تقارير

تصريحات معاكسة للتقارير الدولية .. حقوق الإنسان في الإمارات بين الواقع والعالم الموازي

تصريحات معاكسة للتقارير الدولية .. حقوق الإنسان في الإمارات بين الواقع والعالم الموازي

 

نقلت صحيفة الاتحاد الإماراتية تصريحات لأنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس الدولة يزعم فيها أن سجل حقوق الإنسان الإماراتي قوي جداً، وهو أمر يخالف الواقع تماماً، وتنفيه تقارير المنظمات الحقوقية التي تزخر بالانتقادات لذلك السجل.

في الواقع، فإن الإمارات جاءت في أعلى قائمة الدول التي تنعدم فيها الحرية، إلى جانب دول مثل سوريا وليبيا، بحسب تصنيف “فريدوم هاوس” لعام 2021، ضمن تقرير يقيس مؤشر الحقوق والحريات، مصنفاً إياها كـ”دولة غير حرة”.

كما أن سجل الإماراتي الحقوقي في تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية أصبح متخماً بانتهاكات حقوق الإنسان، فلو تصفحت أي تقرير حقوقي حول الإمارات بشكل عشوائي خلال السنوات الأخيرة، ستجد قائمة لا حصر لها من الانتهاكات تبدأ من الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي ولا تنتهي بالتعذيب والمعاملة السيئة.

ففي التقرير الذي أعده الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري (A/HRC/30/38) المؤرخ في 10 أغسطس 2015، والمرسل إلى مجلس حقوق الإنسان، أورد الفريق العامل بعض الإحصاءات ذات الصلة بهذا الموضوع حيث أشار إلى وجود 65 حالة اختفاء، لم تنجح حكومة الإمارات بتوضيح سوى حالتيْن منها فقط، وبالرغم طلب الفريق رسمياً زيارة  الإمارات للتحقيق، إلا أنه لم يتحصل أي ردّ حتى الآن.

لكن المفارقة، أنه رغم هذه الانتهاكات المفزعة لحقوق الإنسان في الإمارات، فإن تصريحات قرقاش بمدح حالة حقوق الإنسان في البلاد لم تكن الأولى من نوعها، إذ قال في تغريدة على تويتر قبل عدة أشهر: إن “سجل الإمارات في ملف حقوق الإنسان مقدر دولياً”.

إضافة إلى أن الإعلام الإماراتي التابع للحكومة، يكاد لا يتوقف عن الحديث عما يسميه سجل الإمارات المميز في حقوق الإنسان، ويستغل كل مناسبة للحديث عن إنجازات أبوظبي على صعيد حقوق الإنسان بشكل يجعلك لوهلة تشعر أنهم يتحدثون عن سويسرا وليس الإمارات.

والحقيقة أن مثل هذه التصريحات التي يطلقها قرقاش وغيره من المسؤولين الإماراتيين باستمرار ليست عبثية، وتستهدف بشكل مباشر تضليل المجتمع الإماراتي، وصناعة عالم موازٍ مختلف عن العالم الحقيقي، تكون الإمارات فيه رائدة بكل شيء، في التكنولجيا والتعليم وحقوق الإنسان وغيره.

قرقاش والإعلام الإماراتي يعلمون تماماً أن هذه التصريحات لن تغير من تصنيف الإمارات السيء حقوقياً، ولن تستطيع التغطية على انتهاكاتها المستمرة، التي يمكن الاطلاع عليها بسهولة في تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية مثل “هيومن رايتس ووتس” و”العفو الدولية”.

ويعلمون أيضاً أن المجتمع الحقوقي لا يتعامل مع مثل هذه الادعاءات سوى على أنها نكتة مضحكة، لكنهم ببساطة لا يكترثون، لأن الهدف الحقيقي ليس تحسين سجل الإمارات الحقوقي بل تضليل المجتمع الإماراتي، وجعله يعتقد فعلاً أن الإمارات تعد من أفضل دول العالم في مجال حقوق الإنسان.

كما أن هذه التصريحات والتقارير المضللة التي ينشرها الإعلام حول سجل الإمارات الحقوقي، هدفها التغطية على تقارير المنظمات الحقوقية والدولية التي ترصد الوضع الحقيقي لحالة حقوق الإنسان في الإمارات، وجعل المواطن حائراً بشأن الحقيقة.

فلو لاحظنا توقيت تصريح قرقاش، سنجد أنه بعد أيام قليلة من تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان في الإمارات لسنة 2021، والذي انتقد بشدة القيود التي تفرضها السلطات الإماراتية على حرية التعبير، وقمع الناشطين الحقوقين والمدافعين عن حقوق الإنسان، هذا من جهة.

أما من الجهة الأخرى، فالإعلام الإماراتي كما أسلفنا، يحاول أن يخلق عالماً موازياً للمجتمع الإماراتي، وهذا يتم عبر طريقتين، الأولى إشغاله في قصص تافهة تجعله بعيداً عن متابعة أمور مثل حقوق الإنسان، من خلال استضافة الأحداث الكبرى مثل إكسبو دبي وكأس العالم للأندية لكرة القدم، وبطولة العالم للشطرنج، أما الثانية فهي تكثيف الدعاية الإيجابية عن الدولة، مثل أن جواز السفر الإماراتي هو الأقوى عالمياً، وأن الشعب هو الأسعد عالمياً، واستغلال هذه الدعاية الإيجابية لترويج أكاذيب أخرى مثل التي يدلي بها قرقاش حول حقوق الإنسان.

بعبارة أخرى، فإن المواطن الإماراتي يتعرض لعملية غسيل دماغ يومية من إعلامه، تظهر فيها البلاد رائدة بكل شيء، فهي الأفضل اقتصاديا والأكثر تقدماً وازدهاراً، وهو ما يجعل المواطن البسيط يصدق فعلاً الأكاذيب التي تقال حول سجل الإمارات الناصع في مجال حقوق الإنسان، ويعتقد أنها الحقيقة.

المصدر: مركز مناصرة معتقلي الإمارات

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق