تقارير

“صفقة القرن”.. الفلسطينيون يتحركون على الأرض ويقررون المواجهة

بعد أيام من إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خطته المزعومة للسلام في الشرق الأوسط، المعروفة إعلامياً بـ”صفقة القرن”، بدأ الفلسطينيون بالتحرك على الأرض لمواجهة تصفية قضيتهم عبر تنفيذ العديد من العمليات الفدائية ضد أهداف إسرائيلية عسكرية.

وشهدت مدن الضفة الغربية المحتلة باكورة العمليات؛ إذ أصيب، الخميس الماضي، 14 جندياً إسرائيلياً على الأقل، أحدهم بجراح خطيرة، في عملية دهس عند حي الثوري ببلدة سلوان جنوبي القدس المحتلة، وجرت على مرحلتين، إضافة إلى عمليتي طعن.

واستهدفت العملية جنوداً من لواء جولاني كانوا عائدين من طقوس أداء اليمن، في حين اشتدت بعدها المواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال في عدد من مدن الضفة الغربية، استشهد على أثرها 4 فلسطينيين.

وسريعاً حمّل رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الرئيس الفلسطيني المسؤولية عن العمليات، مع تهديده بأن عمليات الطعن لن تفيده، وهو ما ذهب إليه  جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكي، بقوله إن هناك “مسؤولية” تقع على عاتق عباس في “أعمال العنف الأخيرة”.

وقال نتنياهو في رسالة موجهة لعباس: “الدهس والطعن والتحريض لن يُساعدوك، سنعمل كل ما هو مطلوب للحفاظ على أمننا، وسوف نحددُ حدودنا لتأمين مستقبلنا، سنفعل ذلك معك أو بدونك”.

تحركات عباس

الرئيس الفلسطيني رد برسالة غير مباشرة على تهديدات نتنياهو من خلال اتصاله بعائلة الشهيدين؛ الشرطي طارق لؤي بدوان (25 عاماً) من قلقيلية، والفتى يزن منذر أبو طبيخ (19عاماً) من جنين، وتعزيتهم باستشهادهما.

وعبر عباس خلال اتصال هاتفي مع والد الشهيد بدوان عن استنكاره وإدانته لما قال إنها جريمة بشعة تأتي في إطار الجرائم الإسرائيلية ضد شعبنا الأعزل بهدف إرهابه.

وشدد رئيس السلطة على أن الشعب الفلسطيني سيبقى متمسكاً بأرضه ومدافعاً عنها، وهي لغة جديدة بدأ يستخدمها “أبو مازن” بعد إعلان “صفقة  القرن”، وفق مراقبين.

وكشف الرئيس الأمريكي، في 28 يناير 2020، عن خطته لتسوية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وسط ترحيب إسرائيلي كبير بها، ورفض فلسطيني على مختلف المستويات، في حين شهدت مراسم إعلان الخطة حضور سفراء 3 دول خليجية؛ هي الإمارات والبحرين وسلطنة عُمان.

وتتضمن الخطة إقامة دولة فلسطينية “متصلة” في صورة “أرخبيل” تربط ما بينه جسور وأنفاق بلا مطار ولا ميناء بحري، وعاصمتها “في أجزاء من القدس الشرقية”، مع جعل مدينة القدس المحتلة غير المقسمة أو المجزأة عاصمة موحدة لـ”إسرائيل”.

كما تنص “صفقة القرن” على تجريد قطاع غزة من السلاح، في إشارة إلى سلاح المقاومة لدى “كتائب القسام”، و”سرايا القدس” الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وإجبار الفلسطينيين على الاعتراف بـ”يهودية إسرائيل”، وهو ما يعني ضمنياً شطب حق عودة اللاجئين إلى ديارهم وأراضيهم التي هُجِّروا منها عام 1948.

عمليات قادمة

الخبير في الشؤون الإسرائيلية عمر جعارة، يتوقع أن تشهد الأراضي الفلسطينية مزيداً من العمليات ضد أهداف عسكرية إسرائيلية خلال الأيام القادمة؛ وذلك بسبب وجود تأكيد راسخ لدى الفلسطينيين بأن خطة ترامب ستنهي ما تبقى لهم من أرضهم.

وستتخذ العمليات، وفق حديث “جعارة”، لـ”الخليج أونلاين” أشكالاً مختلفة؛ سواء من خلال الطعن بالسكاكين ضد جنود في جيش الاحتلال الإسرائيلي عند الحواجز العسكرية المنتشرة في الضفة الغربية المحتلة، أو من خلال الدهس بسيارات الفلسطينيين للمستوطنين والجنود.

ويستبعد جعارة أن تكون السلطة الفلسطينية وراء العمليات التي شهدتها مدن الضفة الغربية المحتلة، رغم اتصال عباس بأهالي الشهداء وتعزيتهم، وتهديده بإنهاء العلاقات الأمنية مع سلطات الاحتلال ووقف التنسيق الأمني.

وكان عباس خلال كلمته أمام الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب، بداية الشهر الجاري، أعلن قطع أي علاقة -وضمنها الأمنية- مع “إسرائيل” والولايات المتحدة، مؤكداً أنه سيتحرر من التزاماته بموجب اتفاق أوسلو الذي “نقضته” إسرائيل بتبنِّيها خطة السلام الأمريكية.

المختص بالشؤون الإسرائيلي يؤكد أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي أصبح لديها الآن تقديرات أمنية بأن مدن الضفة الغربية مقبلة على مواجهة شرسة معها بسبب رفض الفلسطينيين لـ”صفقة القرن”.

حماس تُعلق

بدوره قال حسام بدران، عضو المكتب السياسي للحركة في بيان: إن “ما يجري في الضفة الغربية من تصاعد أعمال المقاومة هو تعبير عن رفض الشعب الفلسطيني لصفقة القرن”.

وشدد على أن “تفعيل المقاومة والانتفاضة هو الرد الذي يمكن الاعتماد عليه لصد العدوان الصهيوني المستمر على شعبنا”، لافتاً إلى أن حركته “تسعى جاهدة لتوحيد الجهود الفلسطينية لمواجهة صفقة القرن”.

واعتبر أن “إيجاد استراتيجية فلسطينية موحدة هو ضرورة وطنية من أجل مواجهة صفقة القرن”، مؤكداً جاهزية الحركة لأي لقاء وطني لمواجهة خطة ترامب.

وأشار إلى أن “زيارات رئيس الحركة، إسماعيل هنية، للدول تأتي في إطار تحشيد الجهود الرسمية والشعبية لنصرة القضية الفلسطينية، ولمواجهة صفقة القرن”.

أيام صعبة قادمة

وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي، نفتالي بينيت، أكد بدوره أن الأيام المقبلة “صعبة وقاسية” على إسرائيل؛ في ظل عودة العمليات لشوارع الضفة الغربية والقدس المحتلتين.

وقال بينيت خلال زيارته جنوداً أصيبوا بعمليات، الخميس (6 فبراير)، في مستشفى “هداسا” بالقدس أن الواقع ليس سهلاً، وأن هناك “قتلى في صفوف الفلسطينيين وجرحى في صفوف المستوطنين والجنود”، متوعداً بـ”الوصول إلى منفذي العمليات وتصفية الحساب معهم”.

كذلك قرر وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، جلعاد أردان، رفع حالة التأهب بمدينة القدس، وتعزيز قوات الشرطة بألف عنصر، في محيط المسجد الأقصى.

وبحسب القناة العبرية، تأتي هذه التحركات في أعقاب وقوع ثلاث عمليات أمنية بالأمس بالضفة والقدس، وتخوفاً من وقوع تظاهرات ومواجهات مع الفلسطينيين.

ونقلت القناة عن الوزير أردان قوله: إن “المكان الأكثر قابلية للانفجار هو المسجد الأقصى، ولقد أعطينا تعليمات بتعزيز قوات الشرطة بالمكان تحسباً لاندلاع مواجهات بعد صلاة الجمعة”.

وأشارت القناة العبرية إلى أن هذه الأحداث الأمنية في الضفة الغربية والقدس، أو قطاع غزة، تأتي على خلفية إعلان خطة التسوية الأمريكية، المعروفة بصفقة القرن.

المصدر – الخليج أونلاين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق