تقارير

النظام السعودي يطلق سراح لجين الهذلول…. ماذا عن بقية الناشطين المعتقلين؟

خاص – مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث

مع وصول الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن إلى البيت الأبيض، بدأت تظهر تأثيراته على المملكة، وعلى قرارات ولي عهدها محمد بن سلمان، بشكل قرارات وخطوات كانت تعتبر ولحد وقت قريب مستحيلة، ولا يتكهن بها حتى أشد المتفائلين بحصول تغييرات إيجابية على سياسة بن سلمان ضد الناشطين والحقوقيين في المملكة. فبعد مضي ما يزيد عن ألف يوم على اعتقال الناشطة بمجال حقوق المرأة “لجين الهذلول”، أطلقت السلطات السعودية الأسبوع الماضي سراحها، وسط تساؤلات يتداولها المواطنون، عن مصير باقي المعتقلين في سجون بن سلمان، وبدأت تتجدد المطالبات بإطلاق سراحهم الذين لم يرتكب بعضهم سوى نشر تغريدة، كما في حالة الشيخ سلمان العودة الذي تم اعتقاله بسبب دعوته للمصالحة مع قطر. الأمر الذي أثار تساؤلات عن الدور الأمريكي في إطلاق سراح الهذلول، ولماذا لا يتم إطلاق سراح باقي الدعاة والمشايخ. وهل لأن الهذلول في نشاطها المدني قريبة من التوجهات الغربية؟ عكس ما هو عليه الحال في موضوع المشايخ والعلماء المسلمين.

ولو كان هذا الأمر مستبعد، فما الذي يجعل رئيس الولايات المتحدة جو بايدن، يُرحب بإطلاق سراحها ويذكرها بالاسم، فيما يتغافل عن الحديث عن باقي المعتقلين والمسجونين من أصحاب الرأي والفكر والعلماء.

لقد تعمدت السلطات السعودية، إظهار الهذلول بعد اطلاق سراحها، تبدو سعيدة بالحرية التي نالتها بمنحة من ولي العهد! وتعطي انطباعًا بأنها لم تكن تتعرض للتعذيب والإهانة داخل السجون، فرض بن سلمان عليها منعًا تعسفيًا من السفر، خشية افتضاح أمر ممارساته التعسفية بحقها وبحق باقي المعتقلين.

ويذهب البعض، إلى أن ما عجزت أن تتكلم عنه “الهذلول” من انطباعات، قام بها شقيقها حينما غرد قائلًا: “اليوم عيد لكن المهمة ما انتهت حتى تتحقق العدالة ومن بينها: 1- جلب الذين عذبوا لجين للعدالة ومن بينهم المارق سعود القحطاني، 2- إسقاط جميع التهم الباطلة، 3- رفع حظر السفر على لجين وجميع الأسرة، 4- تعويض لجين، 5- محاسبة جميع الصحف المحلية التي قامت بتشويه سمعتها”.

خطوات ما كانت لتتم لولا الضغط الأمريكي

ومن الطبيعي، إن الخطوات التي أقدم عليها النظام السعودي مؤخرًا على صعيد تحسين سجله الحقوقي، كانت متوقعة، وتحدثت عنها صحف أميركية، باعتبارها محاولة لاسترضاء بايدن الذي وصف المملكة فيما سبق، بأنها دولة “منبوذة”. وأكدت تقارير، على أن السعودية سرَّعت، خلال الشهر الماضي، محاكمات عشرات الناشطين، خوفا من تحولهم لأوراق ضغط بيد الرئيس الأمريكي الجديد، الذي سبق له وأن تعهد بإعادة تقييم الروابط مع السعودية على خلفية سجلها المتردي في مجال حقوق الإنسان. فيما وصفت وزارة الخارجية الأمريكية إطلاق سراح الهذلول بأنه “تطور محل ترحيب”. وفي هذا الإطار، تداول ناشطون مقطع فيديو لبايدن، يبارك فيه إطلاق ‏سراح لجين بعد نحو 3 سنوات من توقيفها بزعم مساسها بأمن المملكة، ووصفها بـ”المدافعة المؤثِرة عن حقوق النساء‎”‎‏.

وفي هذا الشأن، قال الباحث في معهد بروكينغز الأمريكي “بروس ريدل”، إن “المرحلة المقبلة، يجب أن تشهد إلحاحًا في مطالبة السلطات السعودية بالإفراج عن ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف، بعد النجاح بالإفراج عن لجين الهذلول”، وأضاف، أن “الإفراج عن الهذلول يعني أن الضغط الخارجي على المملكة يمكن أن تكون له نتائج إيجابية، وعليه فمن الواجب الاستمرار في الضغط من أجل إطلاق سراح باقي نشطاء حقوق الإنسان المحتجزين بتهم ملفقة، بالإضافة إلى المواطنين الأمريكيين المحتجزين من قبل المملكة”.

بعد ساعات قليلة على اطلاق سراح لجين الهذلول، المدونة نوف عبدالعزيز تنال حريتها

ولم تمضي سوى ساعات قليلة على إطلاق سراح لجين الهذلول، حتى أنتشر خبر اطلاق سراح المدونة السعودية المعتقلة منذ 2018، نوف عبدالعزيز. الأمر الذي استقبله الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي بمزيد من الفرح، والمزيد من المطالبات للسلطات السعودية بالإفراج عن جميع المعتقلين في سجون آل سعود.

يُذكر أن الناشطة “نوف”، كانت قد تم اعتقالها ضمن مجموعة من 17 ناشط اخرين في 2018، بتهمة ما عُرف إعلاميًا بـ”عملاء السفارات”، وتهمة القيام “بعمل منظم للتجاوز على الثوابت الدينية والوطنية، والتواصل المشبوه مع جهات خارجية، وتجنيد أشخاص يعملون في مواقع حكومية حساسة، وتقديم الدعم المالي للعناصر المعادية في الخارج، بهدف النيل من أمن واستقرار المملكة”. وبالرغم من أن السلطات السعودية، لم تصدر حتى الآن إعلانًا رسميًا بشأن الإفراج عن نوف عبدالعزيز، لكن حسابات نشطاء على “تويتر” أكدت الأمر.

تفاعل خبر اطلاق الهذلول على مواقع التواصل

تلقى الناشطين على مواقع التواصل، خبر الإفراج عن الناشطة لجين الهذلول، بتفاعل كبير وفرحة غامرة، رافقتها مطالبات بالإفراج عن باقي المعتقلين المحتجزين لأسباب سياسية أو لأسباب تتعلق بمطالباتهم بالحقوق المدنية لشعب المملكة.

فمن ناحيته كتب الأكاديمي محمد المختار الشنقيطي في تغريدة له، “سجن لجين الهذلول وتعذيبها عدة سنين يدل على فقْرٍ مدقع في المروءة لدى بعض الحكام العرب، وحاجة الشعوب إلى هزَّة ضميرٍ، لزرع الحد الأدنى من القيم الأخلاقية والإنسانية في الفضاء السياسي العربي الميت. لجين حره والعقبى للشيخ الأسير سلمان العودة وكافة الأحرار الأبرار في بلاد الحرمين”.

فيما تساءل المغرد محمد حربي، عن الوقت الذي سيفرج فيه النظام السعودي عن الشاعر الفلسطيني أشرف فياض المسجون منذ سنوات بالمملكة.

وربط مغردين أخرين بين اطلاق سراح الهذلول وبعض الناشطين، وبين الضغط المسلط على بن سلمان من قبل الإدارة الأمريكية، ووصفوا عمله هذا، ليس لإحقاق الحق، إنما خشية من دول خارجية يهمه أمرها.

بن سلمان يتهرب من مسؤولية اعتقال النشطاء ويلصقها بالنظام القضائي المعمول به

وفي خضم محاولات بن سلمان لإبعاد التُهم عن كاهله، والتنصل عن مسؤوليته عن سلسلة الاعتقالات التعسفية بحق الناشطين والناشطات، يعمل اليوم على تحميل سوء النظام القضائي المعمول به في المملكة، مسؤولية تلك الاعتقالات، وفي هذا الصدد قال بن سلمان، إن “هناك قصور في التشريعات، وعدم وضوح في القواعد الحاكمة للوقائع والمُمارسات، وهو ما أدّى (بحسبه) إلى طول مُدّة التقاضي، الذي لا يستند إلى نُصوص نظاميّة، وما سبّبه من عدم وجود إطار قانوني واضح للأفراد، وقطاع الأعمال في بناء التزاماتهم”.

ويبدو أن هذه التشريعات الجديدة التي يعتزم بن سلمان إقرارها، ستكون بابًا خلفيًا لابن سلمان يستطيع من خلالها أن يُفرج عن أي معتقلٍ من الناشطين السياسيين، والاقتصاديين، وعُلماء الدين، ورجال الأعمال والأمراء، عندما يُضغط عليه للإفراج عنهم، حتى لا يُتهم بأنه استجاب لضغوط خارجية.

إن التنازلات التي يقدمها بن سلمان رغمًا عن أنفه بسبب الضغط الأمريكي، يجب استثمارها من قبل الناشطين في مجال حقوق الانسان، والعمل على زيادة المطالبات بإطلاق سراح باقي المعتقلين من السجون والمعتقلات، من خلال زيادة نشاط المنظمات الحقوقية ذات الشأن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق