تقارير

دعوة لتعايش الإلحاد مع عبادة الاصنام والأديان المُحرَّفة…. الإمارات تُعيد الجاهلية لأرض الجزيرة من جديد

خاص – مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث

استكمالًا لمشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني، كان لا بد من ترويجه ليس على مستوى الأنظمة العربية فقط، إنما ترويجه ليصل إلى وجدان الشعوب العربية المسلمة، من خلال أكثر الأمور حساسية عندهم، وهو موضوع العقيدة والدين، ذلك لأن الصهاينة لديهم يقين، بأن التطبيع لن يكون ذو قيمة، إذا لم تم تأطيره بطابع ديني ودوافع عقائدية، تجعله أكثر قوة وثبات، ويُغير النظرة إليهم من قبل شعوب المنطقة، من نظرة عدائية، إلى نظرة صداقة وحب ووئام، حينها سينخفض مستوى ممانعة الشعوب للتطبيع إلى الحد الأدنى الذي لا يمكن لها أن تصمد أمام المد التطبيعي القادم.

وفي هذا الشأن، أنبرى حكام دولة الإمارات العربية، للقيام بهذه المهمة، وأخذوا على عاتقهم الترويج للتطبيع مع الصهاينة على المستوى الديني والعقائدي، وها هم اليوم، يدعمون فرية جديدة تدعى “الدين الإبراهيمي”، أنفقت عليها المليارات، وقامت بتجنيد من تستطيع تجنيده، من رجال دينٍ وكتابٍ مأجورين، حتى يقلبوا الحق باطلًا والباطل حق.

بدعة “الدين الإبراهيمي” كيف نشأت وما مظاهرها ومن يدعمها؟

من الواضح إن الكيان الصهيوني ومن خلفه الصهاينة الأمريكان، وبؤر الإنجيلية في أوروبا، وبعد فشلها في تسويق فكرة وجود الدولة الإسرائيلية في قلب الأمة العربية والإسلامية، بعد عشرات السنوات من معاهدات السلام التي أبرمتها مع الأنظمة العربية سرًا وعلانية، لم تستطيع تسويق هذه الفكرة إلى الشعوب العربية والإسلامية، وبقيت معاهدات السلام، على كف عفريت، يمكن أن تذهب أدراج الرياح بأي ثورة تقوم بها الشعوب على أنظمتها، لتعصف بتلك الأنظمة واتفاقيات التطبيع التي أبرمتها.

فكان لا بد من استراتيجية أخرى بديلة، لتسويق هذا التطبيع، فقاموا بإيجاد بدعة “الديانة الإبراهيمية” التي تستند على استخدام الدين ووضعه تحت جناح اليهودية التوراتية، لتحل هذه الاستراتيجية الجديدة، محل المسار السياسي التفاوضي الفاشل والمرفوض شعبياً، مستغلين هزيمة الدول العربية عسكريا وأمنياً واقتصاديا. وأختار حكام دولة الإمارات، أن يكونوا رأس الحربة في تنفيذ هذا المخطط بأدواته الدينية.

ويعود تاريخ وضع أسس هذه الاستراتيجية، إلى عهد أوباما وإدارته الديمقراطية، التي قامت بتأسيس مؤسسة متخصصة بها كجزء من وزارة الخارجية الأمريكية، لتصبح جزءً من السياسية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط. وحشدت لأجل ذلك، مجموعات عمل متخصصه من رجال الدين لمزاوجة العمل السياسي بالدين. كما دعمت منظمات المجتمع المدني في البلدان العربية. وحينما جاءت إدارة ترامب، لم تلغي تلك الجهود، بل إنها بلورتها لتجعل منها استراتيجية، تنهي خلالها الصراع العربي الإسلامي مع الكيان الصهيوني.

ماذا كان رد فعل علماء الأمة؟

وبسبب خطورة هذه البدعة الجديدة التي يراد منها أن يفقد المسلمين دينهم وعقيدتهم، نادى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إلى عقد مؤتمرًا حوله، لتبيان موقف الأمة الإسلامية مما يسمى بـ”الديانة الإبراهيمية”. ففي تاريخ 21 من شهر فبراير/ شباط الجاري، سيعقد مجموعة من علماء الأمة من سائر شرائح المسلمين في العالم الإسلامي، اجتماعًا افتراضيًا، يسعون خلاله، جمع كلمة المسلمين في مواجهة هذه البدعة والتعبير عن رفضهم القاطع لها ولسائر البدع الأخرى التي ترمي الإساءة للإسلام.

يرعى هذا المؤتمر بالإضافة إلى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، كل من رابطة علماء المسلمين، وهيئة علماء المغرب العربي، وهيئة علماء فلسطين في الخارج، وبمشاركة نخبة متميزة من علماء الأمة يمثلون 18 دولة، من بينهم، فضيلة الشيخ العلاّمة علي القره داغي، والشيخ العلاّمة محمد الحسن ولد الددو، والشيخ عكرمة صبري، والشيخ الدكتور عبدالحي يوسف، والشيخ الدكتور سلمان الندوي، والشيخ الدكتور عبدالوهاب إيكنيجي، والشيخ الدكتور إبراهيم أبو محمد.

قبل هذا، أدان الدكتور عثمان الخميس، مشروع “الديانة الإبراهيمية”، وقال عنها، أنها تريد جعل دين الله الحقّ، على قدم المساواة مع أديان شهِد القرآن الكريم بتحريفها، وبأنْ لا صلة لها بنبيّ الله إبراهيم عليه السّلام الذي كان حنيفا مسلما: ((مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين))، لكن “الدّعاة” المجنّدين إماراتيا، ثارت حفيظتهم لصالح مشروع علمنة الإسلام وصَهره في قالب “الديانة الإنسانية”، الأمر الذي جعل المشايخ المدعومين إماراتيًا، يتهمونه بتكفير الإمارات الدّولة القائمة على مشروع “البيت الإبراهيمي”.

وبمقابل جهود علماء الأمة، قام حكام الإمارات، باستقطاب بعض العلماء والدعاة لمهمة الرد على علماء الأمة، من أمثال الشيخ عبدالله بن بيه، وعلي الجفري، وتنشيئ لهم ما يسمى بـ”مجلس حكماء المسلمين” كمؤسسة مقابلة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والذي تصنفه الإمارات كمؤسسة إرهابية! ليس لهم مهمة سوى، ليِّ آيات القرآن الكريم لتتوافق مع بدعة “الدين الإبراهيمي”

ومن هذا يتبين إن خطورة التطبيع الإماراتي مع الكيان الصهيوني، ليس على المستوى السياسي أو العسكري، فهي دولة ليست ذات تأثير سياسي أو عسكري كبير، إنما خطورة تطبيعها تكمُن في قيامه على أساسٍ ديني، أندفع فيه عيال زايد لشن حربٍ على الإسلام عقيدة وشريعة، وتعدى مسألة التفريط في مقدسات المسلمين، إلى تبنيهم لمشروع يدعو إلى دين جديد أطلقوا عليه اصطلاحًا بـ”الديانة الإبراهيمية”، وهي ديانة جديدة تبشر بها الصهيونية العالمية، وتتبناها الصليبية الغربية، وتعتبر أن إنشاء بيت إبراهيمي، هو الحل الأمثل الذي تذوب فيه العداوات، وتختفي معه الخلافات.

ولأجل هذا، أعلنت الإمارات، عن نيتها إنشاء صرحٍ في الإمارات، يجمع الديانات السماوية الثلاثة، وسيضم كنيسة ومسجدا وكنيسًا يهودي، متوقع اكتمال بنائه عام 2022.

أما “إسرائيل” فهي تحاول من خلال توظيف مفهوم “الديانة الإبراهيمية”، أيجاد مدخلًا لترسيخ الحق اليهودي بالأراضي العربية الفلسطينية، وإبعاد أتباع الديانات الأخرى عن مناصرة حقوق الشعب الفلسطيني. وليس مستغربًا أن نسمع مستقبلًا، مشروع (الولايات المتحدة الإبراهيمية) والذي سيتألف من ولايات عربية مؤمنة بالمشروع الصهيوني وبقيادة صهيونية، لتحقيق الحلم الإسرائيلي بدولةٍ من النيل إلى الفرات، بعد الاستيلاء القدس كاملة، ومن ثم السطو على المقدسات الإسلامية والمسيحية هناك، والأهم من ذلك ضرب الإسلام والأمة العربية في صميم الدين الإسلامي الذي يجمعهم، وستفتح هذه البدعة إذا ما تم اعتناقها من قبل الأنظمة العربية، الباب واسعًا أمام الحقوق التاريخية المزعومة لليهود في الدول العربية، وخاصة في شبه الجزيرة العربية، والعمل على استعادتها.

حكام الإمارات يطلقون الطوق حول رقبة وسيم يوسف ليسب العلماء

لم تكتفي الإمارات في حربها للإسلام بالاستعانة برجال دين اشترتهم بأموالها، بل أنها قامت بالإيعاز لشخص مثل “وسيم يوسف” المتجنس الإماراتي، ليجعلوه بوقًا لتشويه الدين الإسلامي، ويوزع سبابه وشتائمه على أئمة الدين وعلمائهم الذين لم يستجيبوا لدعوات الإمارات الباطلة في تشويه الدين والترويج للتطبيع. فقام وسيم يوسف، بالتخفيف من وطأة مصطلح “الديانة الإبراهيمية” وجعلها “البيت الإبراهيمي”، مع مهاجمة علماء المسلمين عبر فضائيات الإمارات، ويتهمهم بشتى أنواع التهم، بل ويهاجم حتى دولهم التي ينتمي إليها أولئك العلماء دون خشية من أزمة دبلوماسية بين تلك الدول والإمارات التي يحمل جنسيتها. واستنكر دفاع علماء الأمة عن ثوابت الإسلام ونيتهم بعقد مؤتمر حول هذا الموضوع، وألقى الأكاذيب على بلدان مسلمة، فهو يقول أن على العلماء انكار شاطئ العراة الموجود في تركيا، ورعاية المثليين في تركيا، بدلًا من انكار البيت الإبراهيمي، والحقيقة أن تركيا تُجرم ممارسات المثليين ولا تسمح بوجود شواطئ للعراة كما ادعى وسيم يوسف. ثم هاجم بعد ذلك الكويت لأنها تسمح ببناء الكنائس فيها، والحقيقة أن علماء المسلمين ليست لديهم مشكلة بمراكز عبادات باقي الأديان، أنما مشكلتهم مع من يريد تذويب الدين الإسلامي مع الديانات الأخرى لينتج لنا دين جديد غريب ومشوه وبعيد عن الإسلام. لم يكتفي بذلك، أنما عمِل على تبرئة ساحة الصهاينة من المؤامرات التي حاكوها للأمّة، ليقول: “إسرائيل لم تفجّر المساجد، ولم تصنع الفتنة بين السنّة والشيعة، ولم تحرق كنائس العرب، وكل من فعل هذا هو نحن”.

إن من المرجح أن الإمارات سوف لن تتوقف عند مشروع “البيت الإبراهيميّ”، بل سيتجاوزون ذلك للدعوة للتعايش مع الديانات الوثنية الأخرى في العالم، كالبوذية والهندوسية، خاصّة وقد سبق للإمارات أن نصبت تمثالا لبوذا إله البوذيين في أراضيها، وافتتحت معابد للهندوس أيضًا، تمهيدًا لإرجاع الجاهلية إلى أرض الجزيرة من جديد، جاهلية تخلط ما بين الإلحاد المتعايش مع عبادة الاصنام والأديان المحرفة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق