تقارير

الجبير يرد: “لا نقر بالاغتيالات بأي شكل من الأشكال وليست من سياسة المملكة” ونسي كيف تم تصفيه خاشقجي

خاص – مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث

بكل ثقة وجرأة يرد عادل الجبير وزير الدولة السعودية للشؤون الخارجية، على اتهامات محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني بتحميل السعودية المسؤولية عن اغتيال عالمها النووي الإيراني محسن فخري زاده، فيقول: “لا نقر الاغتيالات بأي شكل من الأشكال وليست من سياسة المملكة، على عكس النظام الإيراني القائم على الاغتيالات حول العالم منذ الثورة التي اختطفها الخميني عام 1979”.

والحكمة الألمانية النازية في هذا المجال تقول: “اكذب حتى يصدقك الناس” وهي مقولة لوزير الدعاية السياسية لألمانيا النازية “جوزيف جوبلز”، وعلى ما يبدو أن الجبير ترك حكمة كل أهل الأرض، ليأخذ حكمة هذا الوزير النازي كعبرة له، ليتعامل بها في سياسة نظامه الخارجية.

تأتي تصريحات الجبير في معرض أبعاد الشبهات عن النظام الذي يمثله، من الاتهام الإيراني في الضلوع في تنفيذ حادثة الاغتيال للعالم النووي، وعند دراسة رد الجبير وسبر أغوار تفاصيله، نجد أنه لم يكذب حينما أنكر صلة نظامه بحادثة الاغتيال، ذلك لان عملية الاغتيال كانت من الدقة والاحترافية التي لا يمكن لنظام فاشل عسكريًا واستخباراتيًا كالنظام السعودي، أن ينجح في تنفيذها، لكن الكذب البواح الذي مارسه الجبير، هو حينما أنكر أن نظامه يتعامل مع عمليات الاغتيال، ويزيد في كذبه ليدَّعي أنها ليست من سياسات المملكة أن تتعامل في تصفية خصومها عبر الاغتيالات. ومرد هذا الكذب، أن النظام السعودي، كان ولا يزال يتخذ من عمليات التصفية الجسدية لخصومه، والتغييب في السجون، والتعريض بسمعتهم، واختلاق الأكاذيب عنهم، كركيزة من أهم ركائز سياسة النظام السعودي في تعاملها مع الخصوم. وربما أوضح مثال على ذلك، هو عملية التصفية الجسدية للصحفي المعارض للنظام السعودي جمال خاشقجي، الذي تم تقطيع أوصاله بالمناشير في قنصلية بلاده في إسطنبول.

فيما يشهد لنا تاريخ النظام السعودي، على عمليات إجرامية أخرى ارتكبها بحق المعارضين وبحق بعض الأمراء، كخطفهم من البلدان الغربية وارجاعهم للملكة حتى يغيبوا ولا يُعرف شيءً عن مصيرهم.

ورغم أن النظام الإيراني ليس بريئًا من عمليات الاغتيال لخصومه سواء داخل إيران أو خارجها، لكن ادعاء الجبير بالبراءة لنظامه من هذه الاعمال القذرة، تأتي مثيرةً للضحك لمن يعرف تاريخ هذا النظام الدموي. ويحاول الجبير أن يكون ظريفًا في رده على ظريف، حينما يغرد ردًا على الاتهامات الإيرانية قائلًا: “أن اليأس دفع وزير خارجية إيران، لإلقاء أي لوم على المملكة واتهامها بتسببها بما يحدث في إيران. وربما عندما يحدث زلزال أو فيضان في إيران سيتهم المملكة بالتسبب بها أيضا”.

النظام الإيراني لم يجد سوى النظام السعودي لتحميله مسؤولية الاغتيال

فيما يبدو، أن إيران تعلم علم اليقين، أن إسرائيل وحليفها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، هما من يقفان خلف الاغتيال الذي طال عالمها النووي، لكنها بدلًا من توجه الاتهام بشكل صريح إلى إسرائيل أو الولايات المتحدة، فأنها تعمد إلى تحميل النظام السعودي مسؤولية الاغتيال، مع إشارة بسيطة إلى إسرائيل والولايات المتحدة.

ومرد ذلك أن النظام الإيراني، يجد نفسه أضعف من أن يقوم بالرد على إسرائيل أو أمريكا، لأنه يخشى ردَّ فعلهما الماحق الذي يمكن أن يصل إلى الدرجة التي تهدد بأسقاط نظامهم، ولأجل ذلك، يقوم النظام الإيراني بتوجيه التهمة لعدوٍ ضعيف، كالمملكة السعودية، ليست لديها الإمكانية للرد عليه، فإذا ما أرادت إيران رد الاعتبار لنفسها وأن تظهر بدور الدولة التي لا تتسامح مع من يسيء لها، فيمكنها أن ترد على السعودية انتقامًا لاغتيال عالمها، وهي متأكدة بأن السعودية لن تكون قادرة على الرد لضعف امكانياتها. وبالتالي ستنجح إيران بإظهار نفسها للعالم، بانها قد ردت اعتبارها وانتقمت لحادثة اغتيال عالمها النووي، من خلال ضرب اهداف حيوية سعودية، فلطالما تلقت السعودية صواريخ الحوثي وطائراته المسيرة، دون أن يكون لها القدرة على الرد عليه، فكيف إذا كانت الضربات تأتي من إيران؟

كما تتلقى إيران جزاء أفعالها سيأتي دور المملكة في ذلك

النظام الإيراني الذي يُلقي بتهم اغتيال قادته وعلمائه على الأخرين، هو في حقيقة أمره يتجرع جزاء اقترافه نفس الفعل بالأخرين، فتاريخ النظام الإيراني كان حافلًا بعمليات الاغتيال لخصومه السياسيين من الإيرانيين الذين شاركوا في الثورة عام 1979، فعمل نظام الخميني على تصفيتهم واحدًا واحدًا، ومن حالفه الحظ فقط استطاع الهروب من إيران إلى خارجها، طالتهم يد المخابرات الإيرانية بالقتل والغدر في دول العالم، كما عمد هذا النظام على تصفية غير الإيرانيون من مثل رموز وعلماء العراق بعد سقوط النظام العراقي السابق، وأصبحت له اليد الطولى في العراق من خلال أذرعه الحزبية والميليشياوية، يقتل فيها كل من يرفض التواجد الإيراني في هذا البلد، حتى جاء أخيرًا اليوم الذي يتجرع فيه السم من ذات الكأس الذي سقاه للأخرين، ليتلقى الضربات في رموزه وعلمائه، سواء في إيران أو سوريا وغيرها من الدول.

هذه الحقيقة لا تنطبق على إيران فقط، فالنظام السعودي وبالأخص في عهد الملك سلمان وأبنه محمد، سلكوا ذات الطريق الذي سلكه النظام الإيراني، في قتلهم للمعارضين، وتصفيتهم جسديًا، ثم تطور الأمر بهم لتصفية الخصوم من رعايا الدول الأخرى، ويبثون الفوضى في كل البلدان التي ثارت شعوبها على أنظمتها القمعية، فترى المال السعودي يمول الجرائم التي تحدث في ليبيا والتي حدثت في سوريا، وتدعم الأنظمة القمعية في مصر وغيرها من البلدان، بل تأتي اليمن على رأس قائمة الجرائم التي ارتكبتها السعودية في الخارج، ويتلذذ في تصفية خصومه، فمن الطبيعي أن السنة التي مضت على إيران، سيأتي اليوم الذي تمضي على النظام السعودي، ويدفع ثمن ذلك في رموزه وعناوين قوته. ولربما يفتن الله النظامين ليبتليهما بحربٍ ماحقة، تأتي على انظمتهم القمعية وتذهب بهم إلى غير رجعة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق