تقارير

بتشجيع من بن سلمان…. محمد السادس يبيع القدس ومقدساتها مقابل اعتراف شفهي بسيادته على رمال الصحراء

خاص – مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث

حالة غريبة تعيشها المملكة السعودية في سياستها الخارجية، والتناقضات في مواقفها تجاه مختلف القضايا، وبالأخص ما يمت بصلة بالقضية الفلسطينية، ففي الوقت الذي تقوم بدور بالغ الأهمية في تشجيع الدول العربية ودفعها للتطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين، تجدها وعلى لسان كبار مسؤوليها تبدي تعنتها من التطبيع العلني مع هذا الكيان. فهل هذه التناقضات مردها إلى حالة الضبابية التي تعيشها القيادة السعودية، أم إنها خطة مبرمة بينها وبين هذا الكيان، لتجعل خسائر المملكة بمكانتها العربية والإسلامية في حدها الأدنى عندما يأتي وقت التطبيع العلني مع “إسرائيل”؟

الأسباب التي دفعت المغرب للتطبيع مع إسرائيل

ويبدو أن لكل دولة عربية، أسبابها الخاصة للتطبيع مع “إسرائيل”، وتقوم الإمارات والسعودية على استغلال تلك الأسباب، حتى تجعلها تسقط في فخ التطبيع. وفيما يتعلق بالمغرب، فهي دولة تبدي استعدادها لفعل أي شيء يضمن سيادتها على الصحراء المغربية، والحصول على اعتراف عالمي بتلك السيادة.

وعند هذه النقطة، قام بن سلمان وأستاذه بن زايد، بالعمل على اقناع الملك محمد السادس، بأن الطريق لاعتراف الولايات المتحدة ومن بعدها اعتراف العالم بسيادته على الصحراء، هو القيام بخطوة التطبيع مع “إسرائيل”، ولأجل ذلك قامت الإمارات وبعض الدول المطبعة بافتتاح قنصليات لها في الصحراء المغربية، كعربون للتطبيع مع “إسرائيل”، لكن الأهم من ذلك، قيام واشنطن بالاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء، وافتتاح قنصلية لها هناك. جاء ذلك خلال إعلان للرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب. في الوقت الذي أعلن الديوان الملكي المغربي، عن إن الرئيس ترامب أخبر الملك المغربي، بأن الولايات المتحدة قررت فتح قنصلية في مدينة الداخلة تقوم بمهام اقتصادية، لأجل تشجيع الاستثمارات الأميركية. وانطلاقًا من حاجة المملكة المغربية لتسليح نفسها وقبض الثمن مقابل التطبيع العلني مع “إسرائيل”، قالت مصادر أمريكية مطلعة، أن الولايات المتحدة تنوي بيع طائرات مسيرة كبيرة ومتطورة وعددها 4 على الأقل، إلى المغرب.

يُذكر أن علاقات المغرب مع “إسرائيل” ليست بالأمر الجديد، فمنذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، كان المغرب يمثل القناة الخلفية بين إسرائيل ومصر، والموقع السري لِلقاءاتهما، وذلك كان يجري قبل إبرام اتفاقيات كامب ديفيد عام 1978. وتقول صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” الإسرائيلية إنه على عكس شركاء السلام الآخرين القدامى والجدد لإسرائيل فإن المغرب لديه صلة مستمرة بإسرائيل.

لكن من جانب أخر، لا يمثل الاعتراف الأمريكي وباقي الدول الأخرى، بأحقية المغرب برمال الصحراء الجنوبية قيمة قانونية، فهذه الصحراء رغم إنها خاضعة لسيطرة المغرب عسكريًا، لكن سيطرتها غير معترف بها دوليًا، لأن السكان الأصليون للصحراء يطالبون باستقلالها منذ عقود، وما زالت الجهود الأممية تحاول حل هذا النزاع. وعلى هذا فأن الثمن الذي تدفعه المغرب حتى تعترف بعض الدول بحقها بالصحراء، هو ثمن باهض. ذلك لأن الموقف الشعبي المغربي من هذه الخطوة، قد يدفع البلاد نحو اضطرابات لا يُعرف مداها، فالقضية الفلسطينية لا تقل أهمية لدى المغاربة عن قضية الصحراء، وموقف الشارع المغربي من التطبيع، مختلف جدًا عن الموقف الرسمي المغربي. والقصر الملكي في الرباط، معروفًا بتردده وخشيته من ردّ الفعل الشعبي المعارض لخطوة التطبيع مع إسرائيل، خصوصاً من قبل التيارات الإسلامية، لا سيما وإن العائلة المالكة تعتبر نفسها “حارسة الأماكن المقدسة في القدس”، والعاهل المغربي حاليًا يرأس لجنة القدس، فإذا به يذهب إلى التطبيع ليبيع القدس ومقدساتها مقابل اعتراف شفهي بسيادته على الصحراء، ويعتقد إن هذا سيرضي الجماهير المغربية.

وكما هي العادة، سارع الملك المغربي محمد السادس للاتصال بالرئيس الفلسطيني ليؤكد له بقاء المغرب في صف الفلسطينيين، ودعم مواقفهم المشروعة باسترجاع حقوقهم المسلوبة، في خطوة احترازية لأي انتقادات سلبية على موقفه من القضية الفلسطينية، وشدد بيان القصر الملكي على “أن هذه التدابير لا تمس التزام المغرب بالدفاع عن القضية الفلسطينية وأن المغرب يدعم حلا قائما على دولتين”. لكن السؤال، ماذا تبقى من الحقوق الفلسطينية التي يدَّعي ملك المغرب أنه سيضل يدافع عنها، في الوقت الذي يذهب للتطبيع مع الكيان الذي يغتصب أرض الفلسطينيين؟

دور السعودية في التطبيع بين المغرب و”إسرائيل”

أما عن الدور السعودي والإماراتي في تهيئة الظروف المثالية لإقامة التطبيع المغربي الإسرائيلي، فقد نقلت القناة 12 الإسرائيلية، عن مصادر دبلوماسية لم تكشف عنها قولها، إن السعودية لعبت دوراً في اتفاق التطبيع الذي توسط فيه الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب بين المغرب و”إسرائيل”. من جانبها، أوضحت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، أن التقرير لم يذكر بالتفصيل دور السعودية في الاتفاق الذي أعلن عنه، كما لم تعلّق الرياض رسميًا عليه. لكن ما هو مؤكد، إنها داعمة لهذا التطبيع، فقد أشارت القناة الإسرائيلية على أن خبر تطبيع العلاقات الإسرائيلية المغربية، نُشر على الصفحة الأولى لأحدى أبرز الصحف المرتبطة بالعائلة المالكة السعودية، وأضافت: “السعودية تلعب دوراً مركزياً في المنطقة، لا سيما بين الدول السُّنية، ومن غير الممكن السماح بأي اتفاقيات تطبيع، دون ضوءً أخضرًا سعوديًا”.

وفي السياق، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أخرى، أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، كان مشاركاً في المحادثات مع ملك المغرب. وأنه أثّر في قرار استئناف العلاقات مع “إسرائيل”. ونقلت عن أحد مستشاري ملك المغرب أن “ابن سلمان لديه قائمة بالدول التي ستُطبّع”. فيما أكدت مصادر دبلوماسية في الإمارات والمغرب، لصحيفة لـ”إسرائيل هيوم”، أن أبو ظبي والرياض أدتا دورًا مهمًا في دفع الاتفاق بين المغرب و”إسرائيل”. وتابعت: “بحسب قول مصادر في الرياض، حصل تغيير في الأسابيع الأخيرة بموقف السعوديين فيما يخص إمكانية التطبيع مع “إسرائيل”. مضيفةً: إن “من الممكن أن نرى قريباً العائلة المالكة السعودية تقوم بخطوة مشابهة مع إسرائيل”. ومؤخرًا واستنادًا إلى الحماسة التي تبديها المملكة لموضوع التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، أكد جاريد كوشنر، مستشار وصهر ترامب، إن “التوصل إلى اتفاق تطبيع بين السعودية وإسرائيل هو أمر لا مفر منه، لكن السؤال الوحيد، هو متى؟ من الواضح أنه ينبغي العمل على الجدول الزمني” وفق موقع قناة “الحرة” الأمريكية. في الوقت الذي أشارت المملكة عبر وزير خارجيتها، فيصل بن فرحان، أنّ التطبيع مع تل أبيب “سيحدث بالفعل”.

قريبًا قنصلية سعودية في الصحراء المغربية

ومع الاعلان الأمريكي عن التطبيع بين المغرب و”إسرائيل” وعزمها على فتح قنصلية لها في الصحراء، قامت 16 دولة ممن تدور بالفلك الأمريكي، بافتتاح قنصليات لها في الأقاليم الجنوبية للمغرب. فيما انتشرت أنباء غير رسمية عن اعتزام السعودية هي الأخرى، افتتاح قنصلية لها في أقاليم المغرب الجنوبية، لكنها غير مستعجلة بهذا الامر.

ويفسر البعض تأخر الخطوة السعودية بافتتاح قنصلية لها هناك، هو خشيتها من إغضاب الجزائر التي لديها الأن تقاربًا معها بعد وصول الرئيس عبد المجيد تبون إلى الحكم، ونيتها بالوصول معها لاتفاقية استراتيجية. من ناحيته، كشف موقع “ويكليكس السعودية” نقلًا عن مصادر موثوقة، بأن ولي العهد محمد بن سلمان دفع المغرب لإعلان التطبيع مع إسرائيل، عبر تعهده بتقديم إغراءات سياسية ومالية كبرى للرباط، وذكرت المصادر أن بن سلمان تعهد بدعم المغرب في قضية الصحراء المغربية، بما في ذلك فتح قنصلية للسعودية في الصحراء المغربية. بالإضافة إلى تقديم دعمًا ماليًا واستثمارات اقتصادية كبرى للمغرب لتشجيعه على إعلان التطبيع وإنجاح الوساطة الأمريكية.

ويستمر بن سلمان في مسيرته التي يقوم بها بتسهيل دخول “إسرائيل” للعالم العربي، ويُسخر موارد المملكة في سبيل ذلك، طمعًا أن تكون “إسرائيل” الحامية له والمدافعة عنه عند الإدارة الأمريكية، ولم يعلم أن “إسرائيل” يمكنها أن ترميه كما ترمي الخرقة البالية بعد أن تُنهي أغراضها منه، هذا ما حدث للرئيس المصري السابق أنور السادات حينما لم تهتم لمصيره، وهذا ما فعلته مع ياسر عرفات حينما أقدمت على تسميمه، لكن يبقى السؤال، هل سيحدث هذا قريبًا أم ما زال لديه فسحة من الوقت؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق