تقارير

عقد النقص لحكام الإمارات قادتهم لنهب وسرقة آثار الأخرين واختلاق وقائع هزلية لتاريخ مزيف

خاص – مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث

يروى لنا التاريخ، إن دول العالم، وفي سبيل رفعتها وتقوية بلادها، تعمل على الأخذ بأسباب ذلك في تنمية العلم والثقافة والفن وتأخذ أسباب القوة من تسليح وتجنيد لأبنائها دفاعًا عن أرضها، بل أن بعض الدول تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، لتكتسب أسباب القوة من خلال طرقٍ تتعارض مع مبادئ الإنسانية، من خلال نهبها لخيرات البلدان الأخرى واستغلال طاقاتها واستعباد شعوبها، كما كانت تفعل الدول الاستعمارية قبل عشرات السنين.

لكن الذي لم نسمع به، أن تقوم دولة ما بمحاولة صنع تاريخٍ مزيفٍ لها، من خلال سرقة أثار باقي الشعوب وتاريخها، ونسبه إليها بكل وقاحة، وبشكل مثير للضحك والاستهزاء كما تفعل دولة الإمارات، فهذا ما لم نسمع به من قبل، فهي تريد شراء أو سرقة تاريخ باقي الشعوب لتنسبها لنفسها، وتجعل من نفسها مهدًا للحضارات الإنسانية! في الوقت الذي لم يذكر لنا التاريخ شيء يخص هذه البقعة الجغرافية من العالم، أو أن حضارة قامت عليها فيما سبق.

الإمارات تقدم روايات تاريخية مثيره للسخرية

وفي سبيل ذلك، أقدم المسؤولون الإماراتيون على اتخاذ بعض السرديات لدعم تاريخها العريق المزعوم، للدرجة التي أصبحت مادة هزلية مثيرة للسخرية والاستهزاء من قبل الأخرين، فهم قاموا بربط الإمارات بتاريخ الفراعنة، واختلاق الوقائع، من خلال الترويج لفكرة أن أهرامات الجيزة كانت مستوحاة من جبل “حفيت” الموجود في أبوظبي. حينما قام الإعلام الإماراتي الرسمي بالترويج إلى أن مدافن العين، قد تم بنائها قبل 3200 سنة قبل الميلاد، وإن الفراعنة قاموا باستلهام فكرة بناء اهرامات الجيزة منها! الأمر الذي أثار سخرية واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي.

لم يكتفوا بذلك، إنما قاموا بالإعلان عن أن أول من صك العملات في التاريخ هي الإمارات! تحديدا في عهد الملكة الاماراتية آبيل التي هي من حفيدات هابيل، وهي من ملوك مليحه شيوخ الشارقة في العهد البرونزي 2500 سنة قبل الميلاد، هذا بالضبط ما قام بنشره المدعو منصور خلفان الذي يدَّعي إنه متخصص بالحضارة الإماراتية. وتستمر الإمارات في مسلسلها الهزلي هذا، لتدعي بأنها قد اكتشفت اكتشافًا مذهلًا، تمثل بالعثور على أقدم “رماد” في العالم! وهو من بقايا “جمر” استخدمه جد الإماراتيين قبل 7500 عام، بالإضافة إلى اكتشاف أقدم “سكين” إماراتي قبل بناء اهرامات الجيزة بألف مرة، وعمره ١٢٥ ألف عام!

وتستمر الاكتشافات الإمارتية المثيرة للسخرية، بالإعلان عن اكتشاف أقدم “ثعبان حديدي” من حضارة الإمارات في العصر الحديدي (1300 ق. م – 300 ق. م) في مناطق “رميلة وجرن بنت سعود” في العين بأبوظبي! ولزيادة السخرية من الادعاءات الإماراتية، خرج نائب رئيس شرطة دبي الفريق المتقاعد ضاحي خلفان والمقرب من ولي عهد ابوظبي محمد زايد، ليؤكد أن أهرامات الجيزة أصلها إماراتي. وجاءت تصريحات ضاحي خلفان المثيرة للسخرية، بعد تغريدة الإماراتي منصور خلفان، التي زعم فيها أن هناك تاريخًا مشتركًا بين الفراعنة وبين حضارة الامارات،

عقدة النقص هي من تقف وراء سعي حكام الإمارات لسرقة تاريخ الشعوب

يذهب بعض المراقبين، إلى تفسير الرغبة الجامحة لحكام الإمارات، بسعيهم المحموم لسرقة تاريخ الشعوب ومحاولة نسبها إلى البقعة الجغرافية التي تسمى الإمارات، بأنه تعبير واضح عن عقدة النقص التي يعانيها حكام الإمارات تجاه الشعوب التي تمتلك إرثًا تاريخيًا يمتد سحيقًا في عمق التاريخ، ويحاول حكام الإمارات مقارنة أنفسهم مع دولٍ وشعوبٍ، أسست دولًا وإمبراطوريات قبل ما يزيد عن سبعة ألاف سنة، رغم أن تاريخ بلدهم لم يتجاوز الخمسين سنة حتى الان.

وانطلاقًا من عقدة النقص هذه، قامت الإمارات بالاستعانة بطواقم إعلامية أجنبية متخصصة بإنتاج الأفلام الوثائقية، تقوم بالترويج إلى تاريخ الإمارات، عبر إنتاج سلسلة من البرامج الوثائقية بعنوان “تاريخ الإمارات”. لتثبيت حقيقة تاريخية زائفة، من أن تاريخ دولة الإمارات يعود إلى 125 ألف سنة قبل الميلاد. وهي بذلك تريد كتابة تاريخ جديد لها، من خلال نهب آثار المصريين والعراقيين والسوريين واليمنيين لإنهاء عقدة النقص التي لديهم، وصناعة حضارة مزيفة يضعها على خريطة السياحة الدولية.

وفي هذا الشأن، أكد خبراء فرنسيون، بأن أبوظبي تسعى منذ عام 2000 لصنع حضارة “زائفة”، وجندت عشرات العصابات الدولية وتجار الآثار المعروفين على المستوى الدولي لجلب القطع الأثرية لا سيما الحجرية التي تمتد لحضارات “السومريين وحضارة سبأ وبابل وأشور والحضارة الفرعونية”، وقامت بتجنيد عشرات الكتّاب في العالم العربي وفي الغرب، للترويج لحضارة الإمارات خاصة إمارة ابوظبي، وهذا مشروع مشبوه -حسب رأي الخبراء الفرنسيون-.

من جانبه، قال أستاذ الآثار بجامعة “بيير” الفرنسية، أوجست جوفي: إن كثير من القطع الأثرية العراقية التي تم تهريبها بعد الاحتلال عام 2003، موجودة الآن في متحف “لوفر أبوظبي” بعضها يعود للحضارة السومرية والبابلية والأشورية في العراق والفرعونية في مصر واليونانية في سوريا وحضارة سبأ في اليمن، وتوضع عليها ورقة تعريفية تُنسبها لحضارة أبوظبي، وهي حضارة مختلقة تماماً لا أصل لها. وقد اعترض كثير من المثقفون والأكاديميون وعلماء الأثار الفرنسيون على هذا التزييف، وقدَّموا مذكرة اعتراض إلى الحكومة الفرنسية تعترض على الزج باسم متحف “لوفر” فرنسا في هذا التزييف التاريخي المشين، وفتح متحف يحمل اسمه في أبوظبي.

الإمارات متورطة في سرقة الأثار العربية

وفي سياق محاولات حكام الإمارات لصناعة تاريخ مزيف لدولتهم والتخلص من عقدة النقص التي يعانون منها، تورطوا بسرقة العديد من القطع والرقم التاريخية التي تعود لحضارة العراق والحضارة المصرية وغيرها من الحضارات المعروفة. وقد سبق للعراق، أن قام بمحالات عديدة وبذل جهود كبيرة لاسترجاع القطع والنفائس الأثرية الموجودة في الإمارات والتي لا يمكن تقديرها بثمن، لكنها لم تتكلل بالنجاح. وطالب مسؤول في وزارة الثقافة العراقية بضرورة أن يعيد الإماراتيون ما ليس لهم من الآثار العراقية تعود إلى حقبٍ قديمة من حضارة بلاد الرافدين.

وفي هذا الصدد، قال وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي السابق عبد الأمير الحمداني، إن “لوحة (ذات الصواري) للفنان الراحل فائق حسن، كانت ضمن مجموعة كبيرة من اللوحات والأعمال الفنية والمخطوطات والقطع الأثرية العراقية المهمة المسروقة والمهربة إلى دبي ومناطق أخرى، تم تهريبها بعد عام 2003، من متحف الفن الحديث في العراق وكذلك من المواقع الأثرية”، مبيناً أن “معظم الأعمال الفنية القديمة والنفيسة أرسلت إلى مناطق في الخليج”.

وما يدعم نظرية السرقات الإماراتية للأثار من الدول الأخرى، هو التناقض الذي يقع فيه المراقب لدولة مثل الإمارات، كيف لها أن تقوم باكتشاف قسم كبير من هذه الآثار على عمق قريب جداً من سطح الأرض.

كما جاءت فضيحة أخرى من عُمان، حينما تداول ناشطون عُمانيون على مواقع التواصل الاجتماعي، صورة قالوا إنها مأخوذة من أحد كتب المنهج الإماراتي، ادعت أن حضارة “مجان” إماراتية وليست عُمانية، الأمر الذي أثار غضبًا واسعا بين الناشطين العُمانيين، وطالبوا المسؤولين العُمانيين بالتحقق مما جرى، وردع من يحاول المساس بحضارة السلطنة. فيما أكد الناشطون، بأنه ليست المرة الأولى التي تتهم فيها الإمارات بسرقة تاريخ وحضارات دول أخرى، بل وصل بهم الأمر إلى سرقة حتى الأشجار من البلدان الأخرى، فقد نشر الناشطون مؤخرًا صورا من ميناء صلالة تظهر فيها مجموعة من الأشجار تم نقلها من جزيرة سقطرى اليمينية إلى الإمارات.

الأمر الذي جعل الإعلامي القطري ورئيس تحرير صحيفة “الشرق” السابق جابر الحرمي، يستهزأ بالإمارات ويوجه رسالة لسلطنة عمان في أعقاب محاولة الإمارات سرقة تاريخ المهلب بن أبي صفرة ونسبه إليها، مؤكدا فيها، بأن تاريخ الكبار لا يمكن لصغار أن يسرقوه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق