تقارير

السعودية تُجبر مستثمريها على تصفية أعمالهم في تركيا…. هل تمهد المملكة لقطع علاقاتها الاقتصادية مع تركيا؟

خاص – مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث

في خطوة جديدة للنظام السعودي تجاه تركيا، يقوم النظام هذه الأيام بشن حملة جديدة للضغط على التجار والمستثمرين السعوديين، وإجبارهم بعدم التعامل مع الجانب التركي تجاريًا واقتصاديًا، ووجه الأوامر لمن هو مستثمر حاليًا داخل تركيا، بتصفية إعماله وإعادة أمواله إلى المملكة، وفي هذا الشأن كشفت صحيفة “جمهوريت” التركية عن الإجراءات السعودية بحق التجار السعوديين المتعاملين مع تركيا، وقالت أن السعودية تُجبر التجار على توقيع تعهدات مكتوبة بعدم الاستيراد من تركيا أو التعامل معها. وعللت الصحيفة بأن هذه الإجراءات، ربما تكون مقدمة لقطع العلاقات الاقتصادية السعودية مع تركيا بشكل كامل.

وفي هذا السياق، تعتزم الحكومة السعودية على منع دخول البضائع التركية لأراضيها، ابتداءً من شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل. وما يعضد هذه المعلومات، هو ما ذكره موقع “ميدل أيست أي”، من إن الحكومة السعودية تضغط على الشركات المحلية لوقف التعامل التجاري فورًا مع تركيا، الأمر الذي دفع وزيرة التجارة التركية “روهصار بكجان” إلى الاتصال بالحكومة السعودية، لمعرفة ملابسات هذا الموضوع والدوافع التي أدت لهذه الخطوات السعودية التصعيدية.

 وإلى ذلك، أوضح حساب “مجتهد” الشهير عبر تغريدة له، أن السلطات السعودية قامت بممارسة الضغط على التجار المتواجدين في المملكة من خلال منع سفرهم إلى تركيا وأنهاء تعاملهم مع هذه الدولة، ومن يمتنع منهم الاستجابة لمطالبات السلطات السعودية، فأن السجن يكون مصير له، أما من يمتنع من التجار المتواجدين حاليًا في تركيا من الامتثال للأوامر السعودية، فأن عقوبته ستكون مصادرة أملاكه وأمواله في المملكة.

تمهيد للمقاطعة الاقتصادية مع تركيا عبر وسائل التواصل الاجتماعي

ومن أجل ذلك قامت السلطات السعودية، بحملة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، لتهيئة الأجواء شعبيًا لتقبل حملة المقاطعة للبضائع التركية. وقامت بالترويج لعدم استهلاك البضائع والمنتوجات التركية داخل المملكة واستبدالها بمنتجات يتم استيرادها من ميناء جبل علي الإماراتي. ففي هذا الشأن، قام الذباب الإلكتروني السعودي وبدعم رسمي من السلطات السعودية، بحملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، تحت هاشتاك “#حظر_المنتجات_التركية”، يُمهد فيها لاحقًا لقرارات حكومية يمنع استيراد البضائع التركية ووقف التعامل التجاري مع تركيا، في حرب اقتصادية واضحة.

لكن الملاحظ على هذا الوسم، أنه خرج من أيديهم بعد إطلاقه وأنقلب ضد توجهاتهم، وكان سببًا في تحفيز الأف المغردين، للتغريد بعكس ما ترغب به السلطات السعودية، ويعود ذلك لما تشكله المنتجات التركية من أهمية للسوق السعودي، والثقة التي يوليها المستهلك السعودي للمنتجات التركية التي تتميز بجودتها ورخص اسعارها. وظهرت أصوات رافضة لدعوات المقاطعة، مشيرين إلى جودة المنتجات التركية. حيث رفض المغردين السعوديين وسم مقاطعة المنتجات التركية وأبدالها بأخرى قادمة من ميناء جبل علي الاماراتي السيئة الجودة والمشكوك بمصدرها.

يُذكر أن حجم الصادرات التركية إلى السعودية، تقدر سنويًا بنحو 3 مليار دولار. وتتنوع تلك الصادرات بين الأثاث المنزلي الذي هو أحد أكثر المنتجات تصديرا إلى المملكة، بالإضافة إلى احتياجات الفنادق والفواكه الطازجة والخضراوات والمواد الغذائية والمنسوجات.

لم يكتفي الذباب الإلكتروني بشن حملة ضد المنتجات التركية وحظرها داخل المملكة، بل وصل الأمر إلى الدعوة لمقاطعة السياحة في تركيا. وكما هو معلوم للجميع، أن مئات الآلاف من السعوديين يتدفقون إلى تركيا بغرض السياحة سنويًا، فيما يمتلك آلاف الخليجيين عقارات سكنية في إسطنبول يزورونها كل موسم لغرض السياحة.

حظر البضائع التركية تمهيدًا لوصول البضائع الإسرائيلية

وعلى خطى النظام السعودي، يُرجح أن تقوم دولة الإمارات ومملكة البحرين، باتخاذ نفس الخطوة التصعيدية السعودية ضد تركيا، وكما ما هو واضح، يحاول النظام السعودي من خلال حظر البضائع التركية على أسواق المملكة، التمهيد لاستيراد البضائع الإسرائيلية القادمة عبر ميناء جبل علي الإماراتي، وفي هذا الشأن غرد الكثير بهذا المعنى وأوضحوا مدى الغش الموجود في البضائع القادمة من الإمارات، وكم هي عديمة الجودة مقارنة بالمنتجات التركية التي ليست هي متفوقة بالجودة فقط، أنما تنافس البضائع الأخرى بأسعارها المناسبة. بل أن حملة الذباب الإلكتروني ضد المنتجات التركية، حفَّز المواطنين السعوديين لشن حملة أخرى ضد المنتجات القادمة من منطقة جبل علي بالإمارات، وتفاعلوا مع وسم لحظر منتجات جبل علي، مطالبين بفرض حظر دخول على ما وصفوها بالمنتجات المغشوشة للبلاد. وذهب البعض الأخر من المغردين، باتهام ميناء جبل علي، بأنه يمثل جسرًا لإيصال البضائع الإسرائيلية إلى الأسواق السعودية. فبعد رفض النظام السعودي التطبيع العلني مع “إسرائيل” مضطرًا، يعمد هذا النظام على إدامة التطبيع معها بكافة المجالات الاقتصادية والأمنية الممكنة.

عداء لتركيا على جميع الأصعدة

أن العداء لتركيا من قبل الحلف السعودي الإماراتي ومن يتبعهما من دول منقادة، لم يشمل الحرب على الاقتصاد التركي فقط، إنما شملت تلك الحرب المجال السياسي، فهذه الدول وقفت بالضد من تركيا في كل التحديات التي تواجهها حاليًا، وأخرها الحرب التي نشبت بين أذربيجان وأرمينيا، فقد آثرت السعودية والإمارات أن تدعم أرمينيا المسيحية ضد أذربيجان الدولة المسلمة، بسبب أن هناك تحالفًا بين أذربيجان وتركيا، وهما بذلك يصطفان مع إيران – التي يعتبرانها عدوًا لهما- في دعمهما لأرمينيا المسيحية المعتدية والمحتلة لأراضي أذربيجانية، وهذه صورة متناقضة تضاف إلى التناقضات التي تعاني منها الدولتان. نفس الحال في شرق البحر الأبيض المتوسط، فأن المراقب يجد أن السعودية والإمارات يدعمان المواقف اليونانية ضد الحقوق التركية في الاستفادة من ثرواتها في مياهها الإقليمية، وهما يظنان بمواقفهما تلك، قادرتان على هز الاقتصاد التركي الذي يعرف الجميع، إنه اقتصاد غير معتمد على تصدير النفط، كما هو الحال في بلديهما، أنما يعتمد على الصناعة والزراعة واستثمار العقول. ونخشى إن هذه الحرب الاقتصادية والسياسية التي يديرانها على تركيا، ستنقلب في النهاية على اقتصاداتهم الريعية، لتنال منها ومن مكانتهم السياسة دوليًا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق