تقارير

تخبط السلطات السعودية في تعاملها مع الارتفاع الحاد بأعداد الإصابة بفيروس كورونا .. هل ستفقد المملكة السيطرة على الوباء؟

خاص – مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث

في تطور لافت طرأ على أعداد الإصابات بفيروس كورنا وأعداد الوفيات الناجمة عنها في المملكة العربية السعودية، تحدثت وزارة الصحة السعودية، عن أرقامًا جديدة بيَّنت أعداد الوفيات حتى يوم الاثنين الماضي 15/6/2020‏ قد وصلت إلى 39 وفاة، لتتخطى حاجز الألف، وتصل إلى 1011 وفاة، فيما تخطت أعداد الإصابات بالفيروس في اليوم ذاته، حاجز الأربعة آلاف اصابة يومية لتصل إلى 4507 إصابة، لكن في اليوم الذي تلاه الموافق يوم الثلاثاء 16/6/2020، أعلنت وزارة الصحة، تسجيل 4267 إصابة، مع 41 وفاة. ليصبح المجموع العام لأعداد الإصابات بالمملكة هو 136315 إصابة مع 1052 وفاة، ما يعتبر أعلى معدل يومي منذ بدء تفشي الوباء في البلاد.

إن تكرار تسجيل عدد أصابات يفوق الأربعة آلاف يوميًا، لليوم الثالث على التوالي، ينذر بخطر كبير ويجعل الأبواب مفتوحة لسيناريوهات صحية خطيرة وكارثية يمكن أن تلم بالمملكة، لا نعلم إلى إي مدى تصل بالأيام المقبلة. وبالرغم من إن السلطات السعودية كانت قد أعادت تشديد إجراءاتها الصحية الاحترازية على مدينة جدة فقط، للحد من تفشي الوباء على اعتبارها أحدى أكثر المدن التي تشهد إصابات بالفيروس، إلا أن ذلك، لم يمنع زيادة حالات الإصابة فيها، وهي المدينة التي تعتبر بوابة المسافرين لإداء مناسك الحج والعمرة.

السلطات السعودية ترغب بعودة الحياة إلى طبيعتها

يذكر أن مدن مثل مكة المكرمة والمدينة المنورة والعاصمة الرياض، قد ازدادت حالات الإصابة فيها، تزامنًا مع قيام السلطات السعودية بالتقليل من الإجراءات المشددة على التنقل بين المدن السعودية. كما إن السلطات السعودية تعتزم الدخول في ما يسمى بالمرحلة الثالثة من ‏خطة التعايش مع كورونا التي أعلنتها الشهر الماضي، والتي تقضي بعودة الحياة الطبيعية إلى ما ‏كانت عليه قبل الوباء. ولا يفصل بيننا وبين الدخول لهذه المرحلة سوى أقل من أسبوع.

في الوقت الذي رفض المتحدث الرسمي لوزارة الصحة السعودية محمد العبد العالي، الإجابة عن سؤال خلال مؤتمره الصحفي عن سبب إلغاء المؤتمر اليومي الذي كانت تعقده الوزارة وجعله ثلاث مرات اسبوعيًا فقط، وإذا ما كانت لها علاقة بحالة الهلع التي تعتري المواطنين السعوديين، وانعكاس ذلك في الاحاديث التي يتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي. لكنه اكتفى بالحديث عن استمرار تطبيق خطة التعايش والعودة الحذرة، وصولاً إلى الانتقال إلى المرحلة التالية التي تبدأ في 21 يونيو/ حزيران الحالي، ‏لكنه في الوقت ذاته، قال أن ارتفاع معدل العدوى أمرًا مبررًا بسبب استمرار الأفراد بعدم التقيد ‏والالتزام بالإجراءات الصحية، في محاولة منه للاستمرار في تحميل المواطنين والمقيمين، المسؤولية المباشرة عن ارتفاع اعداد الإصابات ‏بالفيروس، وجاء كلام المتحدث باسم وزارة الصحة السعودية، ليتناغم مع توجهات السلطات السعودية في تبرئة نفسها وتحميل المواطن سبب انتشار الفيروس، قائلًا: ‏‏”أمامنا مسارين. قد ‏يرتفع هذا المعدل وترتفع العدوى ويرتفع الانتشار إذا واصل أفراد ‏المجتمع عدم تقيدهم وعدم حذرهم”. بل أن إحدى الوسائل الإعلامية الرسمية، أتاحت لمذيعيها للخروج عن ‏النسق المعتاد لنشرات الأخبار، والبدء بتوجيه اللوم والعتب المباشر إلى سكان العاصمة، أثناء ‏مطالبته الضمنية بالتزام التعليمات الوقائية.‏

90% من الإصابات تتركز بخمس مدن

ووفق ما نشرته صحيفة الرياض السعودية يوم الاحد 14/6/2020، نقلًا عن المتحدث ‏باسم وزارة الصحة، فأن مدينة الرياض لوحدها قد شهدت 1735 إصابة يوم الاثنين ‏الماضي، مؤكدًا على إن 90 % من حالات الإصابة تتركز في مدن الرياض ومكة المكرمة ‏‏والمدينة المنورة والمنطقة الشرقية بالإضافة لمحافظة جدة.‏ ودعا مغردون عبر “تويتر” إلى تشديد الإجراءات في الرياض، حيث غرد حساب “فارس العيد” عن حجم انتشار الوباء خاصة في مدينة الرياض قائلًا: ‏‏”كنا في السابق نسمع عن #كورونا_السعوديه وكأنه شي خيالي ، لقلة الإصابات. والان لا ‏يخلو أحد إلا بمعرفة أشخاص أو عوائل أصيبوا به” أتكلم عن الرياض ” اللهم لطفك ‏وحفظك لكل من نحب. وشفاؤك لكل مصاب.”‏

ومن الأمور التي تدعوا للقلق، أن الزيادة في أعداد الإصابات والوفيات جراء فيروس كورونا، تتوافق مع اقتراب موسم الحج، الذي لا يفصلنا عنه سوى بضعة أسابيع، ومع ذلك فأن السلطات السعودية مترددة حتى الان، في اتخاذ قرارٍ بشأنه، إن كانت ستلغي هذا الموسم أم تبقي عليه.

مع تحميلها المواطن المسؤولية السلطات السعودية تبث التطمينات

الأغرب من ذلك، إن السلطات السعودية ورغم تحميلها المواطن مسؤولية تفشي الوباء في المملكة، إلا أنها لم تكف عن بث التطمينات واخفاء الحقائق، بل وحتى اختلاق الأكاذيب عن الوضع الصحي بالمملكة. مؤخرًا، قامت السلطات السعودية، بالإعلان عن نهاية قريبة لجائحة كورنا رغم أرقام الإصابات الكبيرة التي تشهدها المملكة، جاء ذلك على لسان وزير ماليتها محمد الجدعان، حينما قال، أن أزمة فيروس كورونا، قد تستمر لعدة أشهر أو قد تطول كحد أقصى إلى نهاية العام الجاري، وستعود الأمور إلى مجاريها السابقة. ولا يعلم أن المعدل التصاعدي الحالي لأعداد الإصابات والوفيات في المملكة، ربما سيجعل هذا الفيروس يستوطن المملكة لوقت طويل، إذا لم تُتخذ التدابير الصحية بطريقة صحيحة من قبل السلطات السعودية. ولربما إذا استمر الحال بهذا المعدل، سوف تفقد المملكة قدرتها على السيطرة على هذا الفيروس بالنهاية.

وفي هذا الأمر، أدلى المتحدث باسم وزارة الصحة بدلوه في مسألة التهوين من أمر الفيروس، بين أوساط المواطنين وأختزل جميع الإجراءات الواجب اتخاذها، على موضوع  واحد فقط، هو التباعد الاجتماعي، وهو ما يعتبر استهتارًا بأمر خطورة الفيروس.‏

وبالتأكيد لم يشير المتحدث الحكومي إلى تقصير حكومته في توفير المستلزمات الأساسية لمواجهة هذا الوباء، من مثل توفير الكمامات التي تعتبر أمرًا اساسيًا في الإجراءات الاحترازية، حيث قامت السلطات السعودية استجابة لعجزها عن توفير الكمامات الطبية للمواطنين، بالسماح باستخدام الكمامة القماشية، أو حتى تغطية الفم والأنف باستخدام “الشماغ”، والاكتفاء بالنقاب بالنسبة إلى المرأة، الأمر الذي يثبت العجز الكبير للسلطات السعودية في التعامل مع الجائحة. يذكر أن هيئة الدواء السعودية قالت، أنها تلقت أكثر من 14 ألف بلاغ، عن عدم توفر الكمامات خلال الأسبوعين الماضيين، مع تزايد الطلب بشكل مستمر.

انتقادات من ناشطين على مواقع التواصل

هذا التخبط من قبل السلطات السعودية في التعامل مع جائحة كورونا، دفع بعض المغردين لانتقاد سياستها الصحية، حيث غرد حساب أبومشاري متسائلًا ومنتقدًا لتلك الإجراءات بالقول: “كانت ‏الارقام لا تتجاوز ٢٠٠ ومع ذلك كان الحجر كامل لعدد من المدن واقفلت المساجد والمولات ‏والاجتماعات والمدارس، وبعد ان زادت الحالات وتجاوزت مؤخرا اكثر من ٣٠٠٠ حالة في ‏اليوم فتحت فيها المساجد و المولات والمحال وكافة الأنشطة .. وش السالفة من يفهمنا؟”‏

أما حساب “د. صخر القحطاني” فقد أنتقد التساهل بالإجراءات الصحية وبالأخص من رجال ‏الامن والموظفين قائلًا: “من أسوأ المناظر عندما ترى نسبة كبيرة من الموظفين والأطباء في ‏مستشفى حكومي يلبسون الكمامات من تحت الأنف وموظفي الأمن والاستقبال من غير ‏كمامات، ما الانطباع الذي يتركه هؤلاء على المراجعين؟ تحية للمسؤولين”‏

وفي ظل هذا التخبط الحكومي في التعامل مع انتشار فيروس كورونا، يبقى السؤال المطروح، هل الحكومة السعودية، جاهزة بعد أقل من أسبوع، على تنفيذ خطتها لإعادة الحياة إلى وضعها الطبيعي كما تدعي، ومن يرى أعداد الإصابات والوفيات يجد أن المملكة بإصرارها على اعادة الأنشطة الحياتية إلى سابق عهدها بالمملكة، كالذي يُقدم على انتحار جماعي، سيذهب ضحيته مواطني المملكة ومقيميها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق