتهامات بالتجسس، واختراق منصات التكنولوجيا، واستخدام برمجيات المراقبة السيبرانية للتجسس على المنشقين، والنظام العدلي سيئ السمعة الذي ينتهك بشكل صارخ، الحق بإجراءات قانونية صحيحة”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق