تقارير

بن سلمان يعتقل مدير مكتبه… ما أسباب ذلك؟

خاص – مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث

في ظل سيادة الأجواء البوليسية التي تعيشها المملكة السعودية هذه الأيام، فإن تكرار حوادث الاخفاء والتغيّب لبعض الشخصيات المهمة من الساحة بشكل مفاجئ، لم تعد من الأمور الغريبة، بل باتت مسألة اختفاء واعتقال ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي، والمواطنين البسطاء الذي ساقهم حضهم العاثر بإبداء رأيٍ أو التصريح بكلامٍ يمس السلطة الحاكمة، أصبح من الأمور المألوفة. لكن الجديد في هذه الأيام، هو أن تطال حالات الاخفاء والتغيّب أو الاعتقال، أشخاص كانوا حتى وقت قريب، يعتبرون من رموز النظام، والمساعدين الأساسيين لأبن سلمان في كل أعماله.

حيث لم تعد تقتصر حالات الاخفاء والتغيّب على أشخاص معارضين للنظام السعودي، أو معارضين لحملة التغريب التي يقودها ولي العهد محمد بن سلمان في المملكة، إنما بدأت عمليات الاعتقال تطال أشخاصاً يُعتبرون من أهم أذرع النظام السعودي، والمساعدين الحقيقيين لابن سلمان في تنفيذ كل عملياته الاستخباراتية السرية. وفي هذا الشأن، تداول عدد من ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي، خبر اختفاء شخصية بارزة ومقربة لابن سلمان، هو مدير مكتبه “بدر العساكر”، الشخصية المهمة ذات البعد الاستخباراتي، والذي يعتمد عليه بن سلمان في تنفيذ الكثير من القضايا السرية.

“العساكر” ذُكر اسمه في قضية التجسس على ناشطين معارضين، واتهم بالعمل على تجنيد موظفين في شركة تويتر واستخدامهم للتجسس على مطلوبين للملكة، كما ورد أسمه في قضية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، وأنه الشخص الذي كان يتواصل مع قاتليه في القنصلية السعودية في إسطنبول، لكن مع ذلك لم توجه له أية تهمة بالقضية. وبالتالي فأن مثل هكذا شخصية تعتبر كنز معلومات وكاتم سر بن سلمان، ولديه كل اسرار العمليات السرية التي أقدم عليها بن سلمان ضد معارضيه، ومسألة اختفائه لن تكون بالأمر السهل، إلَّا إذا كان هذا الاختفاء أو “الاعتقال” بأمر من محمد بن سلمان نفسه، مع  مراعاة أن بن سلمان لا يقدم على مثل هذه الخطوة اعتباطًا، إلَّا إذا اقترف “العساكر” عملًا كبيرًا يستحق هذا الجزاء، أو إنه أصبح ورقة محروقة، ضرره أكثر من نفعه، وبالتالي فأن بن سلمان يريد إخفائه واخفاء كل الشهود على جرائمه، لكي يبدأ بصفحة جديدة لا شهود فيها على جرائمه.

مغردون يتكهنون بأسباب اختفاء “العساكر”

تداول خبر اختفاء “بدر العساكر” بمواقع التواصل، أجبر السلطات السعودية على تنشيط حسابه على تويتر، وكتابة وارسال تغريدة من حسابه، في يوم 8 من الشهر الجاري، بعد توقف دام أكثر من شهر، وهو الذي كان معروفًا بحسابه النشط وتغريداته المستمرة. لكن هذه التغريدة اليتيمة جاءت بنتائج معاكسة لما كانت ترجوه السلطات السعودية، وألهبت مواقع التواصل، بسيل من التغريدات التي استغربت من هذه التغريدة اليتيمة وموضوعها عن (عدم الإحساس بالنعمة نتيجة الاعتياد عليها)، وأطلقت العنان لعدد كبير من التغريدات التي تتكهن بالأسباب التي دعت السلطات تغرد من حسابه، فما كان من السلطات السعودية، إلَّا أن نشرت ستة تغريدات من حسابه في يوم واحد هو العاشر من الشهر الجاري، ثلاث منها هي إعادة تغريد لتغريدات الأمير خالد بن سلمان، والتغريدات الثلاثة الباقية، لم تكن من ضمن الخط العام لتغريداته السابقة، الأمر الذي زاد من الشك بأن “العساكر” لم يقم بنفسه بإرسال تلك التغريدات.

ذهبت توقعات المغردين، لتفسير الأسباب خَلفَ اختفاء “العساكر”، هو استبعاده من الدائرة المقربة لابن سلمان، مع الحرص على عدم تواجده إعلاميًا بشكل فاعل. لكنّ مصادر من المعارضة السعودية، أفادت لوسائل أعلام عربية، بإنّ “العساكر” معتقل حاليًا، مع عدد من أمراء الأسرة الحاكمة‎، وأن التغريدات الحديثة التي كُتبت بعد إثارة موضوع اختفائه، هو أمر قد تم استخدامه من قبل السلطات السعودية مع الداعية الشهير سلمان العودة، حينما قامت بإرسال رسائل نصية من جواله دون علمه وهو في المعتقل‎. كما نقلت صحيفة “ميدل إيست آي” عن مصادر سعودية، قولها إن “العساكر” اعتقل ‏بالفعل، دون توضيح الأسباب.  ‏في السياق، رجَّحت مصادر أخرى، إن أسباب اختفاء “العساكر”، يُمكن أن يكون خلفها، حالة الكراهية المتبادلة بينه وبين “سعود القحطاني” الشخصية البارزة والمقربة من بن سلمان، والمتهم الأساسي في حادثة اغتيال خاشقجي، وتذكر تلك المصادر، بأن “القحطاني” قد استغل تورط “العساكر” في عمليات التجسس على شخصيات سعودية معارضة، حسب ما أوردته صحيفة ‏”وول ستريت جورنال” الأميركية‏، لإبعاده عن المشهد. يُذكر أن علاقة “العساكر” والذي ينحدر من أسرة تجارية متوسطة في الرياض، بدأت مع بن سلمان عام 2006، عندما كان أبوه الملك سلمان أميرًا للرياض، وأدار العساكر بعض المشاريع التجارية ‏الخاصة بوالده الملك سلمان، قبل أن يصبح رئيساً لمؤسسة “مسك” الخيرية التابعة لمحمد بن سلمان، ثم مديراً ‏لمكتبه في منتصف عام 2017‏‎.‎ ووفقا لتقارير صحفية، فإن العساكر، هو من كان يدير استثمارات ولي العهد محمد بن ‏سلمان المثيرة للجدل، حيث ذكرت صحيفة “آيريش تايمز” الأيرلندية، إن الشركة التي ‏اشترت يختا، وقصرا، ولوحة “المخلص” لابن سلمان، كانت مسجلة باسم ثلاثة أشخاص، كان ‏أحدهم بدر العساكر.‏

تعيين “باهيري” بمنصب رئيس الشؤون الخاصة لابن سلمان

ذهب بعض المحليين السياسيين، بالإضافة إلى بعض المغردين على مواقع التواصل، حول ما يثبت أن العساكر قد تم استبعاده من منصبه، بأمر من بن سلمان، كون إن هذا الاختفاء أو الاعتقال، قد توافق مع تعيين “طراد باهبري”، رئيسا للشؤون الخاصة لابن سلمان، ليحل محله في إدارة شؤون بن سلمان الخاصة، ورغم اختلاف المسمى الوظيفي للشخصيتين، لكن المهمة واحدة، هي إدارة أعمال بن سلمان السرية.

وفي هذا الشأن، غرد حساب “مستشار الأمير محمد بن نايف” قائلًا: (تعيين “طراد سبأ باهبري” في منصب رئيس الشؤون الخاصة لولي العهد، فإن أحد أهم أسباب ذلك هو التمهيد لإزالة بدر العساكر من المشهد بعد تورطه بعمليات القرصنة والتجسس.)

لكن، هل يمكن تفسير تصرف بن سلمان في إخفاء أو اعتقال بدر العساكر، كمحاولة لعدم مثول العساكر للقضاء الأمريكي الذي يتهمه بالتجسس على شركة أمريكية؟ وهو بهذا يحاول من خلال إخفاء المشاركين بتلك الجرائم التي تمت بأوامر منه، إبعاد الشبهات عنه وعدم الزج باسمه فيها كما حصل في قضية خاشقجي؟ وفي هذا الأمر غرَّدت الإعلامية، غادة عويس قائلة: (العساكر متهم من وزارة العدل الأمريكية بتجنيد موظفين بتويتر لجمع معلومات عن المعارضين السعوديين وأحدهم #جمال_خاشقجي بتوجيهات من ولي العهد محمد ابن سلمان. وبحسب وزارة العدل الامريكية بدأ العساكر عام٢٠١٤بتجنيد موظفي تويتر لنقل المعلومات له عن المعارضين والمنتقدين السعوديين.)

أما المغرد “د. دبلوماسي قديم” فقد نوه إلى أن من عادة السلطات السعودية حينما تريد تبرير إخفاء أو اعتقال شخص ما، تقوم بتشويه سمعته، وهو أمرًا يُنتظر حدوثه قريبًا حسب تعبيره، قائلًا: (ابن سلمان يعتقل مدير مكتبه الخاص !!!! #اليد_خربانة، ننتظر حملة تخوين وتشويه سمعة ضد #بدر_العساكر إن صدق الخبر!)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق