أخبار

الإمارات تفجر المشهد في اليمن من بوابة شبوة

الإمارات تفجر المشهد في اليمن من بوابة شبوة

عمدت دولة الإمارات إلى التآمر من أجل تفجير المشهد في اليمن وإثارة الاضطرابات الأمنية من بوابة محافظة شبوة جنوب شرقي اليمن.

إذ شهدت المحافظة تفجر الخلافات بين قوات الجيش التابعة للحكومة اليمنية، وقوات العمالقة و”دفاع شبوة” (النخبة الشبوانية سابقاً) المحسوبة على المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، وتحولت إلى اشتباكات مسلحة، اندلعت في مدينة عتق، مركز المحافظة، مسفرة عن قتلى وجرحى.

ويعيد مشهد الاشتباكات إلى الأذهان ما دار في سبتمبر/أيلول 2019، عندما خاضت القوات الحكومية معركةً حاسمة مع “النخبة الشبوانية”، الجناح العسكري لـ”الانتقالي الجنوبي”، استعادت بموجبها السيطرة على المحافظة.

ويبدو أن قوات “الانتقالي” من خلفها الإمارات تريد وضع حد لذلك، مستفيدة من التحولات في المحافظة، خصوصاً بعدما أقيل محافظها السابق محمد صالح بن عديو قبل تسعة أشهر.

وعُيّن عوض ابن الوزير العولقي مكانه، والذي عمد منذ ذلك الحين إلى تمكين “النخبة الشبوانية” (دفاع شبوة) وقوات العمالقة، ما ساهم في التوتر مع القوات الخاصة، قبل أن تنفجر اشتباكات مسلحة.

وتكمن أهمية تطورات شبوة، الغنية بالنفط والغاز، في أنها تعد أول مواجهة بين قوات حكومية وأخرى مدعومة من “الانتقالي” منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي (نقل إليه الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي كافة صلاحياته، وأعلن عن تشكيله في 7 إبريل/نيسان الماضي)، وسط ترقب لتداعيات الأحداث على تماسك المجلس.

ويأتي ذلك خصوصاً في ظلّ التغييرات الواسعة في مؤسسات الدولة، التي يرى مراقبون أنها تصب لصالح تمكين المجلس الانتقالي الجنوبي بشكل رئيسي.

وبدأت شرارة الأحداث الأخيرة في 19 يوليو/تموز الماضي، عندما نصبت قوات “دفاع شبوة” كميناً وسط الشارع العام في مدينة عتق، استهدفت فيه موكب قائد قوات الأمن الخاصة العميد عبد ربه لعكب، ونتج عن العملية مقتل اثنين من حراسة الأخير وإصابة آخر. ويعرف عن لعكب أنه دخل في مواجهات مباشرة مع “النخبة الشبوانية” في سبتمبر 2019.

ضجّ الشارع في المحافظة مستنكراً محاولة الاغتيال. ونشرت المحال التجارية المحاذية للشارع العام، الذي وقعت فيه محاولة اغتيال لعكب، مقاطع فيديو تظهر العملية بوضوح. بعد ذلك، أحيلت الأحداث إلى لجنة تحقيق كُلّفت من قبل المحافظ عوض ابن الوزير العولقي للتحقيق في مجرياتها.

إلا أن اللجنة نشرت بعد أسبوع بياناً لم تدن فيه من قام بعملية الاغتيال، بل تحدثت بصورة عامة، وأوقفت متسببين اثنين، بحسب ما أشارت في بيانها، بالتوترات السابقة بين قوات “دفاع شبوة” والقوات الخاصة الموجودة في مدينة عتق.

وتحدثت اللجنة عن إيقاف كل من العميد لعكب قائد قوات الأمن الخاصة، واللواء في “دفاع شبوة” وجدي الخليفي، لإنهاء حالة التعبئة العامة بين الطرفين وحلّ المشكلات بشكل جذري.

وبحسب مصدر متابع للوضع الأمني في شبوة، تحدث فإن “بيان الجلسة التي أوقفت المعتدى عليه وساوت بينه وبين المعتدي، بيان ضعيف، ورمى بشبوة اليوم إلى عمق الصراع”. واعتبر أن “الجلسة، لو دانت من قام بمحاولة الاغتيال بحسب الإجراءات القانونية، لما شهدنا الانفجار الذي يحدث اليوم”.

عقب ذلك، ظهر عوض ابن الوزير في 25 يوليو الماضي، في اجتماع للجنة الأمنية، تحدث فيه عن أن وجود قوات “دفاع شبوة” كشف له الانفلات الأمني الذي لم يكن ظاهراً في السابق، وعن جهود هذه القوات “في ضبط الأسلحة والأمور التي لم تكن تظهر في السابق”.

وفي ظلّ أجواء التوتر، نشر المحافظ قبل أيام قرار إقالة لعكب، ما قوبل بالرفض من قبل وزير الداخلية اليمني إبراهيم علي حيدان، الذي اعتبر ذلك تجاوزاً.

نتيجة لذلك، اندلعت التوترات الجديدة التي دخلت فيها القوات السعودية، يوم الخميس الماضي، وسيطاً بين قوات “دفاع شبوة” والمحافظ، وبين القوات الحكومية، لحل الأزمة، لكنها فشلت.

ومع أن شبوة عاشت حالة من الاستقرار، خصوصاً بعد سيطرة الحكومة الشرعية على المحافظة بعد معركتها مع “النخبة الشبوانية”، الجناح العسكري لـ”الانتقالي”، في سبتمبر 2019، إلا أن الأوضاع الأمنية عادت إلى مربع التوتر في الفترة الأخيرة.

خصوصاً مع تعدد القوى الأمنية داخل المحافظة، بعد عودة “النخبة الشبوانية” بمسمى قوات “دفاع شبوة” وقوات “العمالقة”، التي كان لها دور بارز في تحرير مديريات بيحان وعسيلان والعين بداية العام، إضافة إلى القوات الأمنية والعسكرية الحكومية.

ولم تندلع التوترات بين القوات الحكومية ودفاع شبوة فقط، بل كانت تنشب بين “دفاع شبوة” وأفراد “العمالقة” الذين أصبحوا، بعد تحرير مديريات بيحان الثلاثة، قوة أمنية تتمركز في مديريات عديدة وأسسّت معسكرات في مناطق استراتيجية بالقرب من مدينة عتق عاصمة المحافظة.

تُضاف إلى ذلك الاشتباكات التي تقع بين “العمالقة” والمواطنين، خصوصاً في مديريات بيحان وعسيلان والعين التي استقدمت قوة “العمالقة” لتحريرها من الحوثيين، إلا أنها غالباً ما تنتهي بسقوط ضحايا مدنيين.

ويرى مراقبون أن الإمارات تريد لمحافظة شبوة أن تعيش نموذج مدينة عدن الجنوبية، بداية من خلال إثارة المشاكل مع الوحدات الأمنية، ثم محاولة اغتيال قادة عسكريين كان لهم دور بارز في ترسيخ الأمن في شبوة، إلا أن وضع شبوة يختلف بسبب وجود قوات حكومية متعددة داخل المحافظة.

وبحسب المراقبين تُختبر فاعلية السلطات التوافقية بمدى قدرتها على تطويع عوامل إعاقتها الذاتية، أو على الأقل تقليصها بما يؤدّي إلى تشكيل سلطة متوازنة، تقوم بمسؤولياتها حيال المواطنين.

وإذا كان المجلس الرئاسي اليمني قد نشأ سلطةً توافقيةً بين وكلاء السعودية والإمارات في اليمن، وبموجب إرادة الحليفين، فإن إدارته الدولة كرّست تمايزات القوى المنضوية فيه على حساب واحدية العمل بوصفه سلطة.

ففي مقابل قفز المجلس الرئاسي على أولويات توحيد مؤسسات الدولة وأجهزتها، بما في ذلك احتكار الموارد والثروات وإدارتها بما يخدم مصالح المواطنين، لجأ إلى مبدأ التوافقات السياسية في التمثيل، باعتبارها ضامنا لاستمرارية سلطةٍ، بيد أن هذه السياسة، وإن كانت نتاج ظروفٍ معينة، فإنها لا تؤسّس لسلطة موحدة ومستقرّة، كما لا تبني دولة.

إذ أخضعت القوى السياسية المنضوية في مجلس القيادة الرئاسي صيغة السلطة التوافقية لصالحها، بحيث استطاعت، في الأخير، تحويله إلى مظلةٍ لتقاسم النفوذ لا أكثر.

ففي مقابل احتفاظها بكياناتها السياسية وأدوات استقلاليتها، بما في ذلك بقاء تشكيلاتها العسكرية على الأرض ورقة ضغط، فإنها حرصت على تكييف مبدأ التوافق، لتمكينها من سلطة المرحلة.

وإذا كان التوافق هو الخيار الأمثل الذي تبنّته قوى المجلس الرئاسي لتطويع خلافاتها البينية، أو على الأقل تأطيرها من خلال ضمان تمثيلٍ متساوٍ في السلطات المحلية، وكذلك في الجهاز الحكومي، فإن التوافق، وإن أحدث نوعاً من الشراكة بين قوى سياسية متجانسة، وتمتلك مرجعية واحدة، لكنها لا تكون ضمانةً مثاليةً لتطويع القوى المتصارعة والمسلحة.

باعتبار أن تناقض مرجعيات القوى المنضوية في المجلس، وكذلك اختلاف مشاريعها بما في ذلك فكرتها حول الدولة، يجعل منه أداةً لتمكين قوى على حساب أخرى، وكذلك الحد من نفوذها في جهاز الدولة.

ومن ثم، يظلّ مبدأ التوافق مؤقتا، وإن عمل على تخفيض الصراع البيني، إلى جانب أن مبدأ التوافق يقتضي وجود سلطةٍ قوية، تحتكم إلى دولةٍ مركزيةٍ تدير المناطق الخاضعة لها، وكذلك مشروعية سياسية، وهو ما يتعارَض مع ظروف تشكّل المجلس الرئاسي.

ومن ثم تعزّز هذه السياسة مكاسب القوى والجماعات المسلحة واستقلاليتها، وعامل تقويض لسلطة المجلس الرئاسي على المدى البعيد، كما أن التوافقات المبنية على حسابات الحلفاء الإقليميين قد تقوّضها تحالفات ثنائية، تتشكّل بين قوى المجلس في حال كان التمثيل لا يخدم مصالحها.

إضافة إلى أن فرض كل قوى لممثلها في مناصب الدولة ينشئ، على المدى البعيد، قوى داخل الدولة، وأن تكريس المحاصصة قاعدة في إدارة السلطة بين الفرقاء تؤكّد فشلها، وأنها الطريق المؤدّي إلى الاحتراب، فضلاً عن أن إخضاع التقاسم في مفاصل الدولة لمعادلة الجنوب مقابل الشمال يقوّض وحدوية الدولة، ومن ثم يكرّس النزعة الانفصالية، ويمنحها تعضيداً، وهو ما يخدم مخطط الإمارات.

المصدر: Emirates Leaks

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق