تقارير

مرض الملك سلمان… هل بات استيلاء نجله على عرش المملكة وشيكًا؟

خاص – مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث

لم تجري العادة في المملكة السعودية، أن يُكشف عن سجلات ملوكها الصحية، ولم يسبق للملكة، أن أعلنت متى يدخلون إلى المستشفى ومتى يخرجون منها، أو أن تقدم على إحاطة عامة الناس، بالمستجدات التي تطرأ على صحة الملوك، إلى أن يحين أجلهم. لهذا السبب، جاء الإعلان عن دخول الملك سلمان إلى المستشفى لغرض اجراء عملية جراحية في المرارة، مفاجئًا لجميع المهتمين بالشأن السعودي، مما أطلق العنان لتكهنات عديدة والتي في غالبها تدور حول قرب وفاة الملك سلمان، وقرب تولي نجله محمد، العرش في المملكة.

بل ذهب بعضهم إلى اعتبار، أن الخبر برمته، ما هو إلا خطوة من خطوات محمد بن سلمان لتسريع عملية انتقال مقاليد الحكم إليه، سواء كان ذلك نتيجة لموت أبيه، نظرًا لكبر سنه ومرضه، أو أن يقوم الملك بالتنازل عن العرش لولده محمد، أو جعله وصيًا على العرش بسبب مرضه الذي سيحول بينه وبين أداء مهامه.

محمد بن سلمان يجري تغييرات قبل موت أبيه

مسألة موت الملك سلمان أو عجزه عن أدائه لمهامه كملك، يمثل تحديًا خطيرًا على محمد بن سلمان في موضوع توليه العرش بعد أبيه رغم أنه ولي العهد بشكل رسمي، لذلك فهو مشغول حاليًا في تهيئة الأجواء لانتقال سلس للعرش من أبيه إليه. كونه يعرف في حال موت أبيه بشكل مفاجئ دون أن يستعد محمد بن سلمان لذلك، فمن الممكن أن يعاند بعض الامراء من إعطاء البيعة له في ‏(هيئة البيعة السعودية)‏، الأمر الذي سيشكل خطرًا عليه ويدخله في مشاكل داخلية مع العائلة المالكة، من الممكن أن تهدد حظوظه بتولي العرش.

ولأجل هذا، قام بن سلمان باستعجال شن حملة تشويه غير مسبوقة لمنافسه السابق محمد بن نايف، وتجميع ملفات فساد لاتهامه بها، حتى يقضي على أية فرصة له في إعادة ترشيحه للعرش مرة أخرى. وكشف المغرد السعودي الشهير “مجتهد” عن خطط ولي العهد بن سلمان التي يعتزم تطبيقها تزامنًا مع مرض والده ودخوله للمستشفى، موضحًا بأنه يعتزم شن حملة اعتقالات واسعة لتصفية من يشك في أن ولائه ليس له، تشمل عددًا من الامراء وضباط الجيش والحرس والأمن بالإضافة إلى بعض المشايخ، ويضيف “مجتهد” بأن الحملة سوف تركز على شخصيات يُرجح أن يكون ولائها للأمير أحمد بن عبدالعزيز، وولي العهد السابق محمد بن نايف. بل وذهب مجتهد بعيدًا في توقعاته، حينما ذكر أن بن سلمان، يفكر أن يستجلب قوات خاصة مصرية، لتقوم بحمايته خوفًا من أي تمرد محتمل من بعض الوحدات الأمنية التي يُشك في ولائها.

توقعات بتولي محمد بن سلمان العرش قبل نهاية العام الجاري

وتشير التوقعات، بأن ولي العهد محمد بن سلمان، الذي يبدي حرصًا شديدًا على تولي العرش بأسرع وقت خلال نهاية العام الجاري على أبعد تقدير، أن لديه مخططًا لاستغلال مرض والده، ليعجل في عملية توليه عرش المملكة. كما يلاحظ عليه، إنه يحاول تولي العرش قبل اجراء الانتخابات الرئاسية الامريكية، ذلك لخشيته من عدم التجديد للرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرة ثانية في نوفمبر/ تشرين الثاني نهاية هذه السنة، لأن الأخير يمثل الراعي والحامي له من خصومه. لذلك ذهب بعض المحللين لاعتبار أن الإعلان عن دخول الملك السعودي للمستشفى بوسائل إعلام المملكة الرسمية على غير ما جرت عليه العادة في مثل هذه الحالات مع الملوك الذين سبقوه، دليلٌ على أنها خطوة استباقية من بن سلمان لتهيئة الأجواء لغياب الملك قريبًا، والإسراع بتنصيبه ملكًا على السعودية، قبل الانتخابات الأمريكية.

بن سلمان يعرف تمامًا، إنه إذا ما خسر ترامب الانتخابات وجاء مرشح الحزب الديمقراطي جون بايدن إلى سدة الحكم في واشنطن، سيكون من الصعب عليه الوصول إلى عرش المملكة. وفي هذا  الشأن غرد الكاتب محمد المختار الشنقيطي معلقًا على ادخال الملك سلمان للمستشفى: “هل بدأ ترحيل #الملك_سلمان عن قصر اليمامة، قبل رحيل #ترمب عن البيت الأبيض؟!”

هناك من يستعجل رحيل الملك غير بن سلمان

لم يكن موضوع اعتلاء عرش المملكة بعد رحيل الملك سلمان، مقتصرًا على نجله فقط، إنما هناك اهتمامًا كبيرًا بهذا الموضوع من حلفاء بن سلمان في الإمارات، وتحديدًا أولاد بن زايد، هؤلاء يتوقون لسماع خبر وفاة الملك أو تنازله عن العرش لصالح أبنه محمد بفارغ الصبر. ظهر ذلك واضحًا في تغريدات المقربين من أولئك الامراء وبالأخص محمد بن زايد، فقد غرد حسابًا باسم حمد المزروعي المقرب من بن زايد مستهزئًا بخبر دخول الملك المستشفى بالقول: ‏‏”مستعدين يا عرب‏‎”… .‎

ومن البديهي، أن رحيل الملك سلمان عن طريق موته أو تنازله عن عرشه، وتولي نجله محمد مقاليد الحكم بالمملكة، يعني وبشكل أخر، أن المملكة ومقدراتها وتاريخها ومكانتها الدينية والسياسية ستكون في يد ‏من يحرك بن سلمان حاليًا، وهو بن زايد. وفي هذا الشأن يقول الكاتب البريطاني ديفيد هيرست في تقرير نشره على موقع ‏‏“ذي ميدل إيست آي” أن ‏محمد بن زايد سيبذل قصارى جهده للسيطرة على المملكة، ونقل قوتها ‏ومكانتها ليده لتحقيق أحلامه وطموحاته التوسعية‎.‎

سيناريو تنازل الملك سلمان عن العرش لصالح أبنه محمد هو الأقوى

إن ما يعزز فرضية تنازل الملك سلمان عن العرش لصالح نجله محمد، أو أن يجعله وصيا على العرش، هي فرضية ممكنة رغم أن لا أحد من ملوك السعودية السابقين قد فعلها. والسبب الذي يجعل مثل هذه السيناريو محتمل الحدوث، هو أن المملكة وفي ظل سيطرة بن سلمان المطلقة على مقاليد الأمور في المملكة، تم تجاوز خطوط حمراء عديدة فيها، على سبيل المثال، اعتقال الامراء والعلماء والمفكرين، وتهميش المؤسسة الدينية وفتح مرافق اللهو والترفيه، والدخول في حرب كارثية في اليمن، وجميع تلك الاجراءات كانت من المحرمات في المملكة سابقًا. وعلى هذا الأساس، فليس مستبعدًا أن يقوم محمد بن سلمان، بالضغط على أبيه لإجباره على التنازل عن العرش لصالحه.

كما أننا نجد أن محمد سلمان حاليًا، في سباق مع الزمن حتى يصل إلى عرش المملكة، نتيجة الظروف التي تمر بها المملكة من مرض الملك ودنو أجله، واقتراب الانتخابات الرئاسية الامريكية، ولا أحد يستطيع أن يضمن فوز ترامب بالرئاسة مرة أخرى، وسيكون محمد بن سلمان في مهب الريح إذا ما خسر ترامب الرئاسة. فهو اليوم بحاجة لانتقاله سريعة للحكم لصالحه خشية فوات الأوان وتغيير المشهد السياسي في المملكة والولايات المتحدة الأمريكية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق