تقارير

نظرية لعبة الدومينو التي تنطبق تماما على دول الخليج… تُسقط البحرين بفخ التطبيع

خاص – مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث

كما هو الحال في لعبة الدومينو حينما يسقط حجرٍ منها، تتساقط باقي الأحجار بشكل متسارع، ذلك لأن أحجار الدومينو لا استقرار لها وسريعة السقوط، الحال نفسه ينطبق على دول الخليج المهزوزة في استقرارها، فهي سرعان ما تسقط جميعًا حينما يسقط أحدها.

لم يمض سوى 29 يومًا على سقوط دولة الإمارات في وحل التطبيع مع الكيان الصهيوني، كأول دولة خليجية تعلن التطبيع العلني بعد سنوات من التطبيع السري، حتى سارعت البحرين إلى التطبيع مع نفس الكيان، وسوف تلحق بهما باقي دول الخليج بظرفٍ زمنيٍ قصير كما هو متوقع، هذا ما صرح به نتنياهو متفاجًأ من سرعة التطبيع البحريني، ليس بسبب أنه أمر غير متوقع، إنما تفاجأ من سرعة موافقتها على التطبيع، حينما قال في مؤتمر صحفي له: “لقد استغرقنا 29 يوما للتوصل إلى اتفاق مع البحرين” في إشارة إلى المدة الزمنية بين إعلان اتفاقيتي التطبيع بين (إسرائيل) وكل من الإمارات والبحرين. وأوضح: “استغرقنا 26 عاما لإبرام اتفاقية سلام ثالثة مع دولة عربية أخرى (يقصد الإمارات)، لكن لم يستغرق الأمر سوى 29 يوما للتوصل إلى اتفاق سلام مع دولة عربية رابعة”. وكلام نتنياهو تجسيد حقيقي لما نتكلم عنه في مفهوم لعبة الدومينو الخليجية.

التطبيع البحريني مع “إسرائيل” يعلنه ترامب من واشنطن

ومن المفارقات التي تدل على مدى تبعية البحرين لواشنطن ومحورها، أن ملك البحرين تلقى خبر تطبيع بلاده مع “إسرائيل” من وسائل الاعلام حينما أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حاله كحال أي متفرج لا يعرف ماذا يُحاك لبلده وشعبه. عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، أشاد بجهود ترامب وأعرب عن تقديره له بسبب مساهماته في عقد اتفاق السلام مع “إسرائيل”. جاء ذلك بعد أن أعلن ترامب من أن “مملكة” البحرين قد قبلت دعوة الرئيس الأميركي ترامب لحضور مراسم توقيع الاتفاقية بين الإمارات و”إسرائيل” بتاريخ 15 سبتمبر الجاري في البيت الأبيض، وفي ذلك التوقيت، سيقوم بنيامين نتنياهو بتوقيع إعلان السلام مع وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني.

ونقلت وسائل الاعلام عن مستشار ملك البحرين الشيخ خالد آل خليفة، تعليقه على تطبيع بلاده مع “إسرائيل”، معتبرًا أن إعلان إقامة العلاقات مع إسرائيل، يصبّ في مصلحة أمن المنطقة واستقرارها وازدهارها. ولم ينس هذا المستشار أن يلصق تطبيع بلاده بإسرائيل بالقضية الفلسطينية وأنه يصُب بمصلحة الفلسطينيين، كما فعلها قبله محمد بن زايد، حينما قال إن تطبيعه مع إسرائيل، هو لوقف ضمهم للأراضي الفلسطينية. وكأن الصهاينة سيسمعون لنصائح آل خليفة أو بن زايد، وسوف يستجيبون لتوسلاتهم.

ترامب ونتنياهو لا يرضون بأقل من تطبيع السعودية

وبسبب علمنا أن البحرين لا يمكنها أن تخطو خطوة دون موافقة السعودية التي تسيطر على البحرين عسكريًا وسياسيًا بشكل شبه كامل، وتعتمد البحرين على نظام آل سعود في حفظ نظامها من السقوط، وأن السياسة البحرينية، ما هي إلا مرآة للسياسية الخارجية السعودية، وعلى هذا فإن جميع المؤشرات تقول إن خطوة التطبيع البحرينية جاءت بمباركة وموافقة سعودية، وهذا ما عبرت عنه البحرين صراحة وفي مواضع كثيرة، حينما كانت تجدد موقفها “الثابت” والداعم لكل ما تقوم به السعودية، ويُظهر الموقف البحريني التماهي السياسي مع دبلوماسية السعودية دولياً وإقليمياً بشكل صريح وواضح، وخطوتها الأخيرة في الهرولة إلى التطبيع مع “إسرائيل” ما هو إلا تطبيع سعودي عبر بوابة البحرين. ومن المتوقع أن تكون السعودية أخر دولة خليجية تطبع مع “إسرائيل” بعد أن تقوم بدفع باقي دول الخليج الأخرى للتطبيع، حتى إذا ما جاء دورها أخيرًا، سيكون تطبيعًا مستساغًا ومقبولًا من قبل الأخرين كما تتوهم.

هذا ما تنبأ به الحاخام اليهودي مارك شنير، الذي يتخذه ملك البحرين كمستشارٍ له حينما قال، أن “نظرية الدومينو تنطبق تمامًا على دول الخليج”، وتوقع شنير قبل إعلان التطبيع البحريني، إنه “يتوقع قيام دولة خليجية أخرى بتطبيع العلاقات مع “إسرائيل” قبل نهاية العام الجاري”، ملمحاً إلى “إمكانية أن تكون البحرين هي الدولة القادمة”، وأضاف، أنه “لا يستطيع التفكير بأي دولة أو بأي زعيم خليجي آخر أكثر استعداداً للتطبيع مع “إسرائيل” أكثر من ملك البحرين”. لكن الحاخام شنير، أخطأ في موضوع التوقيت، وربما تفاجأ فيه كما تفاجأ نتنياهو من السرعة التي تم التطبيع فيها، وعلى ما يبدو، أنهما ليس لديهما فكرة واضحة عن مدى اللهفة التي تعتلج صدور حكام الخليج للتطبيع مع “إسرائيل”.

مع ذلك يبقى الهدف الأكبر لحملة التطبيع التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو التطبيع مع السعودية قبل موعد الانتخابات الأمريكية، حتى يظهر لجماعات الضغط اليهودية في الولايات المتحدة، بأنه الرئيس الذي حقق لهم ما لم يحققه لهم أي رئيس أمريكي سابق، ومن الوفاء أن يدعموه للفوز بولاية ثانية.

ورغم إعلان السعودية أنها لن تطبع مع “إسرائيل” بسبب خشيتها من شعبها، والحرج الذي يمكن أن تقع فيه من باقي الشعوب الإسلامية، نظرًا لمكانتها كدولة إسلامية مركزية، وكونها تضم المقدسات الإسلامية، لكن هذا لم يمنعها من التمهيد لهذا التطبيع عبر وسائل التواصل الاجتماعي. فمنذ إعلان تطبيع الإمارات مع “إسرائيل”، لم تنقطع حملات “الذباب الإلكتروني السعودي” في تهيئة المجتمع السعودي لخطوة تطبيع مماثلة، يظهر ذلك جلياً من انتشار الهاشتاقات المؤيدة لتطبيع الإمارات، وإبداء الرغبة في تطبيع السعودية أيضًا.

وما يجعلنا نُرجح أن المملكة السعودية تقف الأن بالدور انتظارًا لتطبيعها مع “إسرائيل” في نهاية المطاف بعد تطبيع كافة دول الخليج، هو ما أعلنه الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، من أنه قد بدأ محادثات وحوارات جادة مع ملك السعودية “سلمان بن عبدالعزيز”، لتطبيع العلاقات مع “إسرائيل”، وأكد ترامب، عن اعتقاده بأن السعودية ستنضم قريبًا للتطبيع. لكن بنفس الوقت نشرت تقارير على وسائل إعلامية إسرائيلية، بأن العاهل السعودي ما زال يعارض عملية التطبيع مع “إسرائيل”، في الوقت الذي يبدي نجله “محمد بن سلمان” انفتاحًا كبيرًا على موضوع التطبيع، وهذا ما يحمل خطورة قيام أبنه بحماقة للتخلص من أبيه لفتح طريق التطبيع على مصراعيه.

مهنئون ومندّدون لخطوة التطبيع البحرينية؟

كان عبد الفتاح السيسي على رأس المهنئين العرب لقيادة البحرين على خطوتها التطبيعية، ووصف السيسي، خطوة التطبيع البحرينية، بأنها خطوة مهمة لإرساء الاستقرار والسلام. لحقت سلطنة عمان والإمارات بقائمة المهنئين للبحرين على خطوتها التطبيعية، واعتبراها “خطوة مهمة لتعزيز الأمن والازدهار في المنطقة”.

بالمقابل كان هناك من هو منزعج من خطوة التطبيع، فالسلطة الفلسطينية، أعلنت عن رفضها واستنكارها الشديدين واعتبرت هذه الخطوة بمثابة “خيانة للقدس والأقصى والقضية الفلسطينية”. وهذه السلطة كانت قد طبعت مع الصهاينة منذ عام 1993، وتتعاون مع الكيان الصهيوني أمنيًا ضد شعبها الفلسطيني منذ ذلك التاريخ، ومن المفارقات المضحكة، أن السلطة الفلسطينية تسحب سفيرها من المنامة اعتراضًا على خطوة التطبيع، لترجعه إلى فلسطين المحتلة من قبل “إسرائيل”.

كما نددت تركيا بخطوة التطبيع البحرينية، وأبدت قلقها الشديد منها لأنها تتعارض مع مبادرة السلام العربية وتعهدات منظمة التعاون الإسلامي. ولا أعلم هل راعت تركيا تلك المبادرة العربية للسلام في الوقت الذي لا تزال تحتفظ بعلاقات دبلوماسية مع ” إسرائيل”؟ نفس الحال بالنسبة للأردن التي قال وزير خارجيتها بأن على “إسرائيل”، تحقيق السلام العادل من خلال وقف إجراءاتها التي تقوض حل الدولتين، وتنهي الاحتلال اللاشرعي للأراضي الفلسطينية، وتلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. ولا نعلم لماذا لم تراعي الاردن تلك المعايير عندما أقدمت على فتح علاقة دبلوماسية مع إسرائيل منذ عام 1994؟

نفس الحال بالنسبة لإيران التي لولا تحدياتها التي فرضتها على منظومة الأمن العربي، لما وجدنا هذه الهرولة من الأنظمة العربية للتطبيع مع “إسرائيل”.

وفيما يبدو إننا نعيش زمن التخاذل والانهزام للأنظمة العربية، وأن هذه الأنظمة في الوقت الذي تحس بالخطر من سقوطها، تبدي الاستعداد للتنازل عن كل الثوابت العربية والإسلامية، حتى تستمر بالحكم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق