تقارير

دور الإعلام العربي المتصهين في الترويج للتطبيع، الإعلام الإماراتي والسعودي مثلًا

خاص – مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث

يستمر الإعلام العربي المتصهين في عمله الرامي لترويج فكرة التطبيع مع “إسرائيل” في أوساط الشعوب العربية، للدرجة التي حوَّل من نفسه، لرأس حربة بيد “إسرائيل” تطعنُ بها الوجدان العربي وتُسمم أفكاره ومعتقداته، تهدف بذلك لتغيير معتقداتهم بأن العدو هو الفلسطيني، وان الصهيوني، هو الصديق والضحية التي تتعرض “للإرهاب” الفلسطيني.

هذا الإعلام العربي المتصهين، يروج إلى أن الفلسطينيين ليس من حقهم المطالبة بأرضهم ودولتهم المستقلة، لأنهم هم من فرطوا بأرضهم، وباعوها للصهاينة، وهي كذبة قديمة تم أعادتها لقاموس الإعلام العربي المتصهين من جديد، لتعبئة مشاعر العرب والمسلمين ضد الشعب الفلسطيني، وتوجيه الكراهية له، والنظر للإسرائيلي المحتل بنظرة الصديق الذي ظلمناه حينما عاديناه طوال تلك السنين.

الإعلام الإماراتي والسعودي يتصدر لمهمة الترويج للتطبيع مع “إسرائيل”

ويتصدر الإعلام الإماراتي والسعودي على باقي الوسائل الإعلامية العربية، في دعوتهما للتطبيع مع “إسرائيل” والترويج لكراهية الشعب الفلسطيني، مستغلًا في ذلك الإمكانيات الكبيرة التي وضعتها أنظمة الحكم في البلدين لخدمته، وفي سبيل ذلك يستغل هذا الإعلام المتصهين، ضعاف النفوس من أصحاب الأقلام المأجورة، للترويج لمثل هذه الأفكار. فبدأ الفضاء الإعلامي يمتلأ بالعديد من أوغاد التطبيع، وهم يصرخون وينعقون لتبرير هذه العلاقة “غير الشرعية” بين الأنظمة العربية المتصهينة و”إسرائيل”، بل حتى بعض السياسيين شارك معهم في هذه المهمة، فنائب رئيس مجلس السيادة السوداني، محمد حمدان (حميدتي)، اعتبر التطبيع أمرًا حتمياً، ليس لأحد أن يعترض عليه أو يرفضه. بل وأبدى استعداده لتوطين ملايين اللاجئين الفلسطينيين في السودان، حتى يريح “إسرائيل” منهم ومن مطالباتهم بحق العودة لأراضيهم، وليس بعيدًا عنا تصريحات الأمير بندر بن سلطان، واتهامه للفلسطينيين بنكران الجميل “السعودي” لهم.

واستنادًا للنصائح الإسرائيلية، يقوم الإعلام الإماراتي والسعودي، بإبراز ما لهذا التطبيع مع “إسرائيل” من فوائد اقتصادية وثقافية وسياحية، تعود فوائدها على مواطني الدول العربية. ويحاول هذا الإعلام، إبراز الأكاذيب على أنها حقائق واقعية فيما يخص التطبيع، فقد نشر موقع سكاي نيوز عربية، وهي قناة فضائية إماراتية، تخصّص قسماً كبيراً من برامجها وتقاريرها لترويج التطبيع بين العرب وإسرائيل. نشرت استطلاعًا أجرته مؤسسة “زغبي” الأمريكية، يدَّعي بأن أغلب المواطنين العرب يؤيدون التطبيع مع إسرائيل نظرا لدورهِ في “إشاعة الاستقرار”! وحسب أدعاء هذه القناة، فأن الاستطلاع شمل 5 دول عربية بالإضافة إلى “إسرائيل”، نشرت هذه القناة، على غير ما هو منشور في الدراسة الأمريكية نفسها، حيث أن هذه الدراسة أجريت قبل إعلان التطبيع الإماراتي مع “إسرائيل”، وجاء على خلفية خطط الضم الإسرائيلية لأراضي الضفة الغربية، على عكس ما أورده الموقع الإماراتي الذي ذكر أن الدراسة لها علاقة بالتطبيع الإماراتي مع “إسرائيل”. وكانت من نتائج هذا الاستطلاع، أن 8 من كل 10 أشخاص من الإسرائيليين والعرب يشعرون أن حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني مهم لإحلال السلام، وأن غالبية العرب مع إحلال السلام. بالمقابل رأت تلك الغالبية، بأن “إسرائيل” إذا ما مضت قدما في خطط الضم، فأن 7 من أصل 10، سينهون دعمهم لتطوير العلاقات مع إسرائيل.

قوبلت نتائج هذا الاستطلاع على مواقع التواصل الاجتماعي، بالتشكيك، وقالوا النشطاء عنه، أنه لا يمكن أن تكون غالبية العرب مع التطبيع. وفي الوقت الذي احتفت إسرائيل بما نشرته سكاي نيوز عربية عن الاستطلاع. غرد ناشطين عرب، قائلين، “بل أغلب الحكام العرب يؤيدون السلام مع إسرائيل، أما الشعوب العربية فهي لا تدعم هذه الخيانة”.

سببت توجهات النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي من هذه الدراسة الأمريكية التي نشرتها سكاي نيوز، احباطًا لدى الإسرائيليين في النجاح لترويج التطبيع مع الشعوب العربية، وأصبح لديهم قناعة واتفاق، على أنه لا أمل بأن تقبلهم الشعوب العربية والإسلامية مهما حاولوا فعل ذلك.

لم تكتفي قناة “سكاي نيوز عربية” بذلك، إنما عمدت إلى تعديل عمل فنيّ كُتب عليه “زوروا فلسطين” للفنان الفلسطيني عامر شوملي، ليصبح “زوروا لبنان”. ذلك ما فاجأ المشاهدين حينما رفعت القناة برنامجًا لها على حسابها على إنستغرام، يظهر فيه ذلك العمل الفني وقد تم تحويره وكتب عليه Visit” Lebanon”. الأمر الذي قوبل باستهجان المشاهدين، ما دفع القناة لحذف الفيديو دون تقديم أي اعتذار أو توضيح على فعلتها تلك. وتأتي هذه الحركات التي تقوم بها هذه القناة الإماراتية، منسجمًا مع عددًا كبيرًا من البرامج المخصصة للترويج للتطبيع والقدح بحقوق الشعب الفلسطيني.

أما قناة الـ MBC السعودية، فقد أقدم موقع، “شاهد. نت” التابع لها، على حذف مسلسل التغريبة الفلسطينية، الذي يروي احتلال فلسطين ونكبة عام 1948، قبل أن تتراجع عن خطوتها تلك، بسبب ما أحدثته من ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي صفوف النشطاء العرب والفلسطينيين الذين نظموا حملة واسعة أجبرت الموقع على التراجع عن خطوته. ومما زاد من غضب النشطاء، أنها تزامنت مع قيام وسيلة إعلامية مصرية، بشطب مقطع من مقابلة للفنان المصري أحمد السقا، غنّى فيها بحب فلسطين. ومما هو واضح بأن هذا الاعلام المتصهين، يحاول، تغييب الحقائق التاريخية للحق الفلسطيني، والتعتيم عليه من أن تدركه الأجيال العربية، والترويج للرواية التاريخية الإسرائيلية المزيفة.

الإعلام الإسرائيلي أكثر واقعية من الإعلام العربي

وعلى ما يبدو، أن العدو الإسرائيلي، أكثر صراحة مع نفسه ويعرف أن التطبيع على مستوى الشعوب العربية، لا يمكن للإعلام إماراتي أو السعودي، أن يستطيع تغيير قناعاتهم من القضية الفلسطينية، ففي هذ الشأن، نشر موقع إسرائيلي “واللا” نتائج دراسة أعدتها وزارة الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلية، أوضحت فيها، بأن معظم الخطاب العربي المتداول على مواقع التواصل الاجتماعي، كان رافضا لاتفاقيات التطبيع مع الإمارات والبحرين، وأن 90% من هذا الخطاب، كان سلبيًا من هذا القضية. بينما كان أكثر من 95% من الخطاب المعارض للتطبيع، موجهًا ضد الإمارات باعتبارها الدولة الأكثر حماسة للتطبيع مع “إسرائيل” والمشجعة لغيرها من الدول للإقدام على مثل هذه الخطوة. وخلصت الدراسة، إلى توصيات، نصحت بها الوزارة الإسرائيلية، بالترويج لفوائد التطبيع مع “إسرائيل” في أوساط الشعب العربي، وهذا بالضبط ما يعمل عليه الإعلام الإماراتي والسعودي حاليًا.

دراسات أخرى توضح بأن الشعوب العربية ترفض التطبيع

بالمقابل أثبتت دراسة أخرى أعدها “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات”، في 6 أكتوبر 2020، أن الأنظمة العربية، فشلت في تغيير قناعات شعوبها سواء لجهة اقناعها بالتطبيع مع الصهاينة، أو التنكر للديمقراطية، إذ أكدت الدراسة بأن 88% من العرب في 13 دولة عربية، رفضوا الاعتراف بالكيان الإسرائيلي المحتل. و58% منهم يعتقدون بأن ثورات الربيع العربي إيجابية. والمثير بهذه الدراسة، أنها خلصت إلى حقيقة أن الشعوب العربية لم تتأثر بالدعاية الإعلامية التي تشنها الأجهزة الإعلامية التابعة للأنظمة العربية. وأن الشعب العربي على عكس ما تروج له الأنظمة في قضايا، “الديمقراطية، وثورات الربيع العربي، والقضية الفلسطينية”، فأغلبيتهم كانوا من المؤيدين للنظام الديمقراطي، ويرفضون الأنظمة الديكتاتورية، وأغلبيتهم ما زالوا يعدَّون ثورات الربيع العربي، بأنها ظاهرة إيجابية، ويعتبرون فلسطين قضية العرب جميعا وليست قضية الفلسطينيين وحدهم. أما فيما يتعلق بالتطبيع مع “إسرائيل” فكانت نسبة 88% منهم ضده.

وربما أهم ما خرجت به هذه الدراسة، هو الشعوب العربية لم تتأثر بالدعاية التي تقوم بها الوسائل الاعلامية العربية المتصهينة من دعاية للتطبيع، وأساليبها بالترويج للأنظمة الدكتاتورية العربية، رغم الجهود الضخمة التي تبذلها الأنظمة العربية والأموال الطائلة التي تنفقها، وأثبتت الشعوب العربية، بأنها عصيَّة عن التلويث الفكري الذي يُمارس ضدها من خلال الزيف الذي تبثه الوسائل الإعلامية المتصهينة. لكن هذا لا يمنع الخطورة التي تشكلها هذه الأجهزة الإعلامية المطبّعة، وترويجها لأفكار تتناقض تماما مع الفكر العروبي والإسلامي، والترويج لطروحات معادية للقضية الفلسطينية، بالإضافة إلى النفخ الذي تقوم به على نار الفتن الطائفية بالمنطقة. والترويج لهويات أخرى غير الهوية العربية، من مثل “الفرعونية” أو “الفينيقية” والنزعات الانفصالية وغيرهما.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق