أخبار

بسبب النفط.. الخلاف يتصاعد بين السعودية والهند

(مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث – متابعات)

تصاعد التوتر بين السعودية والهند مؤخرا بشأن ارتفاع أسعار النفط، خاصة بعد قرار تجمع الدول المصدرة للبترول وحلفائها “أوبك+”، في بداية الشهر الجاري، بترك الإنتاج دون تغيير على الرغم من تضاعف أسعار النفط تقريبا منذ بداية نوفمبر/ تشرين الثاني.

وتبادل مسؤولون بالبلدين التصريحات الغاضبة، فقال وزير البترول الهندي، في وقت سابق من مارس/آذار: “قرار أوبك وحلفائها أحزننا. إنها ليست أنباء جيدة للهند والصين واليابان وكوريا والدول المستهلكة الأخرى”، وفقا لما أوردته رويترز.

فيما قال مصدر حكومي هندي آخر: “لقد طلبنا من الشركات أن تبحث بقوة عن التنويع. لا يمكن أن نكون رهينة القرار التعسفي لمنتجي الشرق الأوسط”. طلبت الهند بالفعل من المصافي تنويع مصادر الإمداد وخفض الاعتماد على نفط الشرق الأوسط بعد قرار “أوبك+” الأخير.

ورد وزير الطاقة السعودي، الأمير “عبدالعزيز بن سلمان”، بأن الهند يجب أن تستخدم أولا مخزونات الخام التي اشترتها بثمن بخس خلال تراجع الأسعار في 2020.

ويسلط الخلاف بين البلدين الضوء على مدى اعتماد كل منهما على الأخرى في تجارة النفط، والاحتمال المتزايد للخلافات بينهما حول ما يشكل سعرا عادلا ومدى تأثيره.

فالهند أصبحت ثاني أهم سوق لصادرات النفط السعودي، ومن المتوقع أن تقدم -مع الصين – كل الزيادة تقريبا في استهلاك النفط العالمي على مدى السنوات القليلة المقبلة، مع ركود أو انكماش الأسواق الأكثر نضجا في أمريكا الشمالية وأوروبا وشمال شرق آسيا.

لذلك ستصبح الهند أكثر أهمية بالنسبة لمصدري النفط، ولذا حرصت السعودية على إقامة علاقات استراتيجية مع شركات التكرير وموزعي الوقود في الهند لتأمين الوصول التفضيلي إلى واحد من أكبر أسواق التكرير والمعالجة الأولية والأسرع نموا في العالم.

وبحسب تقارير، حافظت “أرامكو” السعودية، على إمداداتها لمصافي التكرير الهندية لشهر أبريل/نيسان المقبل، حتى مع خفض الشحنات لأجزاء أخرى من آسيا، في إشارة إلى أن المملكة حريصة على تهدئة الخلاف.

وفي عام 2019، أي قبل أن تتسبب الجائحة في تعطيل التجارة العالمية، كانت السعودية ثاني أهم مورد للبضائع إلى الهند، بينما كانت الهند ثاني أهم وجهة للصادرات السعودية. وفي كلتا الحالتين، كانت الصين الشريك التجاري الأول.

لكن تجارة البضائع بين البلدين كانت غير متوازنة للغاية، حيث صدرت السعودية ما قيمته 27 مليار دولار إلى الهند، بينما استوردت ما قدره 6 مليارات دولار فقط في المقابل.

ونتيجة لذلك، شكلت السعودية ثاني أعلى عجز تجاري للهند (بعد الصين)، في حين شكلت الهند ثاني أعلى فائض تجاري للمملكة العربية السعودية (مرة أخرى بعد الصين).

وعلى نطاق أوسع، تمثل دول الخليج العربي، بما في ذلك العراق والكويت وعمان وقطر والإمارات مجتمعة أكثر من 20% من إجمالي فاتورة الواردات الهندية، ومعظمها في شكل نفط وغاز.

تعتمد الهند بشكل كبير على النفط والغاز المستورد من الخليج وبقية العالم، لذا فإن أسعار النفط هي مصدر رئيسي للضغط على ميزان المدفوعات والاقتصاد المحلي. كما تعتمد الدولة على الواردات لتلبية ما يقرب من 85% من استهلاكها النفطي و55% من الغاز.

لكن الاعتماد المتبادل لا يمنع الخلافات الخطيرة في الأسعار بين المصدرين والمستوردين حول ما يشكل سعرا معقولا للنفط، ففي السبعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما كان التدفق الرئيسي لنفط الشرق الأوسط إلى أوروبا والولايات المتحدة، كانت الخلافات الرئيسية بين “السعودية/أوبك” والمستوردين حول شمال الأطلسي.

وفي العقدين الماضيين، أدى انخفاض استهلاك النفط فيما يتعلق بالناتج المحلي الإجمالي، وزيادة ضرائب الوقود، وثورة النفط الصخري في الولايات المتحدة إلى تقليل تعرض أوروبا والولايات المتحدة لتغيرات الأسعار الناشئة في الشرق الأوسط.

وكانت إدارة العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع الولايات المتحدة وأوروبا الغربية أولوية قصوى للمملكة العربية السعودية وأوبك، أما الآن فأصبح التأثير الرئيسي لتغيرات الأسعار محسوسا في آسيا، وخاصة الهند والصين، وستتطلب هذه العلاقات اهتماما تجاريا ودبلوماسيا وسياسيا أكبر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق