تقارير

السلطات السعودية تستمر بحملتها ضد أقارب الناشطين وتحكم بخمس سنوات سجن ضد شقيق الداعية سلمان العودة

خاص – مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث

يستمر النظام السعودي في تأكيد أساليبه القمعية بحق الناشطين وذويهم، في رغبة منه لتأكيد سلطته، وكتم كل لسانٍ معارضٍ له، أو يبتغي الإصلاح في المملكة. مؤخرًا، قضت المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض، حكمًا بالسجن على الدكتور “خالد العودة” شقيق الشيخ الداعية المشهور “سلمان العودة” لمدة خمس سنوات، ليس لذنب اقترفه، سوى أنه تعاطف مع أخيه الذي اعتقل ظلمًا، بتغريدة في حسابه الشخصي، اعتبرتها السلطات الأمنية السعودية، إنها تدعو لـ”إثارة الفتنة وزعزعة الأمن”.

كشف عن ذلك، نجل الداعية سلمان العودة في حسابه الشخصي على تويتر حينما قال: “حكمت السلطات عن طريق المحكمة الجزائية المتخصصة (بالرياض) على عمي خالد بالسجن 5 سنوات والمنع من السفر على تهمة السعي لتوظيف اعتقال شقيقه لإثارة الفتنة وزعزعة الأمن”.

ويأتي هذا الحكم التعسفي بحق شقيق سلمان العودة، بعد اعتقالٍ له دام ثلاث سنوات ونصف، مورس في حقهِ كل إجراءات التحقيق والتعذيب. فيما تضامن حساب “معتقلي الرأي” المعني بحقوق الموقوفين بالمملكة، مع الدكتور خالد العودة، حينما نشر بحسابه الرسمي: “الرأي الحُر في عُرف السلطات السعودية معناه إثارة للفتن وتهديد لأمن المملكة، ويتم إصدار أحكام بالسجن بسببه”. وأضاف: “الرأي الحر ليس جريمة، والحُكم الصادر ضد خالد العودة مرفوض جملة وتفصيلا وعلى السلطات أن تتراجع عنه وتفرج عن العودة”.

الأمر الذي لاقى استهجانًا حقوقيًا وشعبيًا من قبل الناشطين والمواطنين السعوديين. وهو الأكاديمي الذي يحمل شهادة الدكتوراه في التربية، وله عدد من المؤلفات التربوية. وعمل أستاذا في جامعة القصيم.

اعتقال ذوي الناشطين ليس بالأمر الجديد

لم يكن اعتقال الدكتور خالد العودة كأحد ذوي الناشطين المعتقلين في المملكة بالأمر الجديد، فقد دأبت السلطات السعودية على اعتقال ذوي الناشطين سواء كانوا أولئك الناشطين داخل سجون المملكة أو خارجها، فقد قامت السلطات السعودية في بداية عام 2018، باعتقال والدة الإصلاحي السعودي “عبدالله الغامدي” وشقيقيه، في محاولة لإسكاته وابتزازه والضغط عليه كي لا يفضح النظام وهو خارج البلاد. فقد نشر المعارض السعودي المقيم في لندن “عبد الله الغامدي” في تغريدته له: “بتكليف من محمد بن سلمان لابتزازي وللضغط علي شخصيا قام جهاز أمن الدولة باعتقال والدتي عايدة الغامدي التي تجاوز عمرها 60 عاما وتعاني من الأمراض وشقيقي الأصغر عادل الغامدي في مدينة جدة”. وأضاف الغامدي والذي هو أحد أعضاء حركة الإصلاح: “كذلك قاموا في نفس اليوم بمداهمة منزلنا بمدينة الدمام والقبض على شقيقي الآخر سلطان الغامدي.”

وبعد مضي أكثر من سنتين على اعتقال والدة الغامدي، أطلق حساب (معتقلي الرأي) الحقوقي بالسعودية، حملة إلكترونية عبر مواقع التواصل بداية العام الجاري، للكشف عن انتهاكات السلطات بحق المعتقلة الستينية عائدة الغامدي. وقال الحساب، إن (#أمُّنا_عائدة_الغامدي) تعرضت في السجن لتعذيب جسدي ونفسي رغم مرضها وسنها لابتزاز نجلها عبد الله.

وتأتي كل تلك الاعتقالات لذوي الناشطين، في إطار محاولة الضغط عليهم للتراجع عن نشاطاتهم السياسية المعارضة لنظام حكم بن سلمان، أو لنشاطاتهم الحقوقية المدافعة عن حقوق المواطنين السعوديين. وأعاد ناشطون نشر مقطع فيديو فيه رسالة لشعب المملكة وقبيلة غمد وكل قبائل المملكة عن رضاها وسكوتها على اعتقال السيدة عائدة بسبب أن نجلها حول لها مبلغًا بسيطًا في دولة “الفقر والقمع”.

وفي العام الماضي، قامت السلطات السعودية بحملة مداهمات واعتقالات بحق ذوي الناشطين السعوديين في الخارج، فبحسب حساب معتقلي الراي، قامت السلطات السعودية بمداهمة منزل ذوي الناشط محمد العتيبي، وفتشوه، وصادروا جميع الأجهزة الإلكترونية، وعبثوا بمحتويات المنزل، ثم قامت باستدعاء والد وشقيق العتيبي، بعد إبلاغهم أن محمد “إرهابي”. وفي السياق ذاته قامت السلطات الأمنية السعودية، باقتحام منزل ذوي الناشط حمزة الكناني الزهراني المقيم حاليًا في الولايات المتحدة لغرض الدراسة، وقامت باستدعاء أشقائه وأقاربه، وأبلغتهم، بأنه في حال عودته سيتم العفو عنه، ولن يتعرض لأي أذى. ويعتبر الكناني من المنتقدين للنظام السعودي وسياساته، لا سيما بعد تطبيعها السري مع “إسرائيل” وتشجيع الدول العربية للتطبيع معها. كما قامت السلطات السعودية باعتقال شقيقي المعارض السعودي المقيم في كندا “عمر بن عبد العزيز الزهراني”، وقامت بتعذيبهما، وطالبت السلطات السعودية من عمر بن عبد العزيز، بالعودة للبلاد وتسليم نفسه مقابل الإفراج عنهما.

أساليب قمعية جديدة

طريقة أخرى عمدت إليها السلطات السعودية كأجراء ضد ذوي الناشطين والمفكرين السعوديين الذي لا يلتقون مع توجهات النظام السعودي، هو القيام بفصل العديد منهم من وظائفهم بسبب القربى بينهم وبين الناشطين في الخارج، بل وصل الأمر إلى التهديد بفصل أقارب بعض السعوديين المقيمين في الخارج رغم عدم ممارستهم لأي نشاط معارض للنظام. حيث جاء في تغريدة لـ”معتقلي الرأي”: “تأكد لنا أنه تم فصل العديد من الأفراد من وظائفهم بسبب أن لهم أقارب من الناشطين في الخارج. وقد تلقى أفراد آخرون تهديدات بالفصل من العمل قريبًا لوجود أقارب لهم خارج المملكة، رغم أن أولئك الأقارب ليس لهم أية صلة بنشاط المعارضة. وسننشر الأسماء لاحقًا فور التأكد منها”.

ومن الأساليب الإضافية التي تقوم بها المملكة بعهد بن سلمان بحق ذوي الناشطين، هي محاصرة واضطهاد عوائل المعارضين السياسيين والدعاة والشيوخ كأجراء انتقامي منهم. ومؤخرًا، استهدفت عائلتي الأكاديميين أحمد بن راشد بن سعيد، وسعيد بن ناصر الغامدي، وذلك من خلال منعهما من السفر. نفس الإجراء قامت به تلك السلطات حينما منعت عائلة الداعية سلمان العودة من السفر وجميع عوائل المعتقلين بسجون المملكة. بل أنها كانت تُجبر زوجات المعتقلين، بطلب الطلاق من أزواجهن الناشطين، مقابل السماح لهن بالسفر.

زمن السكوت ولّى

من جانبها سلَّطت صحيفة “واشنطن بوست” الضوء على معاناة هؤلاء السعوديين المقيمين في الخارج، ومن بينهم السعودية “أريج السدحان”، التي قررت الخروج عن صمتها، بعد اختفاء أخيها، “عبدالرحمن السدحان”، لأشهر عديدة وتعتيم المسؤولين عن مصيره، وقررت السدحان، إجراء مقابلات مع وسائل إعلام أجنبية وإرسال مناشدات عبر الإنترنت، على أمل أن يلفت ذلك انتباه الحكومة للكشف عن حالة أخيها المعتقل منذ أكثر من سنة. وأبدت “أريج”، خشيتها من أن يتم الانتقام منها أو من شقيقها.

وفي هذا الصدد، أبدى عدد من أقارب الناشطين، إحباطهم بعد فشل محاولاتهم في طرق الأبواب الخلفية لمسؤولي الحكومة لغرض اطلاق سراح ذويهم، وبحسب صحيفة “واشنطن بوست” فإنّ إحباطاتهم تلك، هي نتيجة للتغييرات التي أجراها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، والتي جعلت المملكة دولة استبدادية بأكثر مما كانت عليه في الماضي. فيما أطلق ناشطون سعوديون، هاشتاغ #انقاذ_عوائل_الناشطين داعين فيه إلى إنقاذ عائلات الناشطين والمعتقلين في المملكة، وطالبوا برفع الحظر المفروض عن عائلات الناشطين والمعتقلين وإصدار الهويات الوطنية لهم، وأكدوا على أهمية الضغط على السلطات السعودية، لوقف الانتهاكات بحق عوائل المعتقلين.

وذكرت الصحيفة، بأن نجل الدكتور البارز وليد الفتيحي، أحمد الفتيحي، قوله، “حاولنا مناشدة الحكومة، وحاولنا بالوسائل كلها، وقمنا بعمل كل شيء بشكل خاص، تجنبا للفت النظر”، لكن بعد وصول تقارير عن تعرض والده للتعذيب، أجبر على الخروج والحديث عما يجري له، واتصل مع وسائل الإعلام، وقدم شهادة في الكونغرس بعد اتصاله بأعضائه. رغم أن العديد من أصدقائه وأقاربه في السعودية، طلبوا منه عدم التحرك، بسبب خوفهم من انتقام السلطات من الفتيحي الأب أو من باقي أقاربه.

 أما الناشطة “ملك الشهري” التي اعتقلت بسبب التقاطها لصورة لها في الرياض دون العباءة التقليدية، تم اعتقال زوجها أيمن الدريس والذي لم يكن ناشطًا في أي مجال، وغير راغب بالتورط في أية مشاكل. مما جعل “ملك الشهري” التي خرجت من السجن، أن تقوم بنشر أخبار حالة زوجها، رغم تحذيرها من إن هذا العمل، قد يؤثر على حالة زوجها سلبًا، لكنها كانت تقول، إن الصمت لم يحقق شي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق