تقارير

نظام تداول البورصة السعودي يتوقف لفترة وجيزة…… هل للهاكرز الإيراني علاقة بالأمر؟

خاص – مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث

في خبر مفاجئ، أعلنت الإخبارية السعودية الحكومية، عن توقف نظام تداول الأسهم في البورصة السعودية، دون توضيح الأسباب، ووصفت هذا التوقف، بأنه غير مسبوق منذ ما يزيد عن 15 عاما.

لكن بعد مضي ما يقارب الـ 45 دقيقة، أعلنت السوق المالية السعودية “تداول”، عن استئناف التداولات، وقالت إنه تمت عودة التداولات لسوق الأسهم السعودي، بعد تعطل التداولات بشكل مؤقت بسبب خلل فني، وأن نشاط السوق عاد بشكل كبيعي ومنتظم.

“تداول” تبيّن أهميتها وتدافع عن أنظمتها التشغيلية

تعتبر البورصة السعودية، هي الأكبر في المنطقة من حيث القيمة السوقية لها، فهي تتألف من 200 شركة موزعة على 20 قطاع، ولأجل هذا السبب، حاولت شركة “تداول” المسؤولة عن تشغيل البورصة، طمأنة السوق السعودية وارجاع الثقة به، والتأكيد على سلامة أنظمتها وعملياتها التشغيلية، وأنها تعمل دائمًا على اتخاذ كافة الإجراءات التي من شأنها مصلحة السوق والمتعاملين فيه. وكانت شركة “تداول”، قد قالت حينما توقف التداول في البورصة، بأنها اضطرت لتعليق التداول في السوق بشكل مؤقت، بسبب وجود خلل فني غير متوقع وخارج عن إرادة الشركة. وإن فريق العمل المختص على معالجة هذا الخلل يعمل حاليًا في أسرع وقت ممكن لمعالجته. واعتذرت من عملائها، وأكدت في بيان لها، على سلامة أنظمتها وعملياتها التشغيلية.

وفي تبيان أهمية مجموعة “تداول”، قال الرئيس التنفيذي للمجموعة خالد الحصان، أن سوق الأسهم السعودية أصبحت شركة قابضة تحت اسم مجموعة تداول السعودية، وستضم المجموعة أربع شركات تابعة، هي سوق الأوراق المالية، وشركة مقاصة للأوراق المالية، وشركة إيداع أوراق مالية، وشركة للخدمات التقنية، وتخطط الشركة لطرح عام أولي هذا العام، وعينت جيه.بي مورجان وسيتي جروب وذراع الأوراق المالية للبنك الأهلي السعودي من أجل طرحها العام الأولي.

وتعتبر سوق الأسهم السعودية “تداول”، سوق الأسهم الرئيسي في المملكة العربية السعودية، وقد انضمت بورصة “تداول” إلى مؤشر FTSE Russell S&P Dow Jones للأسواق الناشئة في عام 2019، وهو ما يعتبر شهادة على ثقة المستثمرين في المملكة، ونجاح هذه الشركة، يعتبره النظام السعودي انعكاسًا لنجاح “الإصلاحات” التي يقوم بها بن سلمان في موضوع التطوير المالي المتوافق مع روية 2030، وبالتالي فأن أي هزة لهذه الشركة، سوف يهز قناعات المستثمرين بأهداف رؤية 2030.

هل توقف البوصة السعودية له علاقة بنشاط هاكرز معادي؟

إن رفض شركة “تداول” الإفصاح عن السبب الحقيقي لتعطل التداول في البورصة السعودية، يضع علامات استفهام كثيرة، ويفتح الباب واسعًا على تساؤلات أكثر احراجًا للنظام السعودي، حول ما إذا كانت هناك علاقة بين هذا التعطل، وبين النشاط السيبراني الإيراني، وهل عطل الأنظمة التشغيلية كان لأسباب طبيعية وفنية، أو أنه كان نتيجة لهجوم سيبراني على أنظمة تشغيل الشركة؟ لاسيما وأن مثل هذا التوقف لم يحدث منذ 15 عامًا.

ومن علمنا، إن للسعودية أعداء يتربصون بها، ولديهم الاستعداد لإلحاق الأذى بها بكل المستويات، تأتي إيران في مقدمتها، فهي تشن حربًا عسكرية على المملكة من خلال ميليشيات الحوثي في اليمن، وألحقت بالمملكة خسائر حقيقية حينما ضربت منشأتها النفطية. لذلك فمن غير المستبعد أن تعمد إيران على مهاجمة المصالح الاقتصادية السعودية، من خلال ضرب بورصة تداول الأسهم السعودية الأكثر أهمية في المملكة وفي المنطقة. وما يشجع هذه الفرضية، أن النظام الإيراني غالبًا ما يعتمد على الهجمات السيبرانية في حربه مع خصومه في المنطقة وخارج المنطقة، رغم نفيه لمسؤوليته عنها، لكن الحرس الثوري الإيراني، طالما تفاخر بتلك الهجمات من قبل وحداته الإلكترونية على أهداف إسرائيلية وغير إسرائيلية. وغالبًا ما ينشر الإعلام الإيراني التابع للحرس الثوري، تفاصيل تلك الهجمات الإلكترونية.

من يخترق الخوادم الإسرائيلية قادر على اختراق الخوادم السعودية

وفي سرد بسيط على قدرات الجانب الإيراني في موضوع الاختراقات الإلكترونية وتجاربه الناجحة في اختراق خوادم دولة الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك الشركات الأمريكية، يتبين لنا، أن إيران لها القدرة على اختراق الخوادم السعودية واحداث الضرر فيها، لا سيما وأن “إسرائيل”، تعتبر من الدول الرائدة في موضوع الأمن السيبراني، ولها القدرة الكافية على صد الهجمات الإلكترونية، بل إنها تقوم بتصدير تقنيات التجسس الإلكتروني والاختراقات الإلكترونية لدول العالم، ومع ذلك فقد استطاعت إيران اختراق بعض أنظمتها. وفي تقرير جديد، نشره موقع الجزيرة، قال أن الهاكرز الإيرانيين، قاموا باختراق خوادم حواسيب شركة “دلتا سيستم” التابعة لمؤسسة صناعات الفضاء الإسرائيلية، وتوصلوا إلى ملفات الشركة التي تحتوي على معلومات المشاريع وأشرطة فيديو وأبحاث سرية أخرى، فضلا عن خرقها لخوادم شركة “هابانا لابس” التقنية التابعة لشركة إنتل الأميركية.

وفي احدى الهجمات الإلكترونية الخطيرة، قام الإيرانيون باستهداف شركة المياه في “إسرائيل” وحاولوا التلاعب بنسب كمية الكلور التي تضاف إلى مياه الشرب، تبعه هجوم آخر يعتقد أنه أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن مناطق واسعة. ورغم أن الحادثتين، لم تعلن أية جهة مسؤوليتها عن تلك القرصنة، إلا أن السلطات الإسرائيلية، أشارت بأصابع الاتهام إلى إيران.

وفي دراسة نشرها “مركز أبحاث ودراسات مينا”، جاء فيها، إن إيران تعمد على شن هجمات سيبرانية مدمرة، لإثبات قدرتها على الانتقام. ومن هذه الدول التي تستهدفها إيران، المملكة العربية السعودية، والدنمارك وألمانيا و”إسرائيل” والولايات المتحدة. وأضافت الدراسة، إن مراقبة الرسم البياني للهجمات السيبرانية الإيرانية، يجد أن تلك الهجمات، قد تراجعت على واشنطن منذ توقيع الاتفاق النووي عام 2015، لتركز بشكل أكبر على المعارضين السياسيين والأعداء الإقليميين، مثل إسرائيل والمملكة العربية السعودية، لكنها عادت لتستهدف الولايات المتحدة خلال فترة حكم دونالد ترامب.

فيما تعتبر المملكة العربية السعودية اليوم، من بين الدول ذات الأولوية في هجمات إيران السيبرانية، وقد سبق لإيران أن قامت باختراق مؤسسات سياسية واقتصادية سعودية، بهدف التجسس أو التخريب، وكانت المملكة واحدة من أكثر ضحايا الاستهداف الإيراني شيوعاً بسبب ضعفها في الفضاء السيبراني. فقد سبق وأن هاجمت إيران سيبرانيًا منشآت أرامكو السعودية في 15 أغسطس 2012، إذ تم اخترق عشرات الآلاف من أجهزة الكمبيوتر في شركة أرامكو السعودية وعرضتها لخسائر مالية كبيرة في ظل استخدامها لوسطاء سيبرانيين مجهولين أبعدوا تهمة هذه الهجمات عن طهران.

وفي نوفمبر 2016 إلى يناير 2017، أتلفت هجمات شامون 2، قواعد البيانات والملفات المملوكة للحكومة السعودية والقطاع الخاص، بما في ذلك هيئة الطيران المدني، ووزارة العمل، والبنك المركزي السعودي، وشركات الموارد الطبيعية، أما الهجمات التي قامت بها مجموعة تعرف باسم (Elfin Group)، واستمرت من عام 2016 حتى عام 2019، ضربت أكثر من خمسين منظمة تعمل في المجالات الحيوية والطاقة، وتتوزع أغلبها في السعودية والولايات المتحدة وعدة دول أخرى.

لماذا الصمت إزاء الهجمات السيبرانية؟

إن المعطيات التي لدينا حول ما حصل في البورصة السعودية من توقف مؤقت، يشير على الأرجح، أنه ناتج عن هجمة سيبرانية إيرانية، لكن غالبًا ما تلتزم الدول التي تقوم بتلك الهجمات الصمت إزائها، خشيةً من الإدانات الدولية ضدها. وعلى هذا الأساس، فأن الصمت الإيراني عن تبني تلك الهجمات، ورفض السلطات السعودية توضيح الأسباب الحقيقية لتوقف بورصتها، يمكن أن يندرج ضمن هذه السياسية المتعارف عليها بين دول العالم. وفي هذا الشأن، كشف رئيس مركز أمن المعلومات للبورصة الإيرانية حامد سنجري، عن تعرض السوق المالية الإيرانية، لمحاولات اختراق مستمرة طيلة العامين الماضيين من خارج البلاد، مؤكدًا أن عدد الهجمات الإلكترونية الفاشلة خلال 24 ساعة الماضية مثلًا، تجاوز 100 ألف محاولة.

وإذا كانت إيران قادرة على اختراق خوادم الكيان الصهيوني المعروف بأنظمته الإلكترونية القوية في موضوع الأمن السيبراني، فكيف الحال في السعودية؟ من الطبيعي سيكون الأمر اسهل بالنسبة للإيرانيين لاختراق الأنظمة السعودية. ومن المتوقع أن الإيرانيين، لا يبتغون الإضرار بالاقتصاد السعودية عبر استهداف بورصة التداول السعودية فحسب، إنما يريدون المساس أيضا بهيبة المملكة وزعزعة الثقة بها.

وعلى هذا، يتبين لنا إن الصراع الذي ورط فيه بن سلمان المملكة، لم يكن قد أخذ بالحسبان مخاطر عديدة، أهمها، عدم استعداده لهذا الصراع، وعدم امتلاكه للأدوات التي تُمكنه من الانتصار فيه، وجعل من المملكة ضحية لهجمات عسكرية وسيبرانية وإعلامية، أضرت بمكانة المملكة على المستوى العسكري والاقتصادي، بل إنها هوت بمكانتها الروحية التي كانت تتمتع بها في العالم العربي والإسلامي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق