تقارير

كنتيجة مباشرة لمشاريع بن سلمان الخيالية… ديون جديدة تهدد الاقتصاد السعودي

خاص – مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث

مع تفاقم الفشل الذي رافق ولي العهد السعودي بن سلمان في كافة المجالات، لاسيما الاقتصادي منها، توشك المملكة أن تغرق شيئًا فشيئًا بقروض دولية، لتمثل علامة بارزة في فشل رؤية 2030 التي يروج لها بن سلمان طيلة السنوات الماضية، والتي كان يستخدمها، كنظرية وهمٍ مستقبلية كبيرة، يعطي الانطباع من خلالها، أن المملكة على عتبة مستقبلٍ كبير لا ينافسها أحدٍ فيه، لكنه مع الأسف ثبت أنه كان على العكس من ذلك، وإنه عبارة عن وهمٍ كبيرٍ خدع فيه شعبه.

سيل من القروض لا أحد يستطيع إيقافه

ولأجل التغطية على تلك الخسائر الناتجة عن فشل مشاريع ورؤى بن سلمان الخيالية، والتي كلفت خزينة المملكة مليارات الدولارات، عمِد بن سلمان إلى الاستقراض المرة تلو المرة لتغطية ذلك الفشل، حتى جعل المملكة تعيش في دوامه من القروض الدولية. وفي خطوة جديدة تندرج ضمن هذا الإطار، وقَّع صندوق الاستثمارات العامة السعودي (السيادي)، مع 17 مؤسسة مالية دولية من آسيا والشرق الأوسط وأوروبا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، على اتفاقية تسهيل ائتماني متعدد العملات بقيمة 15 مليار دولار. فيما أقدم صندوق الاستثمارات السعودية في يناير/ كانون الثاني الماضي، على جمع 10 مليارات دولار من خلال قرض متجدد لتدبير سيولة إضافية لتمويل ما يخطط له من مشاريع.

ودأب ولي العهد، على الترويج لصندوق الاستثمارات العامة، بأنه يحقق معدلات نمو منقطعة النظير، بينما تكذب ذلك، حقائق طلبات القروض المستمرة، فلو كانت فعلًا هناك معدلات نمو كبيرة كما يدعي، لما أضطر إلى الاقتراض لتغطية عجزه المالي.

وفي هذا الشأن، ذكرت وكالة “رويترز” إن الصندوق يجري محادثات مع بنوك دولية، منذ العام الماضي بشأن تسهيل قرض، يعتبر القرض الثالث من نوعه خلال السنوات الثلاث الأخيرة، في حين قال أحد مصادر الوكالة، إن الصندوق قد يجمع ما بين 13 مليار دولار و15 مليار دولار من خلال القرض المتجدد لأجل عام، والذي يمكن أن يجدد لأربع مرات. الأمر الذي سيرفع إجمال الديون المصرفية إلى أكثر من 30 مليار دولار، إذا ما علمنا أن قرضين بقيمة 11 مليار دولار وعشرة مليارات دولار جمعهما في السنوات الأخيرة. ومن الجدير بالذكر، أن القرض المتجدد، هو قرض يمكن سحبه وتسديده وسحبه مجددا خلال فترة الإقراض المتفق عليها.

التناقض ما بين وعود الأمس وحقائق اليوم

وهذا الأمر يرجع بنا الذاكرة إلى تصريحات بن سلمان، حول استراتيجية صندوق الاستثمارات السعودي للأعوام 2021-2025، فحينها زعم بن سلمان، أن هذا الصندوق، سيكون أضخم صندوق في العالم، وسيمتلك 3 تريلون دولار في 2018، وذهب لأبعد من ذلك ليدعي، أن أصول هذا الصندوق ستتجاوز 7.5 تريليون ريال في عام 2030، وسيسيطر على أكثر من 10 من استثمارات الكرة الأرضية!

لكن مع ذلك كله، اضطر بن سلمان للاعتراف مؤخرًا، أن أصول صندوق الاستثمارات حتى سنة 2020، لم تبلغ سوى 1.5 تريلون ريال (400 مليون$). بل أنه اضطر للتراجع عن إكمال الكثير من خططه الاستثمارية، رغم اهداره لملايين الدولارات عليها.

وتأكيدًا على نهج بن سلمان في استمراره في سياسة الاقتراض وإرهاق الاقتصاد السعودي، نشرت وكالة “بلومبيرغ” نقلًا عن مصادر خاصة بها، أن مجموعة من المصارف السعودية توشك على إتمام صفقة تمويل بقيمة 14 مليار ريال (3.7 مليار دولار) لصالح شركة البحر الأحمر للتطوير، والتي تتولى الإشراف على مشروح سياحي ضخم أطلقه ابن سلمان مؤخرًا. وأضافت الوكالة، بأن المملكة على وشك الحصول على حزمة تمويل كبيرة، لجزء رئيسي من برنامج ولي العهد لتنويع اقتصاد المملكة. فيما أوضحت مصادر، أن أجل القرض سيكون 15 عاما بسعر فائدة يزيد بنحو 1 في المئة عن السعر المتداول بين البنوك السعودية.

والمشروع المملوك لصندوق الثروة السيادي، والمطل على منطقة سياحية فاخرة، تبلغ مساحة دولة مثل بلجيكا، يستهدف عند اكتماله، بحلول عام 2030، استقطاب مليون زائر سنويا من الداخل والخارج كما يتم الترويج له. لكن وكالة “رويترز” للأنباء أفادت، أن اقتصاد السعودية في خطر حقيقي بفعل مشاريع بن سلمان الخيالية. وأشارت في ذلك إلى مشاريع رؤية 2030 التي كان آخرها مشروع “ذا لاين” الخيالي.

من ناحيتهم، قال خبراء ومحلّلون اقتصاديون، إن السعودية تعاني من فجوة تمويلية لتنفيذ خطط ابن سلمان الخيالية، في وقت لم تثبت اية جدوى الاقتصادية حتى الأن، الأمر الذي سبب عجزًا في ميزانية المملكة بنسبة 12% للعام الماضي، ومع ذلك يصر، بن سلمان على إغراق المملكة بدوامة القروض.

مخاطر اقتصادية غير محسوبة

من ناحيتها، قالت مجلة ذي إيكونوميست البريطانية، إن ولي العهد محمد بن سلمان، يخاطر بأموال صندوق الاستثمارات السعودي في مشاريع مُكلفة، لكنها عديمة الفائدة. فقد عمِد بن سلمان على إنفاق المليارات من هذا الصندوق العام الماضي على استثمارات أجنبية، وشراء حصص في شركات نفط غربية، وخطوط رحلات بحرية، وتقديم عطاءات لشراء أندية رياضية مثل نادي نيوكاسل يونايتد الإنكليزي. أما في الداخل، فيقوم بن سلمان بإنفاق أموال هذا الصندوق على مشاريع مثل المنتجعات ومدن مستقبلية ومشاريع ترفيهية لا تنتهي.

وأضافت الصحيفة، بأن الصناديق السيادية الخليجية ومنها الصندوق السعودي، تم تأسيسها على أساس إنها تدفع دول الخليج إلى عالم ما بعد النفط، لكنها تجد نفسها في مهمة متناقضة، فالصناديق تمول من الثروة النفطية ومن القروض الخارجية، بينما تستثمر في مشاريع محفوفة بالمخاطر.

ويأمل الأمير السعودي حسب ما أوردته الصحيفة، بأن يجتذب 500 مليار دولار كاستثمارات أجنبية مباشرة ومكلفة على مدى العقد المقبل، وهو ما يبدو تفاؤلًا مبالغ فيه. لكن بن سلمان، يصر على المزيد من الاستثمار الخيالية خارج الموازنة العامة ومن صندوق الاستثمارات العامة، حتى أنه يقول، بأنه سيستثمر ما يقارب 150 مليار ريال سنويا بين عامي 2021 و2025 في كل شيء من الزراعة إلى الفضاء.

ومع ذلك كله، فأن ابن سلمان يعتقد إن صندوق الاستثمارات العامة لا يمشي بالسرعة الكافية، فهو يريد من الصندوق أن يستثمر حوالي 800 مليار دولار على مدى العقد المقبل، أي ضعف مستوى إنفاقه الحالي. ولأجل زيادة رأس المال، ويعتقد بن سلمان، إن على الحكومة السعودية، الإسراع في بيع حصصا أخرى من أسهم “أرامكو”، وتحويل الأموال إلى صندوق الاستثمارات العامة.

عواقب وخيمة على الاقتصاد السعودي نتيجة المشاريع الخيالية

ولأجل معالجة العجز في ميزانية المملكة بسبب المشاريع الخيالية لابن سلمان، تقوم السلطات السعودية بتسريع الخصخصة، في ظل تدهور اقتصادي واضح وحاد. وقد ذكرت وكالة “بلومبيرغ” الأميركية، أن السعودية تأمل تسريع عمليات الخصخصة لتضييق عجز الميزانية الذي تضخم العام الماضي بسبب وباء كورونا وتراجع عائدات النفط. وفي الوقت الذي كان يأمل بن سلمان عندما أطلق حملته للتحول الاقتصادي عام 2016، أن تكون خطة الخصخصة أسرع مما هي عليه الأن، إلا أن عمليات الخصخصة لم تمضي كما كان يخطط لها بن سلمان، حينها كان يخطط، لبيع حصص في المرافق ونوادي كرة القدم ومطاحن الدقيق والمرافق الطبية. لكنه ومنذ ذلك الحين حتى الأن، لم يستطيع بيع حصص سوى في شركة أرامكو ومطاحن الدقيق، وفق “بلومبيرغ”. وقد نجحت الحكومة السعودية في بيع مطحنتين بقيمة 800 مليون دولار، في أعقاب مبيعات مطحنتين أخريين بلغت 740 مليون دولار، لكنها هذه العملية استغرقت خمس سنوات حتى تكتمل الصفقة.

إن العملية التي يمضي بها بن سلمان في إدارة الاقتصاد السعودي، لا بد أن تنكشف عورتها، ويثبت للجميع مدى السذاجة والحماقة التي كان يقود بها اقتصاد المملكة، والتي سوف تصب عواقبها الوخيمة على شعب المملكة المغلوب على أمره.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق