تقارير

رفض شعبي في الإمارات لإدراج معارضين ونشطاء على لائحة الإرهاب

رفض شعبي في الإمارات لإدراج معارضين ونشطاء على لائحة الإرهاب

قوبل قرار النظام الإماراتي بإدراج أربعة معارضين ونشطاء على لائحة الإرهاب برفض شعبي وسط تأكيد على أن القرار يعد سياسيا ولا يحمل أي صفة قانونية ويمثل ترهيبا للمجتمع.

وأطلق مغردون إماراتيون حملة تحت وسم #ليسوا_ارهابيين للتنديد بقرار النظام الإماراتي بحق المعارضين الأربعة والإشادة بجهود السلمية في تعرية فضائح أبوظبي والدفاع عن حقوق الإنسان في الدولة.

وأعلنت الحكومة الإماراتية قبل أيام عن قائمة جديدة تضم 38 شخصاً و15 كياناً، تُضّم إلى قائمة الدولة للأفراد والكيانات الإرهابية. وجاء على رأس القائمة يوجد أربعة معارضين إماراتيين موجودين في الخارج، تمكنوا من مغادرة البلاد قبل حملة القمع عام 2012م، وحُكم عليهم بالسجن 15 عاماً في القضية المعروفة دولياً بـ”الإمارات94″.

والأربعة هم: الخبير التربوي أحمد النعيمي، والمستشار القانوني والقضائي محمد بن صقر الزعابي، والحقوقي والكاتب حمد الشامسي، ورئيس جمعية دعوة الإصلاح -رأس الخيمة- السابق سعيد بن ناصر الطنيجي. فبعد وجودهم خارج الإمارات منذ تسع سنوات والحكم عليهم غيابياً عام 2013بالسجن 15 عاماً في محكمة سياسية تفتقر لأدنى معايير العدالة -كما تقول منظمات والأمم المتحدة- أعلنت الحكومة أنهم “إرهابيون”.

وكما جَرت العادة فإن جهاز أمن الدولة الذي يدير معظم السلطات في الدولة ويتدخل في صلاحياتها، فإنه يستخدم القوانين والقضاء وكل ما يمكنه لإيصال الرسائل للشعب الإماراتي، خاصة عندما يشعر أن هناك درجة متصاعدة من الانتقاد في المطالب الحياتية للمواطنين، والهدف في معظم الحالات هو “إسكات صوت الانتقاد” أو “الرأي الآخر” ليبقى صوته فقط.

قرار سياسي

وقال مركز الإمارات للدراسات والإعلام “إيماسك” إن القرار الصادر بحق المعارضين الأربعة لا يختلف عن سابقه، فمنذ إصدار قانون الإرهاب (رقم 7 لعام 2014) والسلطات في الدولة تستخدمه كأداة لتجريم وملاحقة من يعبرون عن المعارضة السلمية للحكومة.

وذكر المركز أن السلطات الإماراتية تستخدم قانون الإرهاب لأغراض تخصها، أن القرار الجديد صادر عن “مجلس الوزراء الإماراتي” وليس صادر عن النائب العام، أو عن النيابة العامة أو أي جهة قانونية، بل صادر عن مؤسسة سياسية مهمتها إدارة شؤون مواطنيها وحمايتهم لا اتهامهم باتهامات ل”الانتقام” وإنهاء الصوت المعارض لها.

وتم وضع المعارضين الأربعة على رأس قائمة لأشخاص من أكثر من عشر دول لا يعرف معلومات عنهم أو إن كان إضافتهم لدوافع سياسية أو أن لهم حقاً ارتباط بمنظمات إرهابية. وهذه المعلومات عادة -كما القرار- تُعلن من قِبل النيابة العامة أو جهة تابعة لوزارة العدل، لكن لأن القرار سياسي فقد كُتب بصيغته المعهودة.

وهو سلوك سابق حيث أعلنت السلطات عام 2014 عن قائمة الإرهاب وذكرت منظمات إسلامية في أوروبا والولايات المتحدة لم تسجل سلطات تلك البلدان أي مخالفات لها، أو ارتباط بالإرهاب، بل كان تحريض إماراتي عليها فقط لأنها لا تتوافق وسياسة الدولة في الجاليات الإسلامية على سبيل المثال أو أنها تقترب من جماعات “الإسلام السياسي” في أي بلد عربي تحاربه السلطات. ورفضت تلك الدول قرار الإمارات.

ويعتبر هذا القرار السياسي رسالة للإماراتيين أن المنظومة العدلية هي مجرد ديكور صوري، في القضايا المتعلقة بالسياسة والانتقاد وحرية الرأي والتعبير، وأن القرارات المتخذة في هذا النوع من القرار ستكون سريعة بقرار سياسي لا يمكن نقضه.

والقرار سياسي لأن السلطات فشلت مراراً في إجبار الحكومة البريطانية على تسليمهم منذ 2013م، وفي ظل رفض لندن مطالبات أبوظبي قررت الأخيرة إجراءات من خلال إنهاء عقود مُدربين عسكريين بريطانيين، ووقف استثمارات في المملكة المتحدة. وعندما وصلت السلطات إلى طريق مسدود قررت إضافتهم إلى “قائمة الإرهاب” في محاولة للتأثير عليهم وعلى وضعهم ووجودهم في أوروبا.

وهو قرار سيء لا يسيء للمواطنين الأربعة بل يسيء للإمارات أنها تستخدم “الإرهاب” كأداة لإسكات منتقدين خارج البلاد منذ تسع سنوات لم تسجل ضدهم الأجهزة البريطانية أو الأوروبية أي مخالفة أو ارتباط مخالف للقوانين.

إسكات المجتمع

إلى جانب كونه قراراً سياسياً، فإن هدفه في النهاية “إسكات المجتمع”. وخلال الأيام والأسابيع الماضية أظهر بعض الإماراتيين غضباً من عدم حصولهم على وظائف وتفضيل السلطات الوافد (الأجنبي) على المواطنين الإماراتيين المؤهلين، وشكاوى من الاستغناء عن المواطنين الإماراتيين على رأس أعمالهم واستبدالهم ب(أجنبي).

كما زادت الشكاوى بشأن برامج الحكومة المتعلقة بالإسكان والإقراض، وأمور كثيرة. ولقت تلك الانتقادات تضامن واسع على شبكة التواصل الاجتماعي تويتر ومطالبات بإصلاحها. وهذا النقاش يغُضب الأجهزة الأمنية فكان لِازمَاً على جهاز الأمن تحذير المقربين منه، قَبل باقي معظم المواطنين، بأن النقاش والانتقاد مرفوضان تماماً في ممارسة للترهيب ضدهم.

خلال السنوات التسع الماضية تحمل الناشطين الأربعة إلى جانب آخرين في الخارج عبء انتقاد السلطات، والدفاع عن حقوق المواطنين المسلوبة من قِبل جهاز الأمن. كانوا صوت المواطنين في ظل القمع والترهيب في الداخل.

كما كانوا الصوت الأخير الذي كان يتحدث علناً عن حقوق المواطنين من داخل الدولة هو الناشط الحقوقي البارز أحمد منصور الذي اعتقل في 2019 وحُكم عليه بالسجن عشر سنوات، ومنذ ذلك الوقت لا يزال في زنزانة انفرادية، ويتعرض لتعذيب نفسي بعد تعرضه لتعذيب جسدي، ولا يلتقي محاميه أو عائلته أو يتصل بهما إلى بالنادر جداً.

فهو تحذير للمواطنين والطلاب في الخارج من التواصل مع “المطالبين بالإصلاحات”. وتحذير للمواطنين في الداخل من التواصل معهم أو متابعتهم -حتى على شبكات التواصل الاجتماعي-، وتحذير من المضيّ قُدماً في محاولة انتقاد السلطات في أي مجال، خاصة إن كان سلوكها الأمني المُشبع ب”الانتقام والقمع” واضحاً وقائماً، أو إن كانت قرارات السلطات تمسّ حياتهم بشكل مباشر.

كما أنها رسالة للإماراتيين الذين توقعوا إصلاحاً في ملف حقوق الإنسان في ظل استمرار أبوظبي في الحديث عن تغيّر في سياستها الخارجية، والإعلان عن تشكيل لجنة وطنية “مستقلة” لحقوق الإنسان تعمل وفق مبادئ باريس.

وتؤكد رسالة النظام أن السياسة الداخلية ستبقى على حالها فلا تعديل للقوانين سيئة السمعة ولا حماية للإماراتيين، ولا حَديث في السياسة إلا بإذن مسبق من جهاز الأمن، كما هو الحال في المساجد لا محاضرة أو خاطرة إلا بإذن مستبق.

وتأكيد أنه حتى لو تغيرت السياسة الخارجية فإن “القمع” وحظر الحريات الأساسية للمواطنين ستبقى قائمة، وأن القرار السياسي/الأمني هو ما سيدير اللجنة الوطنية الجديدة.

المزيد من التضييق على أهالي المعتقلين

إن هدف السلطات -أيضاً- من إدراج المواطنين الإماراتيين الأربعة في قائمة الإرهاب، هو دفع المجتمع إلى عزل أهالي المعتقلين السياسيين، وخاصة عائلات المعارضين الموجودين في الخارج، لإجبارهم على العودة أو وقف بقية الإماراتيين الموجودين في الخارج من انتقاد السلطات إذ أن ذلك سينعكس على عائلاتهم.

إذ أن المواطنين يخشون التُهم المعلبة التي سبق وأن اُتهم بها المعتقلين وهي اتهامات توصل إلى الإعدام أو المؤبد.

خلال السنوات التسع الماضية جرى حظر عائلات المعتقلين من السفر، وتشديد الرقابة على عائلات الناشطين الموجودين في الخارج، وسحب جنسية بعض العائلات، ومنعهم من الوظيفة العامة.

لكن كان أخطر ما حدث هو تعامل معهم بعنصرية بكونهم نتوء شاذ عن توجيهات جهاز الأمن لذلك يستوجب عقابهم، في سياسة عقاب جماعي لم يُعلم عنها في تاريخ الإمارات الحديث.

الارتباط بالتطبيع مع إسرائيل

كما يتزامن قرار القائمة الجديدة بالذكرى المشؤومة الأولى لتوقيع الدولة اتفاق “التطبيع” مع إسرائيل (في سبتمبر/أيلول 2020)، والمواطنون الأربعة المدرجون في القائمة هم من المؤسسين للرابطة الإماراتية لمقاومة التطبيع.

ويرأس “أحمد النعيمي” هذه الرابطة، وكان إلى جانب المستشار “محمد الزعابي” و”حمد الشامسي” و”سعيد الطنيجي” من الأكثر ظهوراً على وسائل الإعلام العربية من الإماراتيين رفضاً للتطبيع.

وتزامن هذا القرار مع اتفاقية التطبيع له رسالتين الأولى رسالة لإسرائيل أن أبوظبي تزدهر في ظل التطبيع ولن تسمح لأي مؤسسة تقاومه بالبقاء بل واعتبار من يقوم عليها “إرهابي”.

ورسالة للإماراتيين أن انتقاد التطبيع ومقاومته هي جريمة توصل إلى كونها “إرهابية”، في ممارسة لمنهجية الترهيب والتخويف من ممارسة حق المجتمع في مقاومة الاحتلال والالتزام بالثوابت الوطنية.

إن هذا السلوك هو إهانة لتاريخ الدولة في رفض إسرائيل ودعم القضية الفلسطينية، كما أنه يدعو للسخرية فإسرائيل هو الأول عالمياً في جرائم الإرهاب المرتكبة ضد الفلسطينيين والعرب وجرائم هذا الكيان مسجلة ومدونة يستحي العالم عند ذكرها.

استخفاف بجهود مكافحة الإرهاب

إن قرار السلطات استخدام قانون الإرهاب كأداة لتصفية معاركها السياسية، وقمع الانتقادات هو استخفاف بجهود وتضحيات جنود الدولة من المؤسستين الأمنية والعسكرية في مواجهة وحماية أراضي البلاد من الإرهابيين. وهو استخفاف بجهود العالم في مواجهته.

حوّلت السلطات الإماراتية “الإرهاب” إلى كلمة مطاطية يمكن وصفها على المعبرين عن آرائهم، والمنتقدين لسلوكها السياسي والأمني السيء المتصاعد منذ الربيع العربي، وهو نهج تنتهجه الدول الاستبدادية لتبرير الهجمات على شعوبها، وهو مع دلائل كثيرة تثبت أن الإمارات ابتعدت عن منهج الآباء المؤسسين واختارت طريقاً يهدد مستقبلها وشعبها.

المصدر: Emirates Leaks

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق