تقارير

بالقمع والفصل التعسفي.. الإمارات تجلد نخبها لمجرد التعبير عن رأيهم

لا مكان أو صوت للمعارضة في الإمارات أو مؤسساتها، فالقمع مصير كل من يبدأ بالتعبير عن رأيه أو يرصد أي مظاهر للفساد، وهو ما حدث مع الأكاديمية الإماراتية عائشة النعيمي، التي فُصلت بشكل تعسفي من جامعة الإمارات بعد انتقادات وجهتها لها، إلى جانب مواقفها المعارضة لبعض سياسات بلادها وخاصة الإعلامية منها.

وعرف عن النعيمي، أستاذة الإعلام في جامعة الإمارات، بأنها صاحبة رأي حر ومعارض، إذ سبق أن دخلت بخلاف حاد مع رئيس قنوات أبوظبي، يعقوب السعدي، بعد انتقادها لإعلام بلادها ودعوتها إلى إعادة الاعتبار له.

ووصفت النعيمي، في سلسلة تغريدات لها غاضبة، إعلام الإمارات بأنه في وضعه الحالي ما هو إلا هدر بشري ومادي، داعية إلى تغيير الاستراتيجية المعمول بها حالياً.

وهاجمت مسؤولي الإعلام في بلادها؛ لكونهم لم يعودوا يستوعبون انتهاء دور الرقيب، وتغيير مساره وتحويله من علاقة تبعية إلى علاقة قائمة على الحوار والنقد، وضرورة تغيير بنية النظام الإعلامي.

وكتبت في تغريدة لها ضمن حملتها ضد إعلام بلادها “المهترئ”: “شيء مؤسف جداً أن يترك الإعلام المحلي إدارة الأزمات لأفراد يردون بطريقتهم الشخصية التي قد لا ترتقي أحياناً لمستوى الحدث، أو تشوه الموقف أكثر هناك”.

كما وجهت النعيمي حملة عبر حسابها في موقع “تويتر” ضد جامعة الإمارات بسبب تعيينها لمدير أجنبي لها، وعدم الاعتماد على الأكاديميين المحليين.

ولم تمضِ عدة أيام على انتقادات النعيمي للإعلام في بلادها أو إدارة جامعتها حتى جاء قرار بإنهاء خدماتها في الجامعة، وهو ما يعد سحقاً لصوت نادر خرج من نخب الإمارات ضد سياسة بلادهم.

وإلى جانب النعيمي تعرض العشرات من الناشطين في الإمارات للمضايقة والاعتقال والتعذيب في الحجز، وذلك وفق ما جاء في تقرير صدر مؤخراً عن منظمة العفو الدولية يسلط الضوء على الأساليب القمعية التي تستخدمها الحكومة على نطاق واسع من أجل إسكات منتقديها.

ويرفع التقرير المعنون: “لا توجد حرية هنا: إسكات المعارضة في الإمارات العربية المتحدة”، الغطاء عن مناخ الخوف الذي اجتاح البلد منذ عام 2011، لا سيما مع تمادي السلطات في الذهاب إلى أقصى الحدود من أجل القضاء على أية إشارة تدل على المعارضة أو النقد أو الدعوة إلى الإصلاح خلال الفترة بعد الانتفاضات الشعبية العارمة التي اجتاحت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وفي معرض تعليقها على الموضوع، قالت نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية، حسيبة حاج صحراوي: “تحت بريق واجهة الألق والروعة، ثمة جانب أكثر ظلمة تكشفت معالمه في الإمارات ويظهر هذا البلد كدولة قمعية متجذرة تتيح حبس الناشطين الناقدين للحكومة لمجرد قيامهم بنشر آرائهم على موقع تويتر”.

وتشمل قائمة المستهدفين، وفق المنظمة الدولية، محامين وأساتذة جامعات وطلاباً وناشطين من المجتمع المدني.

ويكشف التقرير الذي يصور الفرق الشاسع الذي يفصل بين الصورة العلنية التي تحاول الإمارات أن تبرزها لنفسها كدولة ديناميكية وعصرية، وقوة اقتصادية مزدهرة، وموطن الفنادق الفخمة وناطحات السحاب، ومراكز التسوق الخاصة بدور تصميم الأزياء الراقية، وبين الجانب المظلم المتمثل بواقع يشهد اضطهاد الناشطين بشكل روتيني وتعريضهم للاختفاء القسري والتعذيب وغير ذلك من ضروب سوء المعاملة.

وأردفت صحراوي القول: “لقد كان حجم القمع مرعباً، ويظهر أن العالم قد تجاهل إلى حد كبير حقيقة تعامل الإمارات العربية المتحدة بشكل مروع مع الناشطين المنتقدين لحكومتها وأقاربهم.

ولقد حان الوقت لحلفاء الإمارات في الخارج، وفق صحراوي، أن يتوقفوا عن غض الطرف عن تفشي الانتهاكات التي ترتكبها السلطات، وإعطاء الأولوية لحقوق الإنسان وليس المصالح الاقتصادية”.

بداية حملة القمع

وبدأت حملة القمع التي استهدفت المعارضة في الإمارات من سنوات، خاصة  بعد قيام مجموعة، قوامها 133 شخصاً، بتقديم عريضة إلى السلطات في مارس 2011 يدعون فيها إلى القيام بالإصلاحات السياسية ويطالبون بالحق في التصويت وانتخاب برلمان.

ومنذ ذلك التاريخ، لوحق أو حُبس أكثر من 100 ناشط سلمي ومنتقد للحكومة، على خلفية اتهامهم بارتكاب جرائم ذات دوافع سياسية تمس الأمن القومي أو تتعلق بالجرائم الإلكترونية، وفق تأكيدات المنظمة الدولية.

ويورد تقرير منظمة العفو الدولية تفاصيل تعرض هؤلاء الرجال وأفراد عائلاتهم للترويع أو الاعتقال التعسفي والحبس على أيدي السلطات.

ومن بين هؤلاء المحتجزين سجين الرأي الدكتور محمد الركن، وهو محامٍ بارز متخصص في حقوق الإنسان، ظل طوال سنوات هدفاً لمضايقات الحكومة من جراء انتقاده لسجل حقوق الإنسان في الإمارات ومطالبته بإصلاحات ديمقراطية.

ويمضي الركن الآن حكماً بالسجن 10 سنوات صدر بحقه عقب محاكمة جماعية جائرة بحق 94 ناشطاً، شابتها الكثير من العيوب، أمام دائرة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا، وهي المحاكمة التي اشتُهرت على نطاق واسع باسم محاكمة “الإمارات 94”.

وغالباً ما يُحرم المتهمون من الاتصال مع المحامين والحق في التقدم باستئناف يطعن في الحكم الصادر ضدهم.

واستندت الإجراءات في معظم القضايا إلى “اعترافات” منتزعة بالقوة من أجل إدانة المتهمين، وذلك على نحو يخالف أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان.

كما تشمل قائمة المضايقة والترهيب التي تستخدمها السلطات إجراءات من قبيل سحب جنسية الناشطين ومعاقبة عائلاتهم من خلال منعهم من الحصول على فرص وظيفية أو تعليمية.

كذلك، سبق أن وجه تقرير لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان انتقادات لاذعة لأوضاع حقوق الإنسان في الإمارات، معرباً عن قلقه من توثيق حالات “اختفاء قسري”، ومحاكمة نشطاء حقوقيين لتعبيرهم عن آرائهم، وتعذيب سجناء، وظلم العمال الأجانب، والتمييز ضد المرأة، وتبعية القضاء للسلطات التنفيذية.

منظمة “هيومن رايتس ووتش” تطرقت إلى قضاء نشطاء عديدين أحكاماً طويلة بالسجون الإماراتية إثر محاكمات جائرة.

وتشنّ السلطات الإماراتية منذ 2011، وفق المنظمة الحقوقية الدولية، حملة مستمرة على حرية التعبير وتكوين الجمعيات.

واستخدمت الإمارات- كما تؤكد المنظمة الدولية- أحكاماً ذات صياغة مبهمة وتفسير فضفاض من قانون العقوبات وقوانين أخرى في البلاد لسجن منتقدين سلميين ومعارضين سياسيين ونشطاء حقوقيين.

 

المصدر – الخيج أونلاين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق