تقارير

جردة حساب لعامين من عار التطبيع.. لا مكاسب حقيقية للإمارات

جردة حساب لعامين من عار التطبيع.. لا مكاسب حقيقية للإمارات

تظهر جردة حساب لعامين من إشهار عار التطبيع بين النظام الإماراتي وإسرائيل أنه لا مكاسب حقيقية للإمارات في ظل معارضة شعبية متنامية.

ويجمع محللون سياسيون على أن مجالات التعاون حتى اللحظة بين تل أبيب وأبو ظبي لا تشكل سوى مكاسب محدودة، ولا قفزة نوعية سواء في التبادل التجاري أو القطاع الاقتصادي ولا حتى السياسي.

وعلى الصعيد العسكري كشفت صحف إسرائيلية في يناير الماضي، رفض الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بيع منظومات دفاع جوي، أبرزها “القبة الحديدية” و”مقلاع داود” للإمارات، كما رفضت تل أبيب شراء أبوظبي مقاتلات “إف-35” من أمريكا.

وفي نوفمبر 2021 أعلنت وزارة حماية البيئة الإسرائيليةُ أنها لن تمنح ترخيصاً لمشروع مشترك مع الجانب الإماراتي يقضي بضخ النفط من الخليج إلى أوروبا مباشرة عبر ميناء إيلات الإسرائيلي على البحر الأحمر.

كما شابت العلاقات الإسرائيلية الإماراتية بعضُ الاعتقالات بحق مواطني الجانبين، وحصل ذلك بتهم سرقة أو اشتباه أمني وغير ذلك.

وسبق أن اعتقلت الإمارات عديداً من الإسرائيليين بتهم تجارة المخدرات، أو إهانة القرآن الكريم وغير ذلك من الجرائم منها السرقة.

في المقابل كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية في آب/أغسطس الماضي، عن إلقاء الشرطة الإسرائيلية القبض على سائحين من الإمارات بشبهة تورطهما في عملية إطلاق نار في “تل أبيب”، قبل أن تفرج عنهما بعدما ثبت عدم تورطهما في الحادث.

ولا يتوقف الأمر هنا بل هناك عثرات كبيرة ما زالت تعيق طريق الطرفين حتى اللحظة، منها عدم الاستقرار السياسي في إسرائيل الذي له تأثير على تعزيز العلاقات بينهما.

وكذلك فإن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن حتى اللحظة، لم تأخذ خطوات عملية حقيقية في دعم اتفاقات ابراهام واكتفت بدعمه بالخطابات فقط.

لاسيما فيما يتعلق بالقضايا الأمنية متعددة الأطراف كما يقول مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي وهذا بالطبع عكس المأمول من أبو ظبي وغيرها في ظل التهديدات الإيرانية المتزايدة للإمارات في حال نشوب أي صراع أو حرب مقبلة على خلفية تعثر الاتفاق النووي الإيراني.

وبالطبع فإن هذه التهديدات الإيرانية تمنع بشكل ما الإمارات في الذهاب أبعد من ذلك بكثير في ظل عدم وجود دعم أميركي حقيقي لأبو ظبي وكذلك امتناع إسرائيل في تزويدها معدات عسكرية متطورة لها.

ومؤخرا أظهر استطلاع للرأي العام أجراه “معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى” منذ شهرين فقط تراجعًا ملحوظًا في نسبة مؤيدي اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل في كل من السعودية والبحرين والإمارات في العام الماضي؛ لتصبح “أقلية”.

ولاقت نتائج الاستطلاع تفاعلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وقال مغردون إن هذه النتائج تُعبّر عن مواقف الشعوب العربية الحقيقية من التطبيع مع إسرائيل.

ووفقًا للمسح الذي أجراه المعهد الأميركي الذي أسسته لجنة العلاقات الأميركية الإسرائيلية المعروفة اختصارًا بـ”آيباك” عام 1985، في مارس/آذار الماضي، فإن أكثر من ثلثي المواطنين في البحرين والسعودية والإمارات ينظرون إلى “اتفاقيات أبراهام” نظرة غير إيجابية بعد أقل من عامين على توقيعها.

وبحسب الاستطلاع، تراوح نسبة الذين ينظرون إلى اتفاقات التطبيع بشكل إيجابي بين 19% و25% في السعودية والبحرين والإمارات

وقد أثار التطبيع الكثير من الجدل داخل الإمارات -وفي الوطن العربي- حول جدواها للدولة، وابتعادها عن الثوابت والهوية الوطنية والقومية العربية، خاصة أن أبوظبي حفزت البحرين والسودان والمغرب وجذبتها إلى التطبيع.

وخلال العامين الماضيين مرت العلاقات بين أبوظبي وإسرائيل بتوتر وأزمات، ثم عودة للعلاقات. كان أبرز الأزمات التي واجهت هذه العلاقة في مارس 2021 عندما علقت الإمارات خططا لعقد قمة في أبوظبي مع الاحتلال والولايات المتحدة ودول عربية، احتجاجا على محاولات رئيس الوزراء الإسرائيلي (في ذلك الوقت) بنيامين نتانياهو استخدام الزيارة لدعم حظوظه في الفوز بالانتخابات المقررة في الشهر ذاته.

التوتر الآخر بعد ذلك بأشهر في يوليو2021 عندما قالت وسائل إعلام عبرية إن حكومة إسرائيل تعيد التفكير في اتفاقية خط أنابيب مع الإمارات لنقل النفط من الخليج إلى أوروبا. وهو ما سبب في رسائل حادة من المسؤولين في أبوظبي إلى الاحتلال الإسرائيلي.

وفي ديسمبر من العام ذاته علقت وزارة حماية البيئة الإسرائيلية العمل باتفاق نقل النفط عبر “إسرائيل” إلى أوروبا. وكانت هذه الصفقة واحدة من أكبر الصفقات التي أسست لها اتفاقية التطبيع.

وبينما تم تعليق هذه الصفقة زار رئيس وزراء إسرائيل حينها، نفتالي بينت، أبوظبي في الشهر ذاته، في محاولة لترسيخ العلاقة وتعزيزها، في أول زيارة لمسؤول إسرائيلي رفيع إلى دول الخليج العربي والتي لم يكن يتصورها قبل عقد من الزمن، واستفاد الاحتلال وبينت من هذه الزيارة، فيما لم تذكر فوائد للإمارات منها.

في الشهر التالي مطلع 2022 زار الرئيس الإسرائيلي أبوظبي، في تأكيد لتعمق العلاقة بين البلدين. ولم يتم التطرق للقضية الفلسطينية في كِلا الزيارتين، على الرغم من السلوك الصهيوني في تلك الفترة تجاه الفلسطينيين والمسجد الأقصى.

وتم تأكيد العلاقة وتعزيزها بتوقيع اتفاقية التجارة الحرة في مايو 2022، لتؤكد أن اتفاق التطبيع يمضي قدماً بوتيرة ثابتة من العلاقات الدافئة بين إسرائيل والسلطات في أبوظبي.

واتفاقية التجارة الحرة بشروطها الخاصة ستزيل الرسوم الجمركية عن 96 بالمئة من السلع المتداولة بين البلدين، وبالتالي يمكن توقع أن تعطي دفعة قوية للتجارة والشراكات عبر مجموعة متنوعة من القطاعات.

على الرغم من أن الإعلان عن هذه الاتفاقية جاء في وقت كان المتطرفون الإسرائيليون يقتحمون باحات المسجد الأقصى، وبعد شهر دامٍ من المواجهة بين الفلسطينيين وجنود الاحتلال ورفع شعارات عنصرية “الموت للعرب” “لتحرق قراكم”.

وتشير الأرقام إلى سرعة كبيرة في تعزيز العلاقة مع الكيان الصهيوني؛ فقد قال وزير الدولة لشؤون التجارة الخارجية ثاني الزيودي إن التجارة الثنائية بين الإمارات وإسرائيل تتجاوز 2.5 مليار دولار في غضون عامين من اتفاق التطبيع.

ونقلت وكالة رويترز عن وزير الاقتصاد عبدالله بن طوق المري قوله إن الإمارات تهدف إلى أن ترفع قيمة النشاط الاقتصادي مع الاحتلال لأكثر من تريليون دولار خلال السنوات العشر المقبلة.

ففي مارس 2021 -على سبيل المثال- أعلنت أبوظبي عن إنشاء صندوق استثماري بقيمة 10 مليارات دولار لدعم القطاعات الإسرائيلية الحيوية، بدءاً من تصنيع الطاقة إلى الرعاية الصحية. وفي المقابل، تدفق آلاف السياح الإسرائيليين على الإمارات، وسافروا في جميع أنحاء البلاد؛ حتى أنهم احتفلوا بعيد هانوكا في دبي.

والأهم من ذلك، تم التركيز بشكل كبير على تعزيز الترتيبات العسكرية في ضوء ما يُعتقد أنه التهديد الإيراني المشترك بين البلدين.  تضمنت المناقشات بيع أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية المتقدمة والتطوير المشترك للطائرات العسكرية بدون طيار، والتي اكتسبت أهمية متزايدة بعد هجوم الحوثيين على أبوظبي في يناير الماضي.

وجاءت قمة النقب في مارس 2022 التي دفعت لها أبوظبي وتل أبيب وضمت مصر والأردن والبحرين، وصلت خلالها النقاشات إلى إنشاء تحالف عربي إسرائيلي بقيادة أمريكية في الخليج العربي لمواجهة إيران، وهو أمر يتسبب بصداع للإمارات التي تعاني بالفعل من غضب إيراني جراء الوجود الإسرائيلي المتعاظم في الدولة والذي تعتبره طهران مهدداً لها.

اعتبر الاحتلال الإسرائيلي أنه حقق إنجازاً تاريخياً جديداً بتطبيع الإمارات لعلاقاتها، بخروجه من عَزله الإقليمي. ومهّد الاتفاق الطريق للتواصل والانفتاح بين الاحتلال ودول خليجية وعربية أخرى؛ فكان حجر الزاوية الذي دفع العواصم الأخرى لاتخاذ خطوة سلام مع الاحتلال. فيما فرص الإمارات غير معلومة عدا الاقتصاد المهدد مع الاحتلال وفتح الطريق للمنتجات الصهيونية لغزو الأسواق العربية.

ويرى المعارض الإماراتي أحمد الشيبة أن “الحكومة الإماراتية بتوجهها الآن تقدم هدايا لإسرائيل، وهي بمثابة ترسيخ لدولة إسرائيل وتصفية للقضية الفلسطينية، فإسرائيل تنتهك القانون الدولي في كل ما تفعله في فلسطين وإسرائيل تحتاج مثل هذه الهدايا التي ترسخ من شرعيتها في المنطقة، فقد يصعب عليها الاستمرار نظرا للوضع السيء داخليا وخارجياً”.

وشدد النعيمي على أن “الاستفادة الأكبر من التطبيع كانت لإسرائيل، لأنها تستقبل استثمارات بملايين الدولارات، إضافة إلى تحسين العلاقات مع دولة عربية لها وزنها بطبيعة الحال”.

وتابع “في المقابل، لم تستفد الإمارات من هذه العلاقة اقتصاديا ولا أمنيا ولا عسكريا، بل أصبحت نفسها الآن على محك تهديدات أمنية كبيرة بسبب وجود إسرائيل في المعادلة”.

وأشار إلى أنه “وفقا لتصريحات، هناك ممثل للشرطة الإسرائيلية بشكل رسمي داخل الإمارات. وإذا جئنا على مستوى آخر فالقضية الفلسطينية تسوء يوما بعد يوم مع زيادة الاقتحامات الإسرائيلية”.

المصدر: Emirates Leaks

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق