تقارير

على الرغم من وعود بن سلمان بتوفير ملايين الوظائف لمواطني المملكة…. معدل البطالة يستمر في التصاعد

خاص – مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث

رغم المشاريع التي يعلن عنها بن سلمان، والتي يزعم إنها قادرة على توفير ملايين فرص العمل لمواطني المملكة، لا تزال مؤشرات نسب البطالة في تزايد داخل المملكة، فيما تتفاقم صعوبات الحياة على المواطن السعودي وتتنوع، رغم ما تتمتع به المملكة من خيرات طبيعية، وعوامل اقتصادية جاذبة، يمكن لشعب المملكة أن يعيش بفضلها في بحبوحة ولعقود طويلة قادمة. لكن الذي نراه في المملكة، لا يختلف كثيرًا عن البلدان ذات الاقتصاديات الضعيفة، التي لا تتمتع بموارد طبيعية ولا فرص اقتصادية، تسند بها اقتصاداتها المتهالكة.

ويُجمع غالبية مواطني المملكة، إلى أن الأسباب في ذلك، ترجع إلى السياسات الارتجالية التي تقوم بها القيادة السعودية، وبالأخص سياسات ولي العهد محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للمملكة، هذه السياسات التي جعلت مواطني المملكة وبالأخص الشباب منهم، يعانون الأمرين للحصول على فرصة عمل شريفة في وطنهم، ويجعلهم يتحسرون على المليارات التي تُنفق من قبل بن سلمان، على الحرب العبثية في اليمن، أو على مشاريعه الوهمية التي يتعاطى بها، أو على الأموال التي تذهب لباقي حكومات العالم لغرض شراء ولائها وذمم قادتها، حتى تتوافق مع ما يريده بن سلمان.

مؤخرًا، تصدر هاشتاك بعنوان “#عاطلون_في_بلد_النفط” على مواقع التواصل، سلط به ناشطون سعوديون الضوء، على مشكلة البطالة التي يعاني منها الشباب السعودي، وعلى التقصير الحكومي الذي جعل هذه المشكلة تتفاقم وتستعصي عن الحل، بالذات سياسات بن سلمان التي أغرقت البلد في بحر من المشاكل المستعصية، والتي دفع وما زال يدفع المواطن ثمنها في قوتهِ وقوتِ عياله. واتهموه بإنفاق مبالغ طائلة من عائدات النفط السعودي، على مشاريع وهمية، وصفقات سلاح، ورحلات ترفيه، وشراء عقارات خارج المملكة، لم تعود عليهم وعلى المملكة بأي نفع يُذكر، ولم تبدل حياتهم إلى الأفضل كما وعدهم بذلك.

وأشار الناشط السياسي السعودي ناصر العجمي، إلى أن الرؤية لمستقبل المملكة لا يمكن أن يرسمها شخص مثل بن سلمان المنفصل عن الواقع، ولا يعرف كيف يعيش الشعب، والذي ينفق الملايين بدون حساب.

البطالة والإجراءات الاقتصادية تُقسم ظهر المواطن

وما يثقل كاهل المواطن السعودي بالإضافة إلى ازدياد معدلات البطالة، هو استحداث ضريبة القيمة المضافة التي بدأت بـ 5% ثم ارتفعت إلى 15%، رغم إن المواطن يعيش براتب لا يكاد يكفي حاجاته الأساسية. ناهيك عن ارتفاع أسعار السلع الأساسية، من محروقات ومواد غذائية، وفواتير الماء والكهرباء، التي وصلت أرقامها لمستويات غير محتملة للمواطن الذي لديه عمل، فكيف سيكون الوضع بالنسبة للمواطن العاطل عن العمل؟ ولا يجد مصدرًا للرزق يستطيع أن يفي به هذه الالتزامات المادية؟

وفي هذا الشأن كتب المغرد الشهير تركي الشلهوب: “يريدون إشغال المواطن واستهلاك وقته بالعمل إلى أقصى حد لسد احتياجاته الأساسية فقط، يعمل 8 ساعات باليوم دون عائدٍ كبير، فيضطر إلى العمل بوقت إضافي، ولن يكفيه ذلك، فيدفع نساء بيته للعمل أيضا.. هذه هي الرؤية الحقيقة التي يُراد تنفيذها”.

عين الشمس لا تغطى بغربال

وفي محاولة منه للتغطية على الأرقام الحقيقية لنسب البطالة في المملكة، يَعمَد بن سلمان على إخفاء الأرقام الحقيقية واستبدالها بأرقام وهمية، حتى لا يقال أن مشاريعه الفاشلة وسياساته الاقتصادية المتهورة، ثبت فشلها، وإنها السبب فيما وصلته الحالة الاقتصادية المتردية للمملكة، وحالة الموطن السعودي المزرية، وبالتالي فهو ليس بالرجل المناسب لقيادة المملكة لغدٍ أفضل، أو تحقيق الرفاهية لشعبه. ففي الوقت الذي تزعم السلطات السعودية، بأن معدل البطالة هو 14%، يؤكد خبراء ومختصون اقتصاديون، بأن النسبة ربما تصل إلى ما يزيد عن 34%، وأن هذا المعدل مرشح للزيادة.

إن السياسات الاقتصادية الطائشة، أنهكت المواطنين في المملكة، ورفعت نسبة البطالة في صفوفهم، مع ما كان لتداعيات انتشار فيروس كورونا من إغلاقات لسوق العمل، والتي أثرت تأثيرًا بالغًا على زيادة نسبة البطالة بين صفوف المواطنين، الأمر الذي أضطر بعضهم، للعمل بوظائف منخفضة الأجور حتى يتغلبوا على صعوبات الحياة التي يواجهونها. ووفق الإحصاءات الرسمية (غير الموثوقة) فأن معدل البطالة ارتفع في الربع الثاني من عام 2020، إلى 15.4%، فيما انكمش الاقتصاد بنسبة 7%.

ولأجل امتصاص الغضب المتزايد بين أوساط الشباب السعودي، يقوم بن سلمان بإلهائهم عن رؤية الواقع الحقيقي للمملكة، فيقوم بالإعلان عن مشاريع وهمية يستغرق إنجازها سنوات عديدة، ويعطيهم أملًا زائفًا، بأن هذه المشاريع، ستخلق ملايين الوظائف وفرص العمل، من غير معطيات واضحة تُثبت صدق وعودهِ، ومن غير تبيانٍ لكيفية التصرف بالأموال الممولة لهذه المشاريع.

كما يدعي بن سلمان، بأن صندوق الاستثمارات العامة الذي يترأسه، سيعمل على استحداث 1.8 مليون وظيفة بشكل مباشر وغير مباشر خلال الأعوام الخمسة المقبلة، بينما لم يرى المواطن شيء من ذلك منذ الإعلان عن تلك المشارع حتى الأن. لكنه بذات الوقت، يُوعز لذبابه الالكتروني، ليقوم بنشر حفلات الترفيه المختلطة وعروض السينما وغيرها من الملهيات التي يعتقد إنها قادرة على إلهاء الشباب عن المطالبة بحقوقهم بالعمل والحياة الحرة الكريمة.

إن حملات البروبوجاندا التي يقوم بها بن سلمان عن إنجازاته في مكافحة الفساد والقضاء على بؤر الفساد واستحصال مبالغ بالمليارات من الفاسدين، غالبًا ما يتم تفعيلها كلما ازداد الحديث بين أوساط الشباب عن المطالبة بالوظائف، ليعطيهم صورة زائفة عن عمله الإصلاحي. لكن التساؤل الذي يدور بين أوساط الشباب السعودي، أين تذهب هذه الأموال المصادرة من الفاسدين؟ وكيف يتم انفاقها؟ لا أحد يعلم، ولن يستطيع أحد معرفة ذلك، في ظل عدم وجود أية جهات رقابة مالية على تصرفات هذا الأمير الصغير.

ويُرجح عدد من الخبراء الاقتصاديين، بأن الأسباب التي تجعل معدلات البطالة في تزايد مستمر في المملكة، تعود أسبابها، إلى أن ثروات المملكة غالبًا ما تكون محصورة بيد الأمراء والمقربين للعائلة المالكة، وميزانيات الدولة السنوية، يتم التعامل بها بعيدًا عن أية رقابة شعبية، بالإضافة إلى تفشي الفساد في الدولة السعودية بدءً من رأس الهرم، حتى أصغر مؤسسة في الدولة، يُضاف إلى ذلك، الفشل في تطوير القطاعات الحكومية المهمة، مثل قطاع الصناعة وقطاع التجارة والخدمات، وبالتالي تجد أن الدولة السعودية في تصرفاتها تلك، كأنها تتعمد بإبقاء مشكلة البطالة مستفحلة بأوساط شعب المملكة.

مساعي سلطات المملكة لتقليل البطالة

وأدراكًا منها بخطورة استفحال موضوع البطالة المنتشرة بين المواطنين، عَمِدت سلطات المملكة، لسن قوانين تقود إلى “توطين” بعض الوظائف في البلاد، لتأمين فرص عمل للمواطنين، وهو ما عرف بـ”السعودة”، كان أخرها، قرار المملكة بتوطين وظائف خدمة العملاء “عن بعد” واقتصارها على السعوديين. وتتوقع السلطات السعودية، إن هذا القرار من شأنه، توفير عشرات الآلاف من فرص العمل للسعوديين. قبل ذلك، قامت السلطات السعودية بإصدار قرار توطين وظائف قطاع النقل الجوي التي تستهدف 10 آلاف وظيفة في مختلف التخصصات المتعلقة بقطاع الطيران كما صرحت بذلك. بالإضافة إلى العديد من القرارات التي استهدفت توطين عدد من الوظائف والمهن وبنسب مختلفة.

لكن المشكلة التي تؤرق المواطن السعودي، هل هذه الجهود تتناسب مع حجم المشكلة التي يعاني منها شباب المملكة؟ فالعمالة الأجنبية المتواجدة في البلاد، تقدر بـ10 ملايين عامل، والتي تفاقمت مشكلتها وازدادت أعدادها، بسبب السياسات غير المدروسة لملوك وأمراء آل سعود عبر سنوات طويلة. فمثلًا، أظهرت تقديرات أن حجم التحويلات النقدية للعمال الاجانب، لبلدانهم الأصلية عام 2018، بلغت ما يفوق 136.4 مليار ريال (36.4 مليار دولار) على أساس سنوي. وعلى هذا، فأن المشكلة ليست بسيطة، خاصةً إذا ما علمنا بأن نسبة عدد المشتغلين المواطنين في المملكة تبلغ 24.4% من كامل العاملين في المملكة البالغين 12.77 مليون عامل، أي بنسبة موظف سعودي واحد مقابل ثلاثة موظفين أجانب. وبظل التهاون بتطبيق قانون سعودة الوظائف، الذي يحتم على الشركات الأجنبية والمحلية توظيف نسبة معينة من السعوديين للمساهمة في تخفيض البطالة في المملكة، فأن المتوقع أن هذه المشكلة لن تُحل قريبًا، بل ربما سيزداد تفاقمها في السنوات القادمة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق