تقارير

ما الذي يجعل أمراء وأثرياء المملكة السعودية يهربون أموالهم إلى خارجها؟

خاص – مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث

لم تكن الانباء الواردة عن تسارع عمليات تهريب ثروات مئات الأمراء من العائلة المالكة إلى خارج المملكة بالأمر الغريب على مسامع المراقبين للشأن السعودي. فمنذ أن قام لي العهد السعودي محمد بن سلمان، باعتقال ما يزيد عن 381 أمير وثري سعودي في عام 2017، والمحاولات جارية على قدم وساق من قبل أثرياء السعودية وأمرائها لتهريب ثرواتهم إلى خارج المملكة، خشية استئثار بن سلمان بها كما فعل مع معتقلي فندق “ريتز-كارلتون”.

أن ازدياد تهريب رؤوس أموالهم أمراء العائلة المالكة وبوتيرة متزايدة، يعني أن الأمور قد وصلت إلى مرحلة تجاوز فيها الأمراء موضوع انعدام ثقتهم بابن سلمان فحسب، إلى أن بدأوا يشعرون بعدم الأمان على أنفسهم وأموالهم داخل المملكة، وهو مؤشر خطير يوحي بأنهم يمتلكون معلومات تفيد بقرب سقوط حكم آل سعود، أو دخول البلاد بفوضى عارمة بالقريب العاجل، ومن الحكمة إن يفكروا بتأسيس استقرارًا لهم مع أموالهم خارج المملكة.

ففي تصريح لمصدر مصرفي رفض الكشف عن أسمه، إلى موقع “ويكليكس السعودية”، ذكر عن حراك جدّي ومتسارع من قبل أفراد العائلة لنقل أموالهم إلى خارج المملكة، بسبب ما يشعرون به من تدهور للأوضاع الداخلية، وخشيتهم من حملة اعتقالات جديدة على غرار ما حدث في عام 2017 من احتجاز لأمراء وأثرياء في فندق “ريتز-كارلتون”. وفي سبيل تحقيق هذا الغرض، عَمِدَ هؤلاء الامراء، إلى التعاقد مع شركات محاماة وشركات استثمارات أجنبية، لتخليص ملايين الدولارات من داخل المملكة وتهريبها إلى الخارج.

وحقيقة ما يخشاه هؤلاء الامراء، هو تبدل الأوضاع داخل السعودية مع اقتراب وفاة الملك سلمان. فمنذ مكوثه في المستشفى وتراجع حالته الصحية، بدأت خطوات بن سلمان تتسارع في محاولاته لتثبيت حكمه كخليفة لوالده، شملت ذلك قرارات حكومية، وشن حملة اعتقالات جديدة بتهم الفساد، ليضمن خلالها، ابعاد أي منافس له من العائلة المالكة على عرش المملكة، أو أن يكون حجر عثرة أمام طموحه باستلام الحكم بعد والده، ومن أجل ذلك، فهو لا يتورع عن الاستيلاء على بعض مليارات الدولارات التي بحوزة الامراء.

ففي حملة بن سلمان الأولى عام 2017، كشف موظف سابق في البنك السعودي الفرنسي، عن حجم الأموال التي حصل عليها، وقال إنها تصل إلى ما يقارب الـ 400 مليار ريال، والتي لم يُعرف مصيرها بعد نقلها إلى مؤسسة النقد العربي في بادئ الأمر، ثم اختفت من ميزانيات الأعوام اللاحقة. وعلى هذا الأساس، فأن من الممكن أن يجمع بن سلمان ما يقارب هذا المبلغ أو يفوقه إذا ما شن محملة مشابه لحملته الأولى على أمراء وأثرياء المملكة، لا سيما وأنه الاقتصاد السعودي اليوم بأمس الحاجة للسيولة النقدية التي أهدرت خلال السنوات السابقة على مشاريعه الفاشلة وحربه العبثية في اليمن.

لماذا يعتقل #بن_سلمان #الامراء و #العلماء الغير موالين 1. حماية الملك لصالحة2. حاجة المهلكة لأموال بعد استنزاف الخزينة3. حروب قادمة لا يوافق عليها المعتقلين (خاصة بعد فشلة في اليمن)

Gepostet von As Zagel Zagel am Sonntag, 19. November 2017

ليس الامراء فقط من يبحثون عن ملاذات أمنة لثرواتهم

وفي تحليل نشره موقع بيزنيس إنسايدر الأميركي قبل أكثر من سنة، ذكر فيه الكاتب أمبروس كاري، أن الأثرياء في المملكة، يحاولون نقل أموالهم إلى ملاذات آمنة في الغرب، لكنهم بدأوا بالتعرض لضغوط متزايدة من جانب السلطات السعودية. وأضاف، أن رجال الأعمال والأمراء في السعودية قلقون من مصادرة ولي العهد محمد بن سلمان لأموالهم، خاصة بعد أن بدأت السلطات السعودية، بفرض قيودٍ غير رسمية وغير معلنة على خروج رؤوس الأموال السعودية. ومع ذلك، فأن أثرياء المملكة، ما زالوا يحاولون التحايل على السلطات وتحويل الأموال للخارج بكميات صغيرة أو بتحويلها إلى حسابات في دبي، حيث لا تخضع للدرجة نفسها من التدقيق.

وفي الوقت الذي كان يسعى ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لتحقيق “رؤية 2030″، الهادفة إلى جذب المستثمرين السعوديين والأجانب للاستثمار داخل المملكة، كشفت تقارير إعلامية عن هروب يكاد يكون جماعي لرؤوس الأموال السعودية من البلاد. وبحسب تقارير غربية، فإن رجال المال في السعودية، باتوا يخفون ثرواتهم ولا يشاركونها في تمويل مشاريع داخل السعودية، منذ حملة اعتقال الأمراء وكبار رجال الأعمال في نوفمبر عام 2017.

هذا الإحجام من قبل المستثمرين السعوديين عن المشاركة بمشاريع داخل المملكة، والعمل على محاولة تهريبها، دفع أمير منطقة مكة المكرمة خالد الفيصل، إلى التوسل من أصحاب رؤوس الأموال للاستثمار داخل البلاد، وظهر في مقطع فيديو يرجوا يقول فيه: “أرجوكم، لا تلقوا بأموالكم إلى الخارج، ولا تستثمرونها هناك، بل في بلادكم، فوالله هي أفيد لكم مليون مرة من الاستثمار خارجها”.

وعلى ما يبدو، أن هناك أسباب الأخرى تجعل بن سلمان يزيد من ضغطه على أصحاب رؤوس الأموال وأمراء العائلة المالكة بمعزل عن أسباب محاولاته لإحكام سيطرته على مقاليد الحكم في المملكة. فعوامل من مثل استمرار بقاء أسعار النفط منخفضة، وفشل سياساته لتنويع اقتصاد المملكة، بالإضافة إلى عدم قدرته على البدء بشكل حقيقي بتنفيذ “رؤية 2030″، كل هذا يرافق ارتفاع تكاليف الإنفاق العسكري بسبب حرب اليمن، جعل لعابه يسيل لما بحوزة الامراء وكبار رجال الاعمال السعوديين من أموال. مما حدا بالأمراء والاثرياء يقولون في أنفسهم، لماذا علينا أن نخسر أموالنا بسبب تصرفات بن سلمان الخرقاء، والتي أوصلت الحالة في المملكة إلى ما نراه اليوم؟ ولماذا علينا خسارة أموالنا لتمويل مشاريعه الفاشلة؟

أثرياء السعودية يهربون من بن سلمان ليقعوا فريسة لأبناء زايد

إن رغبة أصحاب رؤوس الأموال السعودية بنقل أصول أموالهم لخارج المملكة، جعلتهم يقعون فريسة لابتزاز أماراتي لا يقل سوءً من ابتزاز بن سلمان، فقد كشف مغردون عن تورط نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة في الإمارات “منصور بن زايد” بعمليات استغلال لرجال أعمال سعوديين يرغبون بتهريب أموالهم خارج المملكة خشية استيلاء بن سلمان عليها. وأوضح المغردون بأن منصور بن زايد، يقوم بتحويل أموال أثرياء السعودية للخارج مقابل 50% من قيمة المبلغ، ومع ذلك، أقدم عدد من الأثرياء على هذه العملية رغم خسارته لنصف ثروته، لكنه سيفوز على الأقل بنصفها الاخر، بدلًا من خسارتها كلها على يد بن سلمان.

مواطنون ومقيمون يهربون أموالهم إلى تركيا

ومنذ وصول بن سلمان إلى منصب ولي العهد في المملكة، آثر كثير من المقيمين والمواطنين في المملكة، إلى نقل أموالهم إلى تركيا، وذلك لأن قناعات بدأت تتولد لديهم، بأن مستقبل المملكة تحول إلى المجهول. هذا ما يمكن ملاحظته بشكل واضح على زيادة أعداد المواطنين السعوديين والمقيمين العرب في المملكة الراغبين في الحصول على الإقامة التركية خلال الأعوام الثلاث الأخيرة. بل أن عددًا كبيرًا من الذين انتقلوا للعيش هناك، لا يخفون رغبتهم في الحصول على الجنسية التركية.

ومن هذا يتبين أن المملكة تسير إلى منحدرٍ اقتصادي كبير يضاف إلى الانحدارات العديدة التي تعاني منها في ظل سياسات بن سلمان، وفقدان ثقة امراء العائلة المالكة وكبار المستثمرين والاثرياء بمستقبل المملكة، وهو ما سوف يزيد من أعبائها الاقتصادية ويقرب انهيارها الاقتصادي، ومع ازدياد النازحين من المملكة لوحظ في الفترة الأخيرة، ظهور أحزاب وتجمعات سياسية معارضة لنظام آل سعود خارج المملكة، تدعو لإقامة نظام ديمقراطي يضمن فيه شعب المملكة، الحرية السياسية والاقتصادية. إن ما يقوم به بن سلمان من ممارسات، ربما سيكون المسمار الأخير في نعش نظام آل سعود.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق