تقارير

محمد بن زايد يكرس واقع الحكم الفردي في الإمارات

محمد بن زايد يكرس واقع الحكم الفردي في الإمارات

يظهر ما وصف بالانتقال السلس للسلطة في الإمارات تكريس واقع الحكم الفردي من الرئيس الجديد محمد بن زايد بحسب ما يؤكد مراقبون دوليون بما يشمل إلغاء الصفة الاتحادية للدولة.

وانتخب المجلس الأعلى للاتحاد في الإمارات، السبت، محمد بن زايد رئيساً للدولة، خلفاً للشيخ خليفة بن زايد، الذي أعلن عن وفاته رسميا يوم الجمعة الماضي عن 74 عاماً؛ لتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ الدولة الاتحادية.

وكان صعود محمد بن زايد (61 عاما) محسوما بعد أن ظل على مدار سنوات هو الحاكم الفعلي للبلاد وتغييب أخيه غير الشقيق عن السلطة.

في عهد محمد بن زايد الذي كان الزعيم الفعلي للبلاد منذ 2014- على الأقل- عندما أصيب خليفة بسكتة دماغية، اتبعت السلطات الإماراتية نهجاً صدامياً متزايداً.

في الداخل مع تركيز السلطة المركزية في يد أبوظبي، وسن القوانين سيئة السمعة والاعتقالات وقمع الحريات جرى استهداف للهوية الوطنية الجامعة والابتعاد عن رؤية الآباء المؤسسين للدولة.

وخارجياً بصناعتها للخصوم بما في ذلك محيطها، واستعراض قوتها عسكريا في جميع أنحاء المنطقة الأوسع مع انضمامها إلى الحرب التي تقودها السعودية في اليمن.

بين الانتقال السلس والطريق الإجباري

كتب المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات أنور قرقاش، على تويتر، “الانتقال السلس للسلطة في البلاد يعكس المستوى المتقدم لآليات الحكم”.

وفي الحقيقة هو ليس انتقالاً سلسلاً بالكامل، بل طريق إجباري حيث منح دستور الدولة (المادة 47) إماراتي أبوظبي ودبي حق نقض القرارات الصادرة من المجلس الأعلى للاتحاد على الرغم من أن كل عضو في مجلس يملك صوتاً واحداً ويتخذ القرار بأغلبية خمسة أعضاء لكن يجب أن تشمل “هذه الأغلبية صوتي إمارتي أبوظبي ودبي”.

لذلك من الصعب أن يتمكن حكام الإمارات الخمس من اختيار رئيس للبلاد دون موافقة أبوظبي ودبي! وهو أمر صعب.

كما جرى اختيار حاكم أبوظبي رئيس للدولة وحاكم دبي في منصب النائب منذ بداية التأسيس فمضى كعرف سائد أن يكون ولي العهد في المنصب، خلفاً للحاكم السابق.

كما أن أبوظبي تملك معظم الثروة وتمول معظم ميزانية الدولة الاتحادية، والأجهزة الأمنية والقوات العسكرية تديرها أبوظبي، وتتقاسم معها دبي المسؤولية. لكن خلال منذ 2009م أصبحت دبي أقل تحسساً لمعارضة قرارات أبوظبي بعد إنقاذها بمليارات الدولارات.

مخاوف تركيز السلطة في أبوظبي

يُثير بعض الإماراتيين -بينهم مسؤولون حاليون- أن محمد بن زايد يريد بناء دولة ذات وحدة اندماجية، والابتعاد عن النظام الفيدرالي وهو موضوع حساس للغاية في الإمارات.

يستندون في ذلك إلى لدلائل أن السلطات والمناصب الأمنية والعسكرية والمخابراتية في الدولة الاتحادية تتركز في أبوظبي داخل إطار ضيق إما داخل عائلة آل نهيان أو المقربين منه، بدلاً من أن تتوزع بين الإمارات السبع.

يرى الإماراتيون والمراقبون أن فترة حكم الشيخ الخليفة قامت بحماية شكل الدولة الحالي فبجانب اهتمامه بتنمية ونهضة أبوظبي “قام أيضاً بتأكيد النظام الفيدرالي للدولة الاتحادية”.

ويشيرون إلى ضخ أبوظبي مليارات الدولارات في اقتصاد إمارة دبي عام 2009 بعد تضررها من الأزمة المالية العالمية، والمشروعات الأخرى منذ بداية توليه السلطة لتنمية وتطوير الإمارات الشمالية.

وتقول كورتني فرير الباحثة في جامعة إيموري: “في الإمارات يتبين أن هناك غير تكافؤ في الثروة وعدد المواطنين وحجمهم. لكن حقيقة أنه قام بإنقاذ دبي فإن ذلك التزام منه بالنظام الفيدرالي وبوحدة البلاد”.

على عكس ما قام به خليفة يرى محللون آخرون أن محمد بن زايد سيهتم بتركيز السلطة في أبوظبي وعدم توزيعها داخل النظام الفيدرالي.

وتقول شينزيا بيانكو الباحثة المتخصصة في الخليج العربي بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إن محمد بن زايد لن يغير الكثير في السياسة المحلية باستثناء أنه لن يملك أسباباً ضاغطة عليه لتحقيق توافق مع دبي والإمارات الأخرى.

وأضافت “كما سنرى بعض التعديلات في المؤسسات الحكومة بدمج أفراد من عائلة آل نهيان في السلطة التنفيذية ومؤسسات: البنوك والطاقة والمنشآت الرياضية”.

حصر السلطات

يسيطر محمد بن زايد بالفعل على سياسة الطاقة والثروة النفطية في البلاد، والتي تقدر بنحو 6٪ من الاحتياطيات العالمية المؤكدة.

وهو أيضًا رئيس مجلس إدارة شركة النفط الوطنية الإماراتية ويرأس المجلس الأعلى للشؤون المالية والاقتصادية في أبو ظبي، ويسيطر على أجهزة المخابرات الاتحادية وكان نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة -الآن أصبح القائد- مما يجعله أقوى رجل في البلاد قبل وفاة أخيه غير الشيق خليفة بفترة طويلة.

كما أن محمد بن زايد يدير جيشاً صغيراً يعمل في الظل يخضع لأوامره المباشرة وهي قوة “الحرس الرئاسي”، وفيها وحدة أشد خصوصية تدعى “وحدة المهام الخاصة” وتدعى اختصاراً “سوك” (SOC).

ويعمل الحرس الرئاسي فوق القانون، وخارج نطاق وزارة الدفاع، إلا أن “وحدة المهام الخاصة” فوق الحرس الرئاسي نفسه! ومهمتها -الرسمية- مكافحة الإرهاب في الداخل والخارج، وتثير هذه القوة الكبيرة مخاوف من استخدامها في حالة الخلافات الداخلية مع الحُكام الأخرين.

وكتب رايان بوهل، محلل الشرق الأوسط في ستراتفور على تويتر: وظيفيا لن تتغير السياسات إلا بدرجة بسيطة، فقد كان محمد بن زايد يدير الأمور تقريبًا منذ البداية. لكنها نهاية حقبة لدولة الإمارات، تميزت باندفاع ذهبي ثانٍ في قطاع الخدمات والمعرفة.

لذلك محمد بن زايد أمام اختبار حقيقي بصعوده إلى الواجهة بتطمين مبكر للإمارات السبع -حكاماً ومحكومين- التي منحته ثقتها وبيعتها في قيادة البلاد في المرحلة المقبلة، وليبدأ بإطلاق حوار وطني اتحادي شامل.

المصدر: Emirates Leaks

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق