تقارير

ترف وبذخ بن سلمان.. حقيقة أشبه بالخيال

خاص – مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث

غريبٌ هو التصرف الذي يقوم به بن سلمان من ناحية إسرافِه وبذخهِ على ملذاته الشخصية، منذ بروزه للأضواء عام 2015 حتى الأن، بدلًا من أن يكون مقتصدًا ومقلًا في انفاقه على شؤونه الخاصة، ذلك لأنه يعتبر نفسه قائدًا لحملة مكافحة الفساد والمفسدين في المملكة.

حينما تسلم بن سلمان منصب ولي العهد، أعلن ما أسماها بالحرب على الفساد، بدأ من أقربائه أمراء العائلة المالكة، بالإضافة إلى كبار التجار ورجال الأعمال. رافقتها دعائية إعلامية كبيرة تعكس توجهات ولي العهد الإصلاحية. لكن واقع الحال يقول غير ذلك، فولي العهد الذي كان يحتجز الأمراء، وأغنياء السعودية وتجارها في فندق ريتز كارلتون، كان يريد مساومتهم على ما يملكون، لقاء حريتهم وإطلاق سراحهم، وقدر مراقبين بأن بن سلمان جنى من هؤلاء ما قيمته 50 إلى 100 مليار دولار. كان شباب المملكة متحمسًا وينتظر من ولي العهد الجديد، البدء بعهدٍ جديد، يتم فيه الضرب بيدٍ من حديد على أيدي المسرفين والمبذرين والسارقين للمال العام، وعدم التمييز في ذلك بين أمير ومواطن. لكن أولئك الشباب وجدوا أنفسهم أمام حوت فساد أكبر من جميع المفسدين الذين سبقوه.

كل هذه المشاعر التي داعبت عقول شباب المملكة بغدٍ جديد مليء بالعدل والنزاهة، كان يصطدم بما يدور في الخفاء وتفضحه الصحف العالمية، وبدأ شباب المملكة يتساءلون، هل بن سلمان هو مجدد لروح الدولة السعودية، أم انه لا يختلف عمن سبقوه في الفساد والدكتاتورية؟ وهل كان بن سلمان يريد من حملته “الإصلاحية” ذر الرماد في العيون، وجني ما يستطيع من أموال الامراء ورجال الاعمال؟  وهل هو جاد في مواجهة الفساد، لا سيما وأن الصحف الأمريكية والغربية، تنشر بين الحين والأخر، تقارير توضح مدى تبذير وبذخ بن سلمان غير المسبوق.

ففي هذا الشأن، نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، أن ولي العهد أنفق 50 مليون دولار، على احتفال له بمناسبة توليه ولاية العهد. الأمر الذي جعل مواطني المملكة لا يثقون كثيرًا ولا يصدقون الحملات الدعائية التي تُروج لصالح بن سلمان، على أنه راعي وقائد حملات مكافحة الفساد، وأدركوا أن هذه الحملات مما هي إلا إجراءات يقوم بها لتأكيد سلطته وإزاحة منافسيه عن طريقه.

فيما يرى بعض المراقبين بأن حملات ما يسمى بـ “مكافحة الفساد” التي يقوم بها بن سلمان، لا تعدو أن تكون مجرد محاولات لصرف النظر عن سوء الأوضاع الاقتصادية التي تشهدها المملكة بسبب بذخه الجنوني وسياساته المالية غير الحكيمة، رافق ذلك انخفاض أسعار النفط لمستويات قياسية، بسبب أزمة جائحة كورونا، التي عطلت الأعمال ونموها، واضطرار المملكة لإلغاء زيارات العمرة وموسم الحج، وبالتالي، أفقد ميزانية المملكة إيرادات ضخمة، ما جعلها تُصدر السندات الحكومية لتغطية النفقات وسد العجز المالي الهائل. بالإضافة إلى مضاعفة الضريبة من 5 إلى 15% دفعة واحدة، ووقف بدل غلاء المعيشة الذي تصرفه الحكومة شهريا لمواطنيها التقاعدين وأصحاب الضمان الاجتماعي.

بن سلمان يبالغ بالإسراف ويتهم الآخرين به

وفي الوقت الذي تتوالى الأخبار عن الاسراف الذي يقوم بن سلمان من المال العام، يقوم باتهام الاخرين به. مؤخرًا أعلنت السلطات السعودية عن إعفاء قائد حرس الحدود، بالإضافة إلى 5 مسؤولين بارزين من مناصبهم وإحالتهم للتحقيق بسبب “شبهات فساد” متعلقة بأحد أكبر المشاريع السياحية لمحمد بن سلمان.

وفي وقت سابق، كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، بعض الجوانب الخفية من حياة محمد بن سلمان، وسلطت الضوء على ما شهده منتجع “فيلا برايفت أيلاند” في جزر المالديف، حيث رست قوارب تُقل 150 امرأة من البرازيل وروسيا ودول أخرى، وبعد فحصهن من الأمراض المنقولة جنسيًا، تم نقل كل واحدة منهن إلى فيلا خاصة بها، لقضاء مدة تربوا نحو شهر في ضيافة بن سلمان وأصدقائه. كما حضر المنتجع معني الراب الأمريكي بيتبول، والنجم الكوري ساي لتقديم عروضهما. في حين مُنع الموظفين من جلب جولاتهم المزودة بالكاميرات. لكن بعد أن تسرب الخبر لأحدى الصحف الأوروبية، ألغى بن سلمان رحلته الترفيهية بعد أسبوع من بدئها.

وفي تلك الاثناء، أوردت صحيفة نيويورك تايمز خبر أقدام بن سلمان، على شراء أغلى منزل في العالم يقع في فرنسا، وهو قصر الملك لويس الرابع عشر، الواقع قرب باريس، بقيمة 300 مليون دولار، وهو قصر في غاية الترف والبذخ، حيث ذكرت الصحيفة، بأن مساحة القصر تبلغ أكثر من 23 ألف هكتار، إي ما يعادل نصف مساحة دولة الفاتيكان، وتحيط به طبيعة خلابة، وتتوسطه نافورة مطلية بالذهب، وغيرها من الأمور الترفيه.

رافق ذلك أيضًا نوع أخر من الصرف الجنوني على مقتنيات في غاية الغلاء، في قت يعاني منه اقتصاد المملكة من تدهور خطير، فقد كشفت صحيفة نيويورك تايمز عن أن محمد بن سلمان اشترى لوحة “المخلّص” للفنان الإيطالي الشهير ليوناردو دافنشي مقابل 450 مليون دولار أواخر 2017، إي إنه أشترى لوحة لا يفهم منها شيئًا، بمبلغ يصل لنصف مليار دولار.

وقبلها بسنة، قام بن سلمان وبحسب ما أعلنته صحف غربية، شراء يختًا تبلغ قيمته 550 مليون دولار في عام 2016، وهو يخت يصل طوله إلى 440 قدما، ويضم أحواض سباحة و12 غرفة فاخرة ومنصتين لهبوط الطائرات المروحية. ليصل مبلغ القصر واللوحة واليخت إلى مليار وثلاثمائة مليون دولار، في الوقت الذي تفرض المملكة إجراءات تقشفية كبرى على شعب المملكة.

أما في اسرافه داخل المملكة، فقد قام بن سلمان بشراء بيت في الرياض من حساب وزارة الدفاع التي كان وزيرها، كهدية لزوجته الجديدة بقيمة 300 مليون ريال. يذكر أن هذا القصر لا تزيد قيمته على 150 مليون، لكن بن سلمان أراد أن يكافأ صديقه صاحب المنزل من خلال مضاعفه سعره.

زيارات خارجية مجنونة ذات تكاليف غير معقولة

مظهر أخر من مظاهر الانفاق غير المبرر والاسراف المبالغ فيه، هي زيارات ولي العهد السعودي الخارجية، حتى يُخيل للرائي، بأنها تشبه إلى حد كبير، ما تقوم به إدارات السرك البهلوانية حينما تزور المدن التي تريد تقديم العروض فيها، فهم ينقلون كل مستلزمات اللعب واللهو بشاحنات كبيرة وكثيرة.

وبن سلمان في هذه النقطة، لا يختلف عن اسلافه الذين يقومون بفعل شيء مماثل حينما يقومون بسفرات خارج المملكة، وكأن هذا الاسراف والبذخ غير المبرر، موجود في جينات هذا العائلة يتم توارثه من جيل إلى جيل. ففي زيارته للقاهرة، أسرف بن سلمان ملايين الدولارات، وأوردت وسائل إعلامية مصرية، عن زيارة بن سلمان لمصر عام 2018، من أن هناك “مقدمة” لمحمد بن سلمان، قد سبقته بالوصول إلى مطار القاهرة. و”المقدمة” هي عبارة عن أكثر من 20 سيارة خاصة، و6 سيارات شحن لحمل الأثاث والأغراض التي سوف يستخدمها بن سلمان وحاشيته خلال فترة إقامتهم في مصر.

نفس الأمر حدث خلال زيارته إلى اسلام أباد في عام 2019، حينما فوَّضه أبيه الملك سلمان بالتوقيع نيابة عنه على اتفاقيات مع الباكستان، يصل مقدارها إلى 20 مليار دولار. لكن الزيارة أثارت جدلًا واسعًا في بين الوسائل الإعلامية بسبب ما تضمنته من مظاهر بذخ وترف وضخامة الحاشية التي رافقته. فقد سبق وصول محمد بن سلمان، إلى اسلام أباد، وصول خمس شاحنات تحمل احتياجات بن سلمان الشخصية، وحُجز له وللوفد المرافق له، فندقين خمس نجوم. وشحن 80 حاوية من الأمتعة واللوازم للتحضير للزيارة. مع وصول سيارات ولي العهد قبل يوم من وصوله إلى البلاد. وكان الوفد السعودي يضم حوالي 1100 مسؤول ورجل أعمال رافقوا ولي العهد.

ليس من حق بن سلمان تبذير أموال ومقدرات المملكة

وبعد استعراض هذا الجزء البسيط من البذخ والاسراف الذي يقوم به بن سلمان بثروات شعب المملكة، يحق لمواطني المملكة أن يتساءلوا، أين ذهبت المليارات التي جنتها المملكة من تصدير النفط؟ ولماذا لم يستفاد شعب المملكة منها طيلة العقود الماضية؟ وبأي حق يتصرف بن سلمان ومن قبله أبناء عبد العزيز وأحفاده في مقدرات المملكة وثرواتها؟ من غير حسيب ولا رقيب.

وبدلًا من أن تكون ثروات المملكة لصالح شعبها، لكي تنتشلهم من الفقر والتخلف، تحول لوسيلة لإفقار هذا الشعب وزيادة التسلط عليه، ووسيلة لزيادة ممارسات المجون والفسق لأبناء هذه العائلة المالكة. ومنع هذا الشعب من حقه في التعبير عن رغباته وتطلعاته المشروعة، وحرمانه من حقه الطبيعي في المشاركة السياسية.

ومع كل مظاهر البذخ التي يقوم بها ولي العهد وعائلته المالكة، تشير الدراسات إلى 20% من الشعب السعودي يعيشون تحت خط الفقر. مع وجود أكثر من ٧٥% من المواطنين مدينين في قروض استهلاكية طويلة الأجل. لكن ذلك لم يمنع النظام السعودي، من الصرف على مشاريع البذخ والترف، وحسب ما ذكره تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، فقد أشار إلى أن الملك سلمان أفتتح أحد قصوره في المغرب والذي كلفه عشرات الملايين من الدولارات، وهو مفعمًا بمشاعر الزهو الغرور.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق