تقارير

“بن زايد” دليلُ “إسرائيل” إلى سقطرى في باكورة خدماته لها في المنطقة

خاص – مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث

يُحكى أن هناك شخصية عربية، اعتبرت رمزًا للخيانة، وعنوانًا لها، هي شخصية “أبو رغال”، وكانت العرب ترجُم قبر هذا الخائن في كل موسم حج بعد انتهائهم من إداء مراسيم حجهم، واستمر هذا التقليد حتى ظهور الإسلام. لكن اسم هذا الرجل خلدته العرب حتى باتوا يطلقونه على كل من خائنٍ لوطنهِ وقومهِ ودينهِ.

وأبو رغال هذا، هو من عمل كدليل لأبرهة وجيشه ليصل بهم إلى مكان الكعبة حيث أن أبرهة كان يريد هدمها، وفي الوقت الذي رفضت العرب جميعًا أن يدلوا أبرهة على طريقها، كان أبو رغال هو من الوحيد الذي تطوع لخدمة هذا الغازي.

وعلى ما يبدو أن لكل عصرٍ أبو رغاله، ويفترض على العرب أن يعيدوا سنة رجم أخوان أبو رغال من جديد، على ما فعل وعلى ما سيفعل. وأبو رغال عصرنا اليوم هو “محمد بن زايد”، فهو اليوم يقوم بمقام الدليل لعدو الأمة نتنياهو وجيشه الصهيوني للتوغل بأرض العرب، كما فعل أبو رغال فيما سبق. ورغم أن هناك الكثير من أشباه “بن زايد” في خيانتهم لقومهم وعروبتهم ودينهم، إلا أن الأخير فاقهم في عرض نفسه ليتبوأ المكان الأكثر فاعلية في خدمة الصهيونية وتمكينها من أرض العرب والمسلمين.

الصهاينة تطأ اقدامهم أرض سقطرى بمساعدة “بن زايد”

وبعد أن توصلت أبوظبي و”تل أبيب”، في 13 أغسطس/ أب من هذه السنة، إلى اتفاق تطبيع بينهما، وإقامة علاقات دبلوماسية علنية، سيتم التوقيع عليه في البيت الأبيض، منتصف الشهر الجاري، بغد سنوات طويلة من التطبيع السري. تناقلت وسائل الاعلام خبر عزم إسرائيل وبمساعدة من “بن زايد”، على بناء قواعد تجسس استخباراتية في جزيرة سقطرى، تلك الجزيرة اليمنية ذات الأهمية القصوى في موقعها، والغنية في مواردها، وبحسب موقع “ميدل إيست مونيتور” وصحيفة “اسرائيل اليوم” فقد اتخذت إسرائيل والإمارات، كافة استعداداتها اللوجستية لإنشاء القاعدة الاستخباراتية، لغرض جمع المعلومات في عموم خليج عدن، ومنطقة باب المندب وجنوب اليمن، إلى جانب منطقة القرن الأفريقي، وكذلك الحركة البحرية والجوية في جنوب البحر الأحمر. وقبل أيام كشفت منظمة (ساوث فرونت) عن مصادر عربية وفرنسية أن إسرائيل والإمارات العربية المتحدة ستنشئان بنية تحتية لجمع المعلومات الاستخباراتية العسكرية في جزيرة سقطرى اليمنية، وأن وفدا من الضباط الإسرائيليين والإماراتيين قاموا مؤخرا بزيارة الجزيرة وفحص عدة مواقع لإنشاء مرافق الاستخبارات المخطط لها. يُذكر أن القوات الإماراتية، كانت قد سيطرت على أجزاء من جزر أرخبيل سقطرى في خضم الحرب الدائرة في اليمن، ثم أكملت سيطرتها وبمساعدة مما يسمى المجلس الانتقال الجنوبي الانفصالي، على كامل جزر الأرخبيل.

أهالي سقطرى يرفضون التطبيع مع “إسرائيل”

لم تمر تلك الخطوات الإماراتية وتسهيلاتها للكيان الصهيوني في الدخول إلى سقطرى بدون اعتراضٍ من أهالي تلك الجزيرة، وقام أبناء مركز “قبهاتن” غرب جزيرة سقطرى، بتنفيذ وقفة احتجاجية رفضاً لخطوات إنشاء قواعد عسكرية تابعة للكيان الإسرائيلي ووكلائهم، مؤكدين “بأن التطبيع مع الكيان الصهيوني يعد خيانة لقضية الأمة العربية والإسلامية”. وطالب المحتجون بعودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل انقلاب الانتقالي.

وفي السياق، حذر شيخ قبلي في محافظة سقطرى هو الشيخ عيسى بن ياقوت السقطري، من انتزاع الجزيرة من السيادة اليمنية وألحاقها بالإمارات، وقال: “إن السعودية والإمارات تقومان بإحداث تغييرات ديموغرافية في سقطرى، من خلال جلب سكان من خارج الجزيرة والعمل على تدمير معالم البيئة وإنشاء معسكرات في المحافظة دون حسيب أو رقيب، وصولاً إلى إدخال الكيان الإسرائيلي لتربتها الطاهرة”.

ما الغرض الذي تبتغيه الامارات من جلب “إسرائيل” إلى سقطرى؟

إن مساعي الإمارات في جلب حلفائها القدماء الجدد من الإسرائيليين إلى أرخبيل سقطرى، تبتغي من خلاله لانتزاعه من اليمن وتحويله إلى أرخبيل تابع لها، وإن تأسيس قواعد إسرائيلية في هذه الجزيرة، سوف يقوى حمايتها من أي تحدي عسكري محتمل من أعداء الإمارات، سواء كانت طرفًا محليًا كالحكومة الشرعية والشعب اليمني وقواه الفاعلة، أو طرفًا دوليًا كتركيا التي لديها نفوذ كبير في حوض البحر الأحمر، وكل هذا الأمر يتم بتواطؤ سعودي واضح ومكشوف للعلن، فقد قدمت السعودية تسهيلات مباشرة لمليشيا المجلس الانتقالي التابع للإمارات لكي يسيطر على سقطرى في 19 يونيو/ حزيران الماضي.

يُذكر أن الإمارات كانت عرابة للعلاقات الجديدة التي نشأت بين المجلس الانتقالي وبين إسرائيل، حينما كشفت صحيفة إسرائيلية، يوم 21 يونيو/ حزيران من هذه السنة، عن أصدقاء دولة إسرائيل السريين والذين وصفتهم بـ”الجدد” في اليمن، وقالت الصحيفة في مقال تحت عنوان “الصديق السري الجديد لإسرائيل في اليمن”، إن المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا لديه موقف إيجابي تجاه إسرائيل، ونقلت الصحيفة عن مصادر إسرائيلية قولهم إن “إسرائيل على اتصال بالحكومة الجديدة في جنوب اليمن (المجلس الانتقالي) من خلف الكواليس.

الشرعية اليمنية تتحمل مسؤولية ما يجري في سقطرى

وتتحمل الشرعية اليمنية الممثلة بالرئيس عبد ربه هادي منصور، بالإضافة إلى الحكومة اليمنية، المسؤولية الكاملة عن تردي أوضاع الجزيرة، وباقي أراضي اليمن، بسبب القيادة الرخوة لهما، مما سبب إطلاق يد السعوديين والإماراتيين في سقطرى وباقي أراضي اليمن، حتى باتوا يتصرفون وكأن اليمن أرضهم والبلاد بلادهم، ويتصرفون عكس ما جاءوا من أجله من دعم للشرعية اليمنية وتوحيدٍ لليمن كما كانوا يدعون.

والسؤال هنا، لماذا هذا الصمت من قبل الحكومة الشرعية والرئيس الشرعي اليمني عما يجري في جزيرة سقطرى، أن هذا الصمت ليلقي شكوكًا كثيرةً عن حقيقة توجهات الرئيس اليمني وما يريده، ومدى جديته بحماية الشرعية اليمنية من الانفصاليين، سواءً كانوا في الشمال أو في الجنوب، وما هو موقف هذه الشرعية من الدول التي أصبحت أقرب إلى أن تكون دول احتلال، لا دول إنقاذ لليمن. وفي ظل هذه الأوضاع والانبطاح الذي تمارسه الحكومة اليمنية ورئيسها الشرعي، فأن الشكوك تحوم حولهما، من أن تكون الدولة اليمنية الحالية، هي الدولة التالية بعد الامارات في تطبيعها مع الكيان الصهيوني، لا سيما وهي تعيش في فنادق الرياض. والحجج في ذلك ستكون جاهزة لتبرير هذه الفعلة، مثل حجة محاربة الحوثيين المواليين لإيران، والتعاون والتحالف مع إسرائيل ضد إيران وحلفائها الحوثيين، وغيرها من الحجج الجاهزة.

وإذا كانت اليوم جزيرة سقطرى هي المنطقة الأولى التي تُدخل الإمارات صديقتها إسرائيل إليها، فما هي المناطق القادمة التي ستدخلها إليها مستقبلًا؟ هل ستكون كردستان العراق هي التالية أم الصحراء المغربية؟ أو لنقل ربما تكون نيوم في السعودية هي المنطقة التي ستحتضن الإسرائيليين قريبًا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق