أبحاث ودراسات

دراسة: واقع مظلم لحقوق الإنسان في الإمارات

دراسة: واقع مظلم لحقوق الإنسان في الإمارات

بفعل القمع الممنهج وسحق الحريات، أبرزت دراسة الواقع المظلم لحقوق الإنسان في الإمارات في ظل تجاهل السلطات الرسمية القيام بأي جهود لوقف الانتهاكات المستمرة منذ 2011.

وسلطت الدراسة الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والإعلام “إيماسك”، انتهاكات التعذيب، المحاكمات السياسية، والافتقار إلى استقلال القضاء، وحظر ممارسة حرية التعبير والتجمع، وتجريم أي شكل للانتقاد في الإمارات.

وقالت الدراسة إنه يوجد في الإمارات عشرات المعتقلين السياسيين معظمهم من المواطنين الإماراتيين الذين طالبوا بالإصلاحات السياسية.

وتؤكد التقارير الحقوقية من منظمات دولية، إضافة إلى تقارير لخارجيات دول “أبرزها الخارجية الأمريكية” إلى استمرارية الانتهاكات التي يمارسها جهاز أمن الدولة بحق المواطنين الإماراتيين.

وتحظر السلطات الإماراتية وجود أي منظمة لمراقبة حقوق الإنسان أو وسائل إعلام مستقلة في البلاد مستقلة، لكن توجد لجان ومنظمات حقوقية تابعة للسلطات الإماراتية ولا تنفصل عنها.

وتستخدم السلطات نظام العدالة الإماراتي لارتكاب مزيد من الانتهاكات واعتقال وسجن المنتقدين.

الاعتقالات التعسفية

اعتقل جهاز أمن الدولة عشرات المواطنين وراقبت النشطاء المحليين الذين انتقدوا السلطات، لاسيما أولئك الذي استخدموا شبكات التواصل الاجتماعي من أجل الانتقاد.

واعتبرت السلطات أي انتقاد تهديد للأمن القومي الإماراتي، وتهديداً لاستقرار في البلاد. بل واتهامهم بالإرهاب، ووضعت جمعية دعوة الإصلاح في قوائم الإرهاب،

والجمعية تأسست بشكل علني منذ 1974م ولم يعرف عنها أي هجمات أو عنف، وقامت السلطات بقمع الجمعية وأعضائها منذ 2011 بسحب جنسية بعض أعضائها واعتقال عشرات آخرين في 2012 وحتى اليوم، على الرغم من سجل اللاعنف والدور الذي لعبه مؤسسوها وأعضاءها في تقدم الدولة خلال الخمسين عاماً الماضية.

وفي عام 2013، أدانت محكمة أمن الدولة الإماراتية وحكمت على 69 من أصل 94 مواطناً إماراتيا (الإمارات94) بسبب توقيعهم على عريضة إصلاحات ضمن عشرات المثقفين والنخبة في الإمارات تطالب بمجلس وطني كامل الصلاحيات، واعتبرت مواقفهم وتصريحاتهم محاولة “لقلب نظام الحكم”!

توالت الاعتقالات منذ 2012 لمن يقومون بانتقاد السلطات، أو يدعمون عائلات المعتقلين السياسيين في سجون جهاز أمن الدولة أو يتضامنون معهم في عدد من الحالات قامت السلطات باعتقال مواطنين لأنهم تضامنوا مع أقاربهم في السجون.

ليس ذلك فقط بل إن السلطات تستمر في اعتقال الناشطين الحقوقيين والمنتقدين لسلطتها رغم انتهاء فترات السجن التي حُكم عليهم بها.

والمعتقلون الذين انتهت أحكامهم ولا يزالون في سجون أبوظبي هم: عبد الله الحلو والذي انتهت عقوبته في 22 أبريل/أبريل 2017، وخليفة ربيعة الذي انتهت عقوبته في 23 يوليو/تموز 2018، وعبد الله الهاجري ، الذي انتهت عقوبته في 16 يوليو/تموز 2019، كذلك عمران الرضوان الحارثي والذي انتهت عقوبته في 16 يوليو/تموز 2019.

وكذلك فهد الهاجري والذي أنهى عقوبته منذ 2 مارس/آذار 2020، ومحمود الحوسني والذي انتهت عقوبته في 16 يوليو/تموز 2019، ومريم سليمان البلوشي التي انتهت عقوبتها في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وأمينة محمد العبدولي التي انتهت عقوبتها في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

وحرمان المعتقلين من الحرية لسنوات طويلة بعد انتهاء أحكامهم يُظهر “ازدراء صارخا لسيادة القانون. لهؤلاء الرجال جميعهم حياة وعائلات ليعودوا إليها، وينبغي ألا يواجهوا احتمال الاحتجاز إلى أجل غير مسمى، وهو أمر قاس وغير قانوني”. حسب ما أفادت منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية.

عرّضت السلطات الإماراتية المعتقلين السياسيين إلى تعذيب جسدي ونفسي استمر لأشهر، واستُخدمت الاعترافات القسرية كدليل في المحاكمات السياسية.

كما اشتكى السجناء من ظروف سجنهم المزرية ونقص الرعاية الطبية، والانتهاكات التي يمارسها السجانون بحقهم.

بما يشمل: الضرب المبرح، السجون الانفرادية، التعذيب، المنع من الصلاة، المنع من الوصول إلى الكتب، المنع من الملابس النظيفة، المنع من الزيارات العائلية.

وتبقى جرائم التعذيب ضد معتقلي الرأي دون تحقيق أو محاسبة. ولم يبدي القضاء الإماراتي اي تحرك في اتجاه فتح تحقيق رغم طلبات معتقلي الرأي التي تقدموا بها خلال المحاكمات مما يشجع على إفلات الجناة ويشكل انتهاكا لالتزامات الإمارات بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب.

الاتهام بالإرهاب

تستخدم السلطات “مواجهة الإرهاب” في إطار جهودها لمهاجمة المنتقدين والمعارضين، ففي عام 2012 صنفت جمعية دعوة الإصلاح في قوائم الإرهاب، إلى جانب عشرات المنظمات الإسلامية التي تعتبر بعضها نشطة في أوروبا والولايات المتحدة ولم تسجل عليها أي أعمال أو دعوة لعنف.

العام الجاري (2021) أعلنت السلطات عن إضافة أربعة مواطنين إماراتيين في الخارج في قوائم الإرهاب وهم “الناشط الحقوقي حمد الشامسي، والمستشار القانوني البارز محمد صقر الزعابي، والكاتب والخبير التربوي أحمد الشيبة النعيمي، والدكتور سعيد الطنيجي رئيس جمعية دعوة الإصلاح السابق في رأس الخيمة”.

تشمل تجميد الأصول، ومصادرة الممتلكات، وتجريم اتصالات أقاربهم المقيمين في الإمارات معهم.

والمعارضون الأربعة جميعهم في منفى اختياري، وأبلغوا جميعا عن أشكال مختلفة من المضايقات على أيدي أجهزة الأمن ضد أفراد عائلاتهم المقيمين في الإمارات لمجرد أنهم أقاربهم، تشمل منع السفر، والمراقبة المكثفة، والقيود على الحقوق الأساسية بما فيها العمل والتعليم، وحتى إلغاء جوازات السفر.

وفي الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني 2021 توفي نجل “النعيمي” المريض بشلل دماغي في مستشفى إماراتي، وكانت السلطات منعته من السفر منذ 2014 للانتقام من والده.

ومع فوز مسؤول سابق في الداخلية الإماراتية بمنصب رئيس الانتربول يخشى المواطنون الإماراتيون المعارضون في الخارج من تصنيفهم الظالم كإرهابيين يمكن أن تتبعه مذكرات “إنتربول” حمراء خادعة تصدرها أبوظبي ضدهم.

سياسة العقاب الجماعي

يفرض جهاز أمن الدولة الإماراتي سياسة عقاب جماعي بحق المعتقلين وعائلاتهم، حيث يحرم عائلات المعتقلين من التعليم، والصحة، والوظيفة العامة، إضافة إلى سحب الجنسيات من عائلاتهم ورفض تجديد جوازات السفر.

ويمنع جهاز أمن الدولة عشرات العائلات من السفر إلى خارج البلاد، بسبب أن أحد ابناءها معتقل أو تعتبره معارضاً للنظام يعيش خارج الدولة.

وركز أمن الدولة جهوده في الآونة الأخيرة للضغط على زوجات المعتقلين بكافة الوسائل الممكنة لدفعهن إلى طلب الطلاق، وقد تحول ذلك لأسلوب ممنهج ضد جميع المعتقلين الذين تم سحب جنسياتهم.

كما يجبر جهاز أمن الدولة سكان على التعامل مع عائلات المعتقلين بعنصرية “بكونهم نتوء شاذ” عن توجيهات جهاز الأمن لذلك يستوجب عقابهم، في سياسة عقاب جماعي لم يبلغ عنها في تاريخ الإمارات الحديث.

القوانين سيئة السمعة

زادت السلطات الإماراتية منذ 2011 في القيود على شبكات التواصل الاجتماعي، ولتحقيق غايتها أصدرت قوانين بمن فيها: مرسوم الجرائم الإلكترونية لعام 2012 الذي وضع أساسًا قانونيًا لمقاضاة المتهمين باستخدام تكنولوجيا المعلومات للترويج للمعارضة.

وفي عام 2015، تم سن قانون مناهضة التمييز، والذي يجرم نشر المواد السياسية أو الدينية “الاستفزازية”. وسُجن عدد من النشطاء لخرقهم المرسوم.

في عام 2019، وقع العديد من أعضاء الكونغرس الأمريكي، من كلا المجلسين، رسالة إلى القيادة الإماراتية يحثون فيها على إطلاق سراح أحد هؤلاء الناشطين، وهو أحمد منصور.

وأصدر البرلمان الأوروبي قرارين تطالب بالإفراج عن أحمد منصور وعالم الاقتصاد الإماراتي الأكاديمي ناصر بن غيث وبقية المعتقلين السياسيين.

كما أصدرت السلطات قانون مكافحة الإرهاب سيئ السمعة الذي يمنح مجلس الوزراء الإماراتي سلطة إصدار قرار بشأن إنشاء قوائم بالمنظمات الإرهابية أو الأشخاص الذين يشكلون تهديدا للدولة.

ويعرّف القانون بشكل عام الأعمال “الإرهابية” على أنها، من بين أمور أخرى، إثارة الذعر بين مجموعة من الناس واستعداء الدولة، دون اشتراط أن يكون العمل يهدف إلى التسبب في وفاة أو إصابة خطيرة لتحقيق هدف سياسي أو أيديولوجي. ما يجعل أي انتقاد للسلطات مهما كان بسيطاً تهمة متعلقة بالإرهاب.

كانت مجموعة من خبراء الأمم المتحدة حذرت في فبراير/شباط 2020 من أن السلطة التنفيذية “يمكنها الموافقة على حظر أي كيان تعتبره إرهابيا دون أن تكون ملزمة قانونا بإثبات وجود سبب موضوعي للاعتقاد بأن التصنيف له ما يبرره، رغم الآثار بعيدة المدى التي قد تترتب على هذا التصنيف”.

كما حذر الخبراء من أن القانون يمكن أن يسهم في الاستخدام التعسفي وغير المتناسب لهذه السلطات، ما قد يؤدي إلى تجريم أو اضطهاد المنظمات أو الأفراد الذين ليسوا إرهابيين بطبيعتهم.

وأجرت الإمارات تعديلات على قانون العقوبات وواجه انتقادات واسعة من المنظمات الدولية، باعتبار مواد القانون فضفاضة ويمكن استخدامها في مصادرة حقوق المواطنين والمقيمين، ويجعل السلطات هي التي تحدد المُتهم وهي التي تصدر الأحكام.

وتعمدت سلطات الدولة صياغة مواد التجريم والعقاب بشكل عام وفضفاض من أجل التمكن بسهولة من ملاحقة الناشطين السياسيين والحقوقيين والمدونين وحبسهم لمدد طويلة.

غياب القضاء

ينص دستور الإمارات على استقلال القضاء، لكن قرارات المحاكم تخضع للنقض من قبل القادة السياسيين. وتخضع المحاكم لتدخلات جهاز أمن الدولة.

ويعمل الرعايا الأجانب في القضاء مما يجعلهم عرضة للتهديد بالترحيل. ويتعرض نظام العدالة الإماراتي إلى الكثير من الانتقادات بسبب سيطرة السلطة التنفيذية على القضاء.

ورفضت المحاكم مراراً طلبات المعتقلين بالتحقيق في الاخفاء القسري لأشهر في سجون جهاز أمن الدولة وتعرضهم للتعذيب الذي بدت أثاره في أجسادهم خلال جلسات المحاكمة.

كما لم يرفض القضاء الإجراءات غير العدالة واللاقانونية بالاستمرار في اعتقال الإماراتيين رغم انتهاء الأحكام الصادرة بحقهم، ويتم التمديد لاعتقال بحقهم دون أي سند قانوني.

ويصادر القضاء حق الإماراتيين في كشف الانتهاكات المرتكبة تجاههم بالسماح بالبدء في قضايا جديدة ضد معتقلين كل ذنبهم كشف ما تعرضوا له داخل السجون من بين ذلك بدء محاكمة جديدة للمعتقلتين “أمينة ومريم” بسبب تسريبهن تسجيلات ووثائق للتعذيب والانتهاكات بحقهن.

التحكم بوسائل الإعلام

يشرف “المجلس الوطني للإعلام” (NMC) -التابع لجهاز أمن الدولة- بشكل مباشر على جميع المحتويات الإعلامية، وقد حظرت السلطات دخول بعض الصحفيين والباحثين الأجانب إلى البلاد، وحظرت توزيع الكتب والمقالات التي تسلط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان.

وتحظر السلطات أي انتقاد في وسائل الإعلام لأي من سياستها الداخلية والخارجية، وتفرض على الصحافيين والمسؤولين في تلك الوسائل اتباع خط تحرير واحد يمثل توجهات جهاز أمن الدولة وسياسات السلطات وحدها.

وقد طبقت الدولة معايير صارمة بشكل متزايد لتجديد تراخيص معاهد البحوث والمنظمات الحقوقية ومكاتب صحافة دولية.

من ناحية أخرى تحت بعض المراكز البحثية الجديدة التي تديرها الإمارات والتي يديرها أكاديميون موالون للسلطات أو أصبحت نشطة بشكل متزايد في السنوات الأخيرة، بما في ذلك مركز الإمارات للسياسات ومعهد TRENDS.

المصدر: Emirates Leaks
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق