أخبارتقارير

هل سيكون الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن كابوس بن سلمان الجديد؟ ولماذا تأخر بتهنئته؟

خاص – مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث

يبدو أن أسوء كوابيس بن سلمان قد تحقق، وما كان يخشاه في نتائج الانتخابات الأمريكية قد وقع، وسيطرد قريبًا دونالد ترامب من البيت الأبيض، ويأتي إليه الديمقراطي جو بايدن، ليمثل له كابوسًا حقيقيًا يمتد لأربع سنين، إذا لم يمتد إلى ثمان سنين. وسيكون بن سلمان مضطرًا لأن يتعامل مع هذه الحقيقة المرة، دون أن يكون له من يحميه ويدافع عنه، وسيضطر للرضوخ لابتزازٍ جديدٍ من هذه الإدارة، حتى ينال رضاها، وتقوم بالتغاضي عن سوءاته وموبقاته.

فهل يا ترى بقي شيء يستطيع أن يقدمه أو يفعله بن سلمان لأجل أن ترضى عنه إدارة بايدن الجديدة؟ فبعد مئات المليارات التي أنفقها على ترامب، ها هو الأن يعود من جديد ليدخل في مسلسلِ إنفاقٍ جديدـ وتذللٍ جديد، حتى يحمي مؤخرته التي كان يحميها ترامب، يأمن فيها غضب الإدارة الأمريكية الجديدة التي لا يبدو أنها ستتعامل معه بوديَّة، إلَّا إذا كان ثمن شراء هذا الود، باهضًا ربما يتجاوز الثمن الذي اعطاه لترامب وإدارته.

السعودية خشت من وصول جو بايدن للرئاسة، فتأخرت تهنئتها له

وبالرغم من أن معظم دول العالم، وحتى الدول الخليجية، سارعوا إلى تهنئة الرئيس الأمريكي الجديد، وأبرقوا برسائل التهنئة للرئيس الأمريكي الجديد، منهم أمير قطر وسلطان عمان وأمير الكويت فور إعلان فوزه على وسائل الإعلام الأمريكية، إلَّا أن القيادة السعودية فضلت أن تقدم التهاني والتبريكات لملك كمبوديا بذكرى استقلال بلاده، ولرئيس تنزانيا بمناسبة إعادة انتخابه، وكأن شيئًا لم يحدث في واشنطن، ولا أن رئيس أكبر دولة في العالم وأقواها، قد تغيير.

حتى بعد أن مرت 6 أيام على إعلان فوز بايدن، أصدر الديوان الملكي تهنئته اليتيمة بفوز الرئيس الأمريكي المنتخب الجديد جوزيف بايدن فجر يوم الأثنين.

ويرجح البعض أن السر في تأخير التهنئة السعودية للرئيس الجديد، هو انتظار نتائج القضايا القانونية التي رفعها ترامب للمحاكم الأمريكية ليطعن في نتائج الانتخابات، ويتهم القائمين عليها بالتزوير، عسى أن تُسفر عن تغيير بنتائج الانتخابات، وتعلن فوزه، في أمل ضعيف يدل على مدى يأس القيادة السعودية وهي تتعامل مع نتائج الانتخابات الأمريكية التي جاءت بغير ما ترغب، يتناغم مع الآمال الضالة لدونالد ترامب في الفوز بالرئاسة مرة ثانية.

فيما أشارت مصادر أخرى، بأن سبب خشية المملكة من وصول بايدن للبيت الأبيض، مرده هو خشية المملكة من الرئيس الأمريكي الجديد، أن يعمد على فتح ملفات قديمة تتعلق باغتيال الكاتب جمال خاشقجي، إضافة إلى تفعيل القضايا المرفوعة ضد ولي العهد محمد بن سلمان في المحاكم الأمريكية، من قبل خطيبة خاشقجي، ومن قبل مستشار ولي العهد السابق ضابط الاستخبارات السعودي سعد الجبري.

لكن مراقبون يقولون، إن خشية النظام السعودي الحقيقية، تتمثل في خوفها من عودة إدارة بايدن للاتفاق النووي الإيراني الذي انسحب منه ترامب، وتقوم بعد ذلك بتخفيف العقوبات على عدوتها إيران، الأمر الذي سيخل بتوازن القوى في المنطقة لصالح إيران، وتذهب كل الجهود التي بُذلت من قبل بن سلمان هباءً.

كما وتخشى المملكة من أن تتبع إدارة بايدن الجديدة، سياسة متشددة مع المملكة في قضايا حقوق الأنسان التي غض الرئيس الجمهوري دونالد ترامب الطرف عنها، والتي لدى المملكة ملفًا سيئًا فيها. والأمر الذي يجعل وصول بايدن للرئاسة في الولايات المتحدة هو كابوس حقيقي، هو ما أكدته صحيفة “هآرتس” الصهيونية، من أن “العديد من المشرعين ومن كلا الحزبين يشاركون بايدن موقفه، ويرون أن ابن سلمان، مسؤول بشكل مباشر عن مقتل خاشقجي، ويعتقدون أنه يجب أن يكون مسؤولا عن ذلك”.

لقد تمتع بن سلمان بحرية شبه مطلقة في ظل علاقته الشخصية التي كانت تربطه بإدارة ترامب، غير أنه سيضطر للسير بخطى وئيدة أكثر حذرا من الأن وصاعدًا، في ظل رئاسة جو بايدن وسيطرة الديمقراطيين على سياسة الولايات المتحدة، وعزمها على تغير ملامح علاقاتها مع المملكة. وكان أول الغيث في هذا التغيير، هو ما أعلنه النائب الديموقراطي في مجلس النواب الأمريكي، رو خانا، يوم السبت الماضي، من أن الولايات المتحدة ستوقف تمويل الحــرب التي يشـنها التحـالف بقيادة السعودية في اليمن.

لقد ذهب الوقت الذي كان يدعم فيه الرئيس ترامب حلفاءه من الحكام العرب، في مصر والسعودية والإمارات، ويدافع عنهم أمام الاتهامات التي تلاحقهم في مجال انتهاكهم حقوق الإنسان في بلدانهم، وذهب الوقت الذي لم يكن الرئيس الأمريكي يبدي أدنى اهتمام بالحركات الإصلاحية الداعية للتغيير والديمقراطية في المنطقة، وربما ستشهد الفترة المقبلة، دعما أمريكيا جديدًا للحركات الإصلاحية المدافعة عن حقوق الأنسان داخل المملكة.

ويحاول النظام السعودي، إيجاد المبررات لموقف الصمت من نتائج الانتخابات الأمريكية ويبرهن على أن لا خشية للمملكة من النتائج التي جاءت بها، هذا ما جاء لسان الأمير طلال محمد العبدالله الفيصل، الذي فسر تصرف المملكة، على إنه أمرًا طبيعيًا سبق للمملكة أن قامت به، ونشر وثيقة تعود إلى عام 2000، أوضحت أن المملكة لم تقدم التهنئة إلى الرئيس الأسبق، جورج دبليو بوش إلا بعد إعلان فوزه رسميًا من جانب المحكمة العليا في الولايات المتحدة. والأمر كما يعلم الجميع، أن الأمر مختلف جدًا في الحالة التي حدثت عام 2000 عن الحالة التي نحن بصددها، فالرئيس ترامب ليس له أمل حقيقي بأن تقلب المحكمة العليا نتيجة الانتخابات لصالحه بسبب الفارق الكبير بعدد الأصوات بينه وبين بايدن.

بن سلمان دَعَمَ عمليات التطبيع لتعزيز حظوظ ترامب بالانتخابات فخاب ظنه

 وبالرغم من جهود بن سلمان الكبيرة في دفع قطار التطبيع مع “إسرائيل” وأنفاقه لملايين الدولارات في سبيل ذلك، حتى يعزز حظوظ ترامب في الفوز في الانتخابات الرئاسية واعتبار ذلك كنقاط انتصارٍ له، إلَّا أن كل تلك الجهود التي بذلت، وكل تلك الأموال التي انفقت في سبيل تشجيع الدول العربية للتطبيع، ذهبت هباءً حينما لم تساعد ترامب على الفوز بالرئاسة مرة ثانية، ولسان حال بن سلمان يقول، لم يبقى لدي ما أدفعه سوى أن أقوم بنفسي بالتطبيع مع “إسرائيل” وبشكل مباشر، كقربان محبة وعربون ولاء للرئيس الجديد، عسى أن يقوم بغض الطرف عن سيئاتي، ويتغاضى عن جرائمي، ويُخلي بيني وبين  محاولاتي للوصول إلى عرش المملكة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق