أخبار

مجلة فرنسية: السعودية تحولت إلى احتلال وأطماعها تزيد فرص تمزيق اليمن

مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث – متابعات

 قالت مجلة فرنسية إن محافظة المهرة شرقي اليمن، والعديد من المحافظات الأخرى، جنوبي اليمن، تشهد دعوات كبيرة لإعادة إحياء السلطنات التي كانت تحكم المنطقة قديماً.

وقالت مجلة “لكسبريس” في عددها الجديد، إن السبب يعود إلى مطامع السعودية الاحتلالية في المحافظة، التي تتمتع بموقع استراتيجي.

وأضافت أن استمرار تواجد السعودية في محافظة المهرة، في ظاهره حفظ الأمن، لكنها في الواقع تطمع في بناء خط أنابيب للنفط.

وأشارت إلى أن تفاقم الوضع الفوضوي المستمر بهذا البلد منذ نحو خمس سنوات نتيجة الحرب؛ يصب باتجاه تقسيم أحد أفقر بلدان المنطقة.

وقالت المجلة أنها أوفدت مراسلاً للقاء السلطان “عبدالله بن عيسى آل عفرار” نجل آخر سلاطين المهرة، الذي يتخذ من مدينة “صلالة” العمانية مقراً له، حيث حكمت عائلته المهرة لمدة ستمائة عام.

ويرغب السلطان آل عفرار العودة إلى اليمن بشكل دائم، واستعادة سلطته على محافظة المهرة، التي لا يزال يحظى فيها بشعبية كبيرة، وفي غضون ذلك، يتابع من بعيد، النزاع الذي يمزق وطنه.

وتشهد اليمن منذ عام 2015 حالة من الفوضى، بعد تدخل السعودية عسكرياً على رأس تحالف عربي، لإنهاء انقلاب الحوثيين، الذين طردوا الرئيس هادي، ويسيطرون على جزء كبير من اليمن، لكن الكثير من الشخصيات اليمنية البارزة، مثل السلطان عبدالله بن عيسى آل عفرار، يعتقدون أن لدى المملكة خطط أخرى.

ويَعتبر آل عفرار التواجد السعودي في المهرة، تحت أي مسوغ “احتلالاً” غير شرعي، وقال: “محافظة المهرة موقعها مثالي بالنسبة لخطتهم الاستراتيجية، ففي النهاية، ستسمح للسعوديين، إذا تمكنوا من الاستقرار هناك بشكل دائم، من تأمين صادراتهم النفطية، وهي أولوية مطلقة للرياض، في منطقة لا تزال شديدة التوتر“.

وأشار آل عفرار إلى أن الجنود السعوديين، وصلوا إلى المهرة عام 2017، دون إبلاغ السلطات المحلية، فاحتلوا بسرعة ميناء نشطون، على بحر العرب، ومنفذي شحن وصرفيت، وهما نقطة عبور مهمة بين عمان واليمن ثم استولوا على مطار الغيضة.

وأضاف: “حدث ذلك رغم أن الجميع كان يعيش في سلام قبل وصولهم، لم يكن هناك أي من الحوثيين أو الإرهابيين المرتبطين بتنظيم الدولة أو تنظيم القاعدة، ومع هذه الأوضاع، تدخل المحتل الجديد، بسرعة كبيرة، في الحياة السياسية لهذه المحافظة التي يبلغ عدد سكانها 650 ألف نسمة، والتي تشكل واحدة من 22 محافظة يمنية“.

وبمقابل التواجد السعودي، تم الإطاحة بالمحافظ السابق للمهرة، “محمد بن كده”، في نوفمبر/ تشرين ثاني 2017، تحت ضغط من الرياض، لصالح “راجح باكريت”، وكلاهما يمني -سعودي، لكن الأخير ظهر سريعاً أنه دمية يتلاعب بها السعوديون.

وقال آل عفرار أن راجح باكريت لا يعتبر حراً، لأنه يتلقى جميع توجيهاته من الرياض، حيث تزامن تعيينه في أوائل عام   2018، مع قدوم تعزيزات كبيرة للقوات السعودية.

ونقلت المجلة تقديرات لمركز “صنعاء” للدراسات الاستراتيجية، تبين أن السعوديين أسسوا خمس قواعد عسكرية رسمية في المهرة، لكن المصادر المحلية تعتقد أن هناك ستة أضعاف هذا العدد.

وتوافد خلال هذه العملية مئات اللاجئين السلفيين من داخل اليمن، وخارجها، إلى مدينة قشن بالمهرة، حيث منحهم السعوديون الأرض، ويمدهم مركز الملك سلمان للإغاثة بالمعونات. ويرى سكان المهرة أنها محاولة من الرياض لتوسيع نفوذها، وبعد احتجاجات كبيرة ألغي بناء مركز سلفي لهم.

ونقلت المجلة عن “إليزابيث كيندال”، الباحثة بجامعة أوكسفورد المتخصصة في الشأن اليمني، قولها: “على الرغم من ذلك، يستمر التدخل السعودي في إثارة العداء بشكل قوي، خاصة على طول الساحل المكتظ بالسكان” مشيرة إلى أن هذه مجرد بداية، فالموضوع الحقيقي في مكان آخر.

وقالت إن مصدراً دبلوماسياً غربياً، قريب جداً من القضية أكد أن تواجد السعوديين في المهرة لبناء خط أنابيب للنفط، وهذا سيمكنهم من تجنب مرور نفطهم عبر مضيق هرمز، الذي لا يزال منطقة معرضة للتوترات الدولية.

وأكد الشيخ “علي الحريزي”، الذراع اليمنى للسلطان آل عفرار، لـ”لكسبريس” أن مشروع السعودية غرضه سرقة هذه الأرض من أجل الوصول إلى بحر العرب، “لكن شعب المهرة لن يدعها تفعل ذلك“.

وأشارت المجلة إلى أنه في سبتمبر/ أيلول 2018، قامت بعض أبناء المهرة المسلحين، بإبعاد فريق من المهندسين السعوديين الذين أرادوا البدء في بناء طريق في منطقة خرخير الصحراوية، على الحدود بين المملكة السعودية واليمن.

و كشف مركز صنعاء عن وجود رسالة موقعة من شركة تابعة لـ”مجموعة ابن لادن” تدعى (هوتا للأعمال البحرية المحدودة) موجهة للسفير السعودي في اليمن، تشكره على قبول إطلاق دراسة جدوى لإنشاء لميناء نفطي.

ويرى “فرانسوا فريسون روش”، الباحث في المركز الفرنسي الوطني للأبحاث، والمتخصص بالشأن اليمني، إنه بالنسبة للسعودية، لا يمكن أن يتحقق هذا الحلم القديم ما دام اليمن جمهورية ذات سيادة، مشيراً إلى أن السعوديون سيستخدمون الوسائل المالية أو العسكرية لفرض أنفسهم في هذه المنطقة، وتأمين نقل الذهب الأسود.

وعن التواجد السعودي، قالت المجلة إن المظاهرات والتجمعات المناهضة للرياض تتزايد، لكن في ظل الوجود السعودي المسلح يخشى الأسوأ، فبعض المراقبين يتخوفون من فتح جبهة أخرى في اليمن الذي دمرته الحرب بالفعل.

ففي 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، بالقرب من ميناء نشطون، أسفرت اشتباكات بين المتظاهرين المسلحين المحليين والجنود السعوديين عن مقتل شخصين من المهرة، لكن “السعوديين” ينكرون مسؤوليتهم. ناهيك عن تحذير من ينتقدون صراحة قوات الرياض أو ميليشياتها شبه العسكرية، التي يتم تدريبها من قبل الإماراتيين والسعوديين، وفقا لعدة مصادر محلية نقلت عنها المجلة.

يحيى السواري صحفي، اعتقل في 3 يوليو/ تموز الماضي، بعد أشهر من تحقيقه في تجاوزات الاحتلال السعودي للمهرة، وتم تسليمه إلى القوات السعودية، حيث أُرسل إلى سجن سري في مطار الغيضة، وهو يدرك أنه ليس الخصم الوحيد المعتقل.

ونقلت المجلة عن السواري، قوله: “كان بعض الناس يصرخون ويطلبون بعض الطعام”. فبعد عدة أيام من الاحتجاز، تم تسليم الصحفي إلى إحدى هذه الميليشيات، وتعرض للتعذيب لمدة ستة وخمسين يوما، قبل أن يتمكن من الفرار.

وقال السواري أن محافظة المهرة تتعرض لقمع سعودي أعمى، ففي يوم اعتقاله ذهب إلى مستشفى الغيضة لتلقي شهادة من فتاة صغيرة نجت من اعتداء سعودي على منزلها، حيث قتلوا جميع عائلتها، وكانت الناجية الوحيدة. مشيراً إلى أن “السعوديين يتصرفون دون عقاب، ولا توجد عملية قانونية، ولا أحد يسمع من الضحايا”.

وعن كيفية وقف هذه التجاوزات إن لم يكن عن طريق المواجهة المسلحة؛ يجيب علي الحريزي: “سكان المهرة ليسوا مستعدين للقتال ضد السعوديين، لكنهم سيضطرون إلى القيام بذلك، حتى لو كان لديهم أسلحة قديمة فقط”، مضيفاً أنهم طلبوا دبابات من حكومة عمان، لكنهم رفضوا.

وأشارت المجلة إلى أن السلطان المنفي يرغب في استقلال المهرة، فلا شك أنه يعتبر ذلك في مصلحته الشخصية وطريق للعودة إلى أرضه الأصلية، لكنه ليس الوحيد الذي يطالب بهذا الانفصال، فالكثير من الناس في محافظة المهرة يريدون أن ينفصلوا.

وقال فرانسوا فريسون روش: “كلما ضعفت الدولة وأصبحت تتلاشى كلما بحثت الكيانات الإقليمية عن حكم السلاطين السابقين، وهذا ما يحدث في المهرة“.

وطرحت المجلة تساؤلات، منها كيف سيكون رد فعل السعودية؟. فمن الناحية النظرية، ليس لدى الرياض مصلحة في إثارة الاستقلال الذي من شأنه أن يزيد من تقسيم هذا البلد الذي يحتضر بالفعل. لكنها قد تقرر أيضا دعم مشروع تحرير المهرة. وبمجرد الاستقلال إن حدث، كيف يمكن لـ”سلطنة المهرة” أن تقاوم الإرادة المهيمنة لمملكة آل سعود؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق